*عبد المجيد مومر الزيراوي
في حديث مُدرَج مريض ، روى " الدَّيْخ" حسن الكتاني عن نفسه بسند وحيد أن كتابة الأمازيغية على النقود تضييق على الإسلام و المسلمين.
و تَبعًا لِهَذْيِ التَّلَفِي الكتاني فإن قلوب الأمازيغ المغاربة التي إحتضنت رسالة محمد السراج المنير طيلة قرون مديدة . هذه القلوب سَتُضَيِّق على الإسلام الذي إعْتَنَقَتْهُ و رَحَّبَتْ بِهِ ، لأن حروف تيفيناغ - وفق رواية الدَّيْخ الكتاني - سَتَظهر على مساحة أسطر من أوراق نقدية تُستعمل لِتَقْنِين التعاملات المالية الدنيوية.
و بالتمعن في متن حديث التَّلَفِيَة الكتانية نجده ينبني على ثلاثة فَذْلَكَاتٍ تَلْبِيسِيَّة :
1- لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ
ينتقل بنا الدَّيْخ الكتاني - اليوم- إلى التنظير اللاَّ قانوني و الأدلجة الدينية ضد كتابة حرف تيفيناغ على أوراق النقود الدنيوية ، و كأنه يعمل على إيهام أتباعه بأنهم مقبلون على مرحلة الإبتلاء في الأموال ، بشكل يجعله داعيًا بالجهالة إلى إتمام ما بدأه في الماضي القريب.
فالدَّيْخ الكتاني سبق أن استغل مفهوم الإبتلاء في الأنفس لمواجهة حكم العقوبات التعزيرية ، بعد أن كان نشيطًا في الدعوة إلى الغُلوِّ في الدين أينما حلّ و ارتحل. حيث شَكلَّت دروسُه المظلمة أساسًا مرجعيًا للتأصيل النظري عند الكثير من المتهمين بالإرهاب. و كان أن حُكِمَ عليه بـ 20 سنة سجنا قضى منها بضع سنين ثم خرج بخطاب المظلومية المزعومة.
2- يُحِبُّون الْمَالَ حُبًّا جَمًّا :
من فرط الحُبِّ الجَمِّ للمال ، خَصَّص له الدَّيْخ الكتاني مساحة كبيرة داخل أعماق قلبه. و من فرط عنصريته اللغوية لا يمكن - بأي حال من الأحوال- أن تقبل عيناه رؤية حروف تيفيناغ مطبوعة على ما ملكت يمينه من أوراق مالية ، و التي يحمل هَمَّهَا الدنيوي داخل صدره الضيق على التقوى و ليس داخل جيبه الواسع.
3 - الْمَالُ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
إنشغل التَّلَفِي الكتاني بالتعصب العربي الأعمى لِزينة الدنيا " المال" ، ولم يستوعب أن الْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْرٌ عِندَ ربنا ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا. فالله جلَّ في عُلاَه لا يُلْزِمُ الناس بلغة تعبدية خاصة عند ذكر: سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر. و سواء تَمَّ نُطْقُهَا أو كتابتها بالعربية أو الأمازيغية أو الفرنسية أو الإنجليزية أو الصينية أو السَّنْسَكْرِتِيَّة أو ... ، يبقى أجر الله موصولاً بالنية الخالصة و ليس بحروف النطق أو الكتابة.
و بالعودة إلى حديث البدءِ ، نثير إنتباه التَّلَفِي الكتاني إلى أن دستور الدولة المغربية يَنُص في مُحكم أحكامه على أن تظل العربية اللغة الرسمية للدولة . و تعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها. مثلما تُعَدُّ الأمازيغية أيضًا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء.
