رشيد بغا.
لعل المتتبع لتحليلات الخبراء الدوليين، سواء من أمريكا أو فرنسا أو بريطانيا وكذا اسبانيا وغيرهم، تعليقا على الخطاب الفج الذي ألقيّ في "بوجا" باسم عبدالعزيز بوتفليقة، الديكتاتور الباقي في الجزائر.. سيقف على أنهم أجمعوا على أن للخطاب خلفيات سياسية تجاوزتها الظروف والأحداث والسياقات والمستجدات، والتي تصب كلها في اتجاه رفض خلق كيان مصطنع، حضنته الجزائر، فأصبح بدوره حاضنة للإرهاب.
ولم تخل التحليلات من البحث عن أجوبة دقيقة، لأهداف النظام في الجزائر، والطغمة العسكرية الحاكمة من القرن الماضي إلى اليوم، فكانت كل الأجوبة، تصب، ورغم اختلاف مصادرها، في اتجاه واحد يتجلّى في الرغبة الملحة للجزائر، في إعادة إنتاج الواقع السياسي المتجاوز منذ انتهاء الحرب الباردة، وعرقلة كل الجهود الأممية التي تحمل كل بوادر التقدم في اتجاه حلّ سلمي سياسي متفاوض بشأنه، و يتأسس على الحكم الذاتي الموسع كمبادرة إطار للحل الممكن والأجود، أطلقها المغرب وساندها جل الحكماء في العالم.
إن حراك كريستوفر روس قبل أيام من الخطاب ، والدينامكية الجديدة التي حملها معه في محاولة مغايرة لإيجاد مخرج بالتراضي "لا غالب ولا مغلوب" من المأزق الحالي الذي طال لحوالي 38 سنة، وما رافق الزيارة من تباشير ايجابية حملتها رياح مناخ سياسي دولي ايجابي بالنسبة للطرح المغربي، وخاصة الاتحاد الأوروبي و الأمم المتحدة وأيضا على المستوى القاري.
هذا الحراك والتفاؤل الذي جاءت به الخطة الجديدة لروس، أصاب مصالح جنرالات الجزائر ومخابراتهم في مقتل، وبذلك ضغطوا على الزر لتتحرك "مومياء" بوتفليقة، وتكتب المخابرات خطابا سورياليا متخلف تاريخيا ويذكر بالأزمنة السطالينية والعقلية الحجرية، يطالب ب"حقوق الإنسان في الصحراء" و العودة الى موضوع المنتظم الدولي، الذي وجد في المغرب كل الضمانات لحماية هذه الحقوق.
أكثر من ذلك، تجمع التحاليل ذاتها، على أن احترام حقوق الإنسان في أي نقطة في العالم لا يمكن للجزائر أن تتكلم عنه، وهي الـتي "لم تنظف باب بيتها" ولأن احترام حقوق الإنسان في أقاليمنا الجنوبية وعلى غرار باقي جهات المغرب يتجاوز بمسافات ضوئية الانتهاكات الصارخة لحقوق الشعب الجزائري الشقيق، ولعل أكثرها بشاعة وفظاعة وإمعانا في إهانة الجزائريين والجزائريات هي إعلان حزب جبهة التحرير الوطنية ترشيح بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة، ضدّ كل الاختيارات والإرادات الشعبية والوطنية والديمقراطية في الجزائر...بل وضدّ العالم الذي يعلم علم اليقين ما ستأتي به العهدة الرابعة من ويلات ومجازر إرهابية، وما تخفيه خلفها الولاية الرابعة لبوتفليقة في الحكم، من استمرار لكبح تطلعات شعوب المنطقة المغاربية في الاندماج والتقدم.