كانت من عادات العرب استئجار النائحات لتبكي وتولول وتنوح، حتى يحظى المأتم بالعزاء المهيب اللازم، المحاط بأجواء الألم والحزن الجديرين بالفقيد، حتى لو كان الفقيد.. حماراً.
وهذا المحامي المدعو (ع. ن) المتهرّئ و المتساقط على المزابل الاخوانية كالذباب، لون من الغربان الناعقة على أطلال فكر شمولي طوباوي متعفن، يشهد على نفسه(الشمولي) بالدلائل الدامغة أنه ليس إلا إعادة إنتاج رخيصة للمجتمعات الفاشية، ومع ذلك فصاحبنا يمعن في تزييف الحقائق، ويصر على أنها عنزة ولو طارت.
إن (ع.ن) مرحاض حقوقي متنقل، أوتي من صلابة الخد وخسة الضمير ما يجعله يدافع حتى عن بن لادن إذا دعاه لندوة حقوقية. إن "وعيه" بما يطرب الجماعة ويشبع شبقها، يجعله رحما مستطابا للاستبضاع والاستضباع جميعا، حيث تحبل تقريراته بما يتوهم في نفسه سلطة أدبية ومرجعية فكرية !! مخولة لإصدار صكوك التبرئة من شبهة الارهاب، بل والاسترسال في السفاهة إلى اعتبار "العدلاويين" الملطخين بالدماء على أي وجه قلّبتهم؛ يساهمون في استقرار البلاد (هكذا) !!!.
هل لأن تحت أيديهم وحوشاً وكل ذي ناب فهم يعقرونها عن العربدة بالإرهاب فتلك في نفسها فضيلة تستدعي التنويه والمنّ؟ أم لأنهم في واقع الأمر عاجزون عن العربدة مع توفر النية والحماس الأيديولوجي، فذلك بحد ذاته يجعلهم خارج سياق الإرهابيين، من منطلق أن كل إرهابي كامنٍ فهو مساهم في استقرار البلد، وكل خلية نائمة تستحق الثناء لأنها نائمة. هذا منطق (ع.ن) عندما يرافع من على منصة المرحاض الحقوقي، المرحاض الذي لا يفتح عادة إلا لتسليك عطن الارهاب حصراً.
إنها الصعلكة أيها السادة، صعلكة حربائية تمارس السفالة والانتهازية والانحطاط بمنتهى النبل والمهنية، يحاول مُتَخَرّصوها عبثاً أن يجدوا لهم مكانا ملائما في زمن ما بعد الشخصية النضالية المعذبة، عبر تجيير حائط "مبكى" ملطخ بالدم كتب عليه كلمة الارهاب بالبنط العريض، ولكن بالمعكوس: "باهرلاا". لون من العبث بالمبنى والمعنى والمفاهيم حتى تصير إلى السفسطائية واللامعنى واللاموقف واللاشيء، لا ترتيب منطقي، ولا فواصل، ولا حدود، ولا جذور، ولا من أنت ومن أنا، ولا من أين أتيت ولا إلى أين تمضي، لا سؤال ولا جواب…!!.
سفاح أرضي قابل سفاحاً ميتافيزيقياً على الطريق سلما على بعضهما تناوبا على الضحية اغتصابا ثم بعدها تعرفا على بعض فتطايرت الرؤوس. هكذا يتم تأجيل الصراع والسكوت عنه إلى ما بعد خراب مالطة، ولكن الأهم أن نخرب معاً مالطة ونشفي غليلنا فيها، وبعد ذلك الأقوى منا سينكح الأدنى بأبشع الطرق، اخترها طريقة سورية أو ليبية أو يمنية أو أفغانية… كلها ستنتهي بك إلى المصير ذاته لا مفر: "الفشخ".
هذا السلوك الضبابي المختبل، حيث كل شيء في عالم المنطوق يعبر عن نقيضه في عالم المفهوم، حيث العلاقة الجدلية مع الآخر تدمغها النفعية والمداهنة والتملق والمداراة، حيث التجاوز والتسمُّح وعدم التدقيق والتعامي والالتفات والتأويل والتسوية والتعمية والتسويف، حيث "لا مشاحة في المصطلحات" هي القاعدة حتى لو تضاربت المعاني والمرجعيات حد الاحتراق، وحيث المنظومة السنسكريتية التكفيرية العسيرة على الهضم، والمستعصية على التأقلم مع فضاء ناشز يلتقي فيه الديموقراطي بالشمولي والحقوقي بالوثوقي، يتم اختصار كل عناء الجدل وحروب الردة بأن ندس رؤوسنا في التراب ونتجاهل الفيل الذي يملأ فضاء الغرفة… يمكن تسمية هذا السلوك بنظرية "سير حتى تجي".
وهكذا يحرص (ع.ن) في تدخلاته القيمة وهو على متن مرحاضه النضالي المقدس، أن يصطحب معه "رولو من البابي جينيك" وكومة من الجورنال والخل لزوم تنظيف وتلميع مؤخرة التطرّف والارهاب كلما شعرت الجماعة بالحاجة إلى قضاء الحاجة، فتستدعيه لإحدى ندواتها الصورية التي دأبت على عقدها هنا وهناك من باب الفرقعات الإعلامية وإعلان الحضور لا أكثر ولا أقل، ولا يخلو هو من قضاء وطره من صور عنترية وتصريحات فهلوية سرعان ما تتلقفها الأذناب لتصنع منها العنوان المثير. وهو المطلوب.
طه لمخير