عادت جماعة العدل والإحسان إلى أسلوبها القديم في توجيه الرسائل، بعدما عجزت عن إيجاد موقع لها في الشوارع، التي تخلصت من كل أصحاب "الإديولوجيات"،و"الأساطير" والأهداف المبيتة، و "عملاء" الخارج، واحتلها أصحاب المطالب الاجتماعية المحضة الباحثين عن الشغل أو الخبز أو الحطب للاحتماء من البرد، كما في كل بقاع العالم.
وأدركت العدل والإحسان أن أحسن ما يمكن أن تحيي به ذكرها البائدة هي العودة إلى الاستفزاز والابتزاز والتهديد، ولم تجد من تلق عليه باللائمة، هذه المرة، سوى حزب العدالة والتنمية، الذي رفض أن يكون خارج الصفوف، وقبل أن يتحمل المسؤولية، بالرغم من أن طريقه لن تكون مفروشة بالورود، ووعوده الانتخابية "الكبيرة" ستذوب على نار واقع لا يرحم.
والسؤال: لماذا اختارت العدل والإحسان توجيه رسالتها للعدالة والتنمية وحركة الإصلاح والتوحيد دون غيرهما؟
والجواب، لا يحتاج إلى كثير عناء:
أولا: لأنهما معا يلتقيان في المرجعية الإسلامية (وهي مرجعية جميع المغاربة)، وكانت بينها دائما وشائج وعلائق وصلات، ولكن أيضا اختلافات أثمرت، في النهاية، أن يختار كل طريقه، فاختار حزب "المصباح" المشاركة، فيما ظلت العدل والإحسان تتشبث بالمقاطعة، من دون أن يلغي ذلك أن الجماعة شكلت خزانا انتخابيا للعدالة والتنمية.
ثانيا: أن العدل والإحسان تريد الرجوع إلى الشارع، بالرغم من أنها جربت ذلك من قبل، وفشلت، للتضييق على باقي الفئات ذات المطالب الاجتماعية المحضة أولا، والقفز على هذه المطالب ثانيا، ومحاولة إلباسها لبوسا "سياسيا" ثالثا، وهو ما قد يخفف على حكومة بنكيران من ضغط المطالب الاجتماعية، ويحررها من "الكثير" من التزاماتها.
ثالثا: أن الجماعة، تدرك جيدا أن صعود العدالة والتنمية قد وضع حدا لـ "أسطورة" أن الدولة تخشى الإسلاميين، لذلك فهي تتنبأ لنفسها بالقيام بدور المعارضة، حتى لا تترك الفرصة للاشتراكيين أو الليبراليين ليقوموا بهذه المهمة، المكفولة للأحزاب بقوة القانون.
لذلك يبدو أن هناك "لعبة" محبوكة لتبادل الأدوار من أجل توسيع بسط النفوذ سواء داخل المؤسسات أو خارجها وهنا وجه الخطورة...