و بالتالي ؛ وَجَبَ على الدَّيْخ الكتاني الكَفّ عن نشر الفرقة الدينية لأغراض مادية دنيوية و الابتعاد عن تشجيع الميز اللغوي لأسباب عرقية طائفية ، لأنه بذلك مُخطِئٌ في خروجه على قانون الدولة .. بل هو ضال الطريق و زائغ عن الإختيار الديمقراطي القويم . فَالتَّلَفِي الكتاني لم يتفتح عقله لأحكام المواطنة الدستورية رغم استفادته من العفو بعد حكم التعزير المعلوم، و ذلك لأنه غير مُهْتَدٍ إلى أن المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الأفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية.
إن سلوكات هذا المجرم السابق تؤكد على أنه دخل السجن بسبب إنحرافه التَّدَيُّنِي و زيغِه عن رحمة العيش المشترك. كما أن الفتنة الجديدة التي يلعب بنارها الدَّيْخ الكتاني تستوجب إعادة طرح السؤال حول خطاب المظلومية المزعومة . لاسيما و هو يمشي مختالا فخوراً مُصرًّا على ترديد جملة أَنَّهُ " كان على حَقٍّ " فيما مضى ، و نحن لازلنا بحمد الله تعالى مُصِرِّين بأَنَّهُ يَهْذِي بالباطِل .
و يبدو أن هذا التَّلَفِي الصغير يتلاعب بالحديث عن مراجعات أو تغييرات في أفكاره المتطرفة الشاذة ، و ذاك مَا يُفيد بأن الكتاني المخطئ لا يريد التراجع عن الباطل الذي كان و لا زال يغرق فيه، و لا يريد أن يجتنب سبيل الإنحراف العقدي رغم استفادته من العفو.
و لأن المناسبة شرطٌ ، لا بد من إعادة التذكير بالتصريحات السابقة للقيادي داخل حزب العدالة و التنمية مصطفى الرميد ، الذي كان محاميا مكلفا بالدفاع في ملف حسن الكتاني الطالب السابق الذي تَتَلْمَذ على يد أساتذة من الإخوان المسلمين في جدة. حيث كان الرميد يعتبر أن هذا الملف قد عرف " تعسفًا كبيرا" في جل أطوار المحاكمة ، و أنه كان قرارًا سياسيًا ".
و بعد أن تولى وزارة العدل سارع مصطفى الرميد ( الوزير ) إلى دعوة الكتاني السجين السابق في قضايا الإرهاب من أجل عقد لقاء حِبِّي . ثم خرج بعدها الكتاني بتصريح أكد فيه أن علاقته بوزير العدل مصطفى الرميد هي علاقة قديمة وحميمية.
و هكذا تتمظهر لنا-اليوم- بعض أسرار تلك العلاقة المشبوهة عند معاينة تنظيم العدالة و التنمية( حزب مصطفى الرميد ) و هو يتسبب في " بلوكاج تشريعي " لعرقلة إخراج مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكذلك مشروع القانون التنظيمي المرتبط بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.
بالمقابل نجد أشباه الدعاة الذين توسط لهم حزب العدالة و التنمية في طلب العفو من أمثال حسن الكتاني ، قد إنبروا لِتَزوير الوقائع و خلط الأوراق و تدشين حملة تضليلية مغرضة تستهدف خلق معارك جهادية وهمية ضد حروف الأمازيغية، هذه الحملة التي تروم التضييق على العدالة الثقافية التي أقَرَّها دستور الدولة المغربية.
و أختم بالأطروحة الخطيرة التي وجب أن تنضاف إلى كل ما سبق ، أَلاَ و هي الرواية المشبوهة التي يقدمها الدَّيْخ الكتاني بخصوص الإرهاب الدموي الذي فجر البلاد و العباد بمدينة الدار البيضاء في 16 ماي 2003 . حيث يردد الكتاني باستمرار على أن " من خطط لهذه التفجيرات كانت لديه مرام محددة وقد ظهرت بجلاء خلال الشهور القليلة التي تلت الحادث حيث تم استحداث قانون خاص بما يسمى “ الإرهاب” و قانون للأسرة و تم شن حملة اعتقالات غير مسبوقة في صفوف المحسوبين على التيار السلفي و التضييق على الحركة الإسلامية الشبابية ".
*رئيس تيار ولاد الشعب