لكل مسلسل نهاية، وفي كل نهاية يظهر أبطال من الخير وأبطال من الشر. أما ما نحن بصدده هنا فيتعلق بأبطال الشر في الحلقة شبه الأخيرة للمسلسل الجنسي لتوفيق بوعشرين، الذي قال القضاء كلمته فيه ابتدائيا.
فبينما كان القضاء بصدد إسدال الستار لهذه القضية المثيرة، ظهر أبطال من ورق هم في الحقيقة عبارة عن كائنات انتهازية، ألفت الاصطياد في الماء العكر، وتعودت على العيش في المستنقعات الآسنة، جلها لم تخجل يوما في معاكسة التيار لا لشيء سوى البحث عن ملء الأرصدة البنكية، أوالانقضاض على جائزة هنا أو هناك، من طرف أصحاب الأجندات الخبيثة للعبث باستقرار وأمن المجتمعات الآمنة.
ولذلك لم تتوقف هذه الكائنات عن الإساءة للوطن ولمؤسساته، ولم تقدم للناس ما ينفعهم ويمكث في الأرض، فأوغلت في نشر ثقافة العدمية والتيئيس وإحباط العزائم.
هذه الكائنات لم تعر أي اهتمام، ولو لحظة واحدة، لما عانته ضحايا بوعشرين وعائلاتهن، ولم يؤثر في قلوبها أنين امرأة حامل في شهرها التاسع، وهي مجبرة على ممارسة الجنس مع رئيسها، ومص أصابع رجليه، وإدخال أصبعها في مؤخرته كي يشبع نزواته.
ما يهم هذه الكائنات هو انتهاز كل الفرص التي يمكن أن تسيء للدولة، وتدر عليها ربحا ماديا أو سياسيا، وإن كان ذلك على حساب المبادئ الحقوقية التي تتغنى بها مثل قضية المرأة.
فهذا عبد العالي حامي الدين، القيادي بحزب العدالة والتنمية، المتورط في قضية قتل الطالب اليساري آيت الجيد، في تسعينيات القرن الماضي، والذي أعادت محكمة النقض الأسبوع الماضي ملفه للاستئناف، استغل قضية بوعشرين بخرجاته الإعلامية وبعض من كتاباته ليحاول الضغط على الدولة للتفاوض لصالح قضيته، والخروج منها بأقل الخسائر.
لقد توارى حامي الدين عن الأنظار في قضية صديقه بوعشرين لعدة أشهر، في انتظار قرار محكمة النقض بشأن تورطه في مقتل الطالب آيت الجيد، ولم يعد للساحة إلا بعد أن قررت ذات المحكمة إرجاع الملف إلى محكمة الاستئناف، حيث ستتم محاكمته بناء على معطيات جديدة.
صراخ وعويل عبد العالي حامي الدين لم يكن بسبب إدانة بوعشرين، بل هو الخوف من محاكمته كمجرم والتحاقه بصديقه في نفس الزنزانة.
أما المعطي منجب “الحقوقي”، فهو متابع من أجل اختلاس تمويلات أجنبية لصالح جمعيته، وتتابعه إدارة الضرائب بما يناهز مليون درهم، لم يقم بإعادتها إلى الآن. فهو يتظاهر في الشارع بالنهار للضغط على الدولة، و بالليل ينظم سهرات مع أصدقائه في الضيعة التي يملكها بمدينة ابن سليمان، و التي لا أحد يعرف كيف اقتناها هل من ماله الخاص، أم من مال تلك التمويلات.
وتلك خديجة الرياضي “لا خدمة لا ردمة” سوى الاتجار في حقوق الإنسان، محطمة بذلك الأرقام القياسية في التقارير المسيئة للمغرب. فحجم التمويلات الخارجية التي تصل إلى جمعياتها مقرون بعدد الوقفات الاحتجاجية والتظاهرات التي تنظمها، من بينها وقفة بوعشرين، التي شاركت فيها الخميس الماضي أمام البرلمان. فهي كلما علمت أن هنالك خمسة أو ستة اشخاص محتجين في الشارع، تسارع إلى الالتحاق بهم، وتأخذ صورا تبعث بها رفقة تقارير كاذبة لمموليها الأجانب، قصد حشد الدعم، وجمع المال في أرصدة جمعياتها.
خديجة الرياضي تتنقل بين عواصم العالم حاملة شعار “راحة وسياحة”، وبالمناسبة فهي لا تحتاج لمنحة الدولة كي تمول دراسة أبنائها في الجامعات الغربية.
