أضيف في 17 يناير 2012 الساعة 09 : 23
أحمد أبو خليل
كنت ذات زمن حزبياً, وكنا في حزبنا نعتبر أقوال القائد لينين حقائق نهائية لا تحتاج الى برهان, بل كانت هي البرهان على غيرها, وكنا إذا اختلفنا حول أمر, وقال أحدنا إن لينين قال فيه كذا وكذا, يصمت الجميع, وينتهي النقاش لصالح من تتماثل وجهة نظره مع ما قاله لينين.
وذات مرة انتسب الى الحزب شخص في آخر العقد الرابع من عمره, وكان مثل هذا العمر يعتبر متقدماً من حيث صلاحيته لبدء الانضمام للأحزاب, إذ عادة ما كان الشباب في العشرين من أعمارهم, أي في مرحلة التكوين, ينتسبون الى الأحزاب التي قد يكبرون فيها.
حصل ذات يوم أن اختلفت مع هذا الحزبي الكهل في بداية حياته الحزبية حول أمر سياسي, كنت مسؤولاً عنه حزبياً, فقلت له ان لينين هو من قال كذا وكذا مما يؤيد موقفي, فأجابني بهدوء تام: يا أخي كل واحد حر برأيه!
أربكني جوابه كثيراً, ثم سارعت الى إنهاء المشهد وأقنعت نفسي بأن الرفيق "لم ينضج" بعد. وما هي الا سنوات حتى اكتشفت مع الآخرين أن موقف ذلك الرفيق رغم عفويته ينطوي على بعد نظر أكثر مما كان لدينا نحن الحزبيين "الناضجين".
اليوم, ورغم انتشار عنوان حرية الرأي بكثافة, إلا أن كل جهة سياسية أو ثقافية لها "لينينها" -بلا تشبيه طبعاً- ولكن ما يزالوا قلة أولئك الذين يجرؤون على القول عند الاختلاف مع "لينينهم", بما قاله رفيقنا طيب الذكر, بأن كل واحد حر برأيه.
|