بقلم: محمد هجرس
لو عملنا إحصائية في عالمنا العربي، لوجدنا أن غالبية الرجال "لا يكسرون كلمة لزوجاتهم" إلا من رحم ربّي،.
وإذا كانت هذه تهمة، يخجل من الاعتراف بها معظم الرجال، إلا أنها أصبحت فيما يبدو واقعاً سياسيّا، خرج به رئيس تحرير مجلة "صباح الخير" المصرية، الصديق محمد هيبة، عنوانها على غلافها الأخير، رسمت من خلاله استطلاعاً ساخراً عن تهمة الرئيس السابق حسني مبارك الحقيقية.
ولأن الواقع السياسي، تغيّر في عالمنا العربي، من "الست اللي بتسمع كلام جوزها" كما رسمها قبل قرن تقريباً، الراحل نجيب محفوظ في ثلاثيته الشهيرة، في شخصية الست "أمينة" لتصبح معادلة "الرّاجل اللي ماشي ورا كلام مراته" تهمة حديثة، فـ"سي السيّد" بجد، يبدو أنه اختفى، وتحول الأمر إلى سخرية شديدة، مثلتها سبل التهكم من رئيسين عربيين سابقين، خُلعا في أسبوعين متتاليين.. زين العابدين بن علي في تونس، وحسني مبارك في مصر، وما خفي كان أعظم!.
وليكن أي رجل صريحاً مع نفسه، وهو يصطحب زوجته، إلى سوق الخضار أو إلى السوبر ماركت، ويعترف بأنه مجرد "حافظة" نقود لا "تهش ولا تنش" يكتفي بأن يقود عربة التسويق، ويحمل ما لذّ وطاب، وإياه أن يتأخر في جلب أي شيء تطلبه "الحرمة"، فالعقاب إن لم يكن نظرة تحذير أمام الناس في السوق، فسيكون مقاطعة في البيت...
لا أدري، لماذا يلومون مبارك، أو بن علي، على أنهما سمعا كلام "ليلى وسوزان"؟ وكلنا إن لم يكن معظمنا هذا الرجل.. ولا أدري كيف هي سلطة "أم العيال" في المنزل، فما بالنا وهي في الحكم؟
رجل مثل فرديناند ماركوس في الفلبين قبل عقود، انساق وراء أهواء سيدته الأولى إميلدا، ولعل الفليبينيين يحمدون الله، على أن أهواءها تركزت في جمع آلاف الأحذية، والمجوهرات، أما ليلى بن علي كمثال، فقد فعلت الأفاعيل، وجعلت من رجل تونس المريض، وسيلة للتحكم والسيطرة، والقضاء على كل مظاهر الدولة بمعناها الحقيقي، وجعلت من تونس "عزبة" خاصة لها ولأقاربها، فيما تشابهت معها إلى حد كبير، سيدة مصر الأولى السابقة، التي توهّمت أنها يمكن أن تحقق حلمها في أن تكون زوجة الرئيس، وأم الرئيس أيضاً، عبر مخطط محكم لتوريث السلطة لابنها.. وهو ما انهار بسذاجة من لا يفهمون أن بلداً كبيراً كمصر لا يمكن أن يُورّث على طريقة صفوت الشريف وأحمد عز.
الرّجال أمثالنا معذورن، إذا مشوا وراء كلام زوجاتهم" لأنهم أضعف من تحدي النساء، فيما هم في الحقيقة يمشون أمامهن في الأسواق، ويجعلوهن وراءهن بعدة خطوات، ولا يقبلوا ـ ظاهرياً أو كنوع من الانتقام ـ بأن يجعلوهن "سيم سيم" كما يقول أشقاؤنا الهنود.
والرجال الذين كانوا إذا "تنحنوا" في السابق، أحدثوا زلزالاً يهز جنبات المنزل، أصبحوا مستأنسين للغاية، مجرد عصافير في قفص الزينة، ألم تقل النسوة أن "ظل راجل ولا ظل حيطة" في مقارنة لا تخلوا من سخرية من شمشون الذكورة الذي بحيلتها السحرية جعلته "دليلة" مجرد كتلة من الشعر اتضح لاحقاً أنه "باروكة" وأكذوبة كبرى.. لأنه في الحقيقة "أصلع.. وأقرع كمان"!.
احمدوا ربكم أيها الرّجال.. لو علمتم الغيب لاخترتم الواقع..
والواقع يقول، أننا نعيش في عصر النساء، واحمدوا ربكم أكثر أنكم لستم في كرسي الحكم، أو في محل سلطة برتبة رئيس جمهورية في عالمنا العربي.. فستكون التهمة أشنع وأفظع، خلع من الحكم، أو هروب، أو مثول على سرير طبي في قفص محاكمة.
.........
رجالة آخر زمن صحيح؟!
محمد هجرس