وذاك إسماعيل العلوي الشيوعي العجوز الذي استفاد من أموال وأراضي الدولة. التحق بالركب جد متأخر ليس دفاعا عن توفيق بوعشرين، لكن فقط لابتزاز الدولة. فبعد أن هرم، يقال والله أعلم، إن ظروفه المالية تعقدت شيئا ما. فالرفيق العلوي ربما “ما كرهش شي ميكة كحلة أخرى” بعد أن نفذت الـ500 مليون سنتيم التي تلقاها “كاش” داخل مكتب أحد الوزراء. أم أراد الضغط على الدولة لتسهيل توقيع منحة قيمتها 400 مليون سنتيم وقع عليها لصالح جمعيته رئيس جهة درعة-تافيلالت الحبيب الشوباني، لكن الخازن الجهوي رفض صرفها.
لذا التحق إسماعيل العلوي بمسلسل بوعشرين حتى يقول لأصحاب الحال “أنا مزال هنا علاش نسيتوني”. إنه الابتزاز، ولا شيء غير الابتزاز! “حتى علاقة مع مساندة بوعشرين”!
وأما محمد الخليفة الاستقلالي الذي تم تهميشه بعد إبعاد حميد شباط وقدوم نزار بركة على رأس حزب الاستقلال. فقد راهن على منصب سامي، ولو بمرتبة سفير، وحينما أدرك هذا الشيخ أن زمانه ولى أراد استغلال قضية بوعشرين ليذكر أولائك الذين أعطوه وعودا بالالتزام بوعودهم. محمد الخليفة، وبانتهازيته المعهودة، حوّل ولاءه لحزب العدالة والتنمية لتوظيف أحد أبنائه في وزارة مصطفى الخلفي. المهم أن الرجل، رغم كبر سنه، “لاصق”. حينما كان يدير شؤون مدينة مراكش، قال عنه الملك الراحل الحسن الثاني: “مادارش الخير حتى مع خوتو المراكشيين، كيف بغيتيه يدير الخير فلخرين”؟.
ويبقى المحامي محمد زيان، “المخزني” سابقا، الذي لعب دورا رئيسيا في مسلسل بوعشرين عبر خرجاته البهلوانية المثيرة للشفقة، أحد العوامل الرئيسية الذي تسبب في “تغراق الشقف” لبوعشرين، من خلال تهريب المصرحات ومنعهم من الشهادة وتطاوله على القضاء وعلى الأجهزة الأمنية. فالرجل بعد أن دفن سياسيا، أراد أن يعود للحياة بالركوب على قضية بوعشرين لضرب خصومه السياسيين، وذلك ما كشفه “برلمان.كوم” حين أكد في أحد مقالاته الإخبارية أنه يتوفر على تسجيل صوتي يعترف فيه زيان بجرائم موكله بوعشرين، ويقول فيه إن هدفه من الدفاع عن بوعشرين هدف سياسي، حيث يريد قصف عزيز أخنوش والدولة “اللي نساتو”، على حد قوله.
آخر الانتهازيين الذين التحقوا بالركب ليس إلا الأمير مولاي هشام، ابن عم الملك محمد السادس، والذي يطمح إلى الوصول إلى العرش ولو على حساب زعزعة استقرار البلاد.
قال الأمير أمس إنه حزين، وزعم أن محاكمة بوعشرين سياسية وأنها لم تكن عادلة، وأن صديقه القديم مظلوم، متناسيا أن المظلومين الحقيقيين، هم أولائك العمال البسطاء الذين يشتغلون بضيعته في إقليم سوس والذين لا يتلقون أجورهم منذ أشهُر ويتم الدوس عن حقوقهم. المظلومون الحقيقيون هم أولائك الذين ينتظرون أن يقوم الأمير بتأدية الديون المتراكمة عليه.
فرغم الوعود التي أوصلها المجدوبي، صديق الأمير، لزوجة توفيق بوعشرين بالتدخل لدى السلطات العليا لفائدة زوجها، و كذا مساعدتها للحصول على تأشيرة الدخول و طلب اللجوء السياسي في بلجيكا أو كندا لفائدتها و لفائدة أبنائها، فإننا لا نعتقد أن مولاي هشام تهمه قضية بوعشرين و لا هم يحزنون. فالرجل اعتاد على عدم ترك أي فرصة تمر دون أن “يقطر الشمع” على ابن عمه. هكذا حال مولاي هشام منذ صعود الملك محمد السادس على العرش سنة 1999، و هكذا سيبقى مولاي هشام. و الدليل على ما نقوله هو تدوينته الأخيرة حيث خص حوالي ربع مقاله لقضية بوعشرين و ثلاثة أرباع التدوينة لمهاجمة النظام المغربي. و ربما قد يكون مولاي هشام قد اجتاز هذه المرة الخط الأحمر حيث تحدث عن دوافع “سياسية عربية”وراء اعتقال بوعشرين، ضاربا عرض الحائط السيادة الوطنية واستقلال القضاء المغربي.
هذه الكائنات، وأخرى سنتحدث عنها قادما، لها قاسم مشترك واحد هو مصالحها، سياسية كانت أم مادية، أما الدفاع عن حقوق الانسان فهي مطية ليس إلا.
عن “برلمان.كوم”