|
|
|
|
|
أضيف في 14 يناير 2012 الساعة 41 : 23
بقلم: محمد اللمداني
قبل عدة سنوات أجريت حوارا مع أحد السفراء الإيرانيين، وقال خلال الحوار "أن إيران لن تنسحب من الجزر الإماراتية المحتلة". بعد نشر الحوار،اتصل بي وعاتبني لأنني اخترت عنوان الحوار تصريحه حول تمسكه بالاحتلال، وكما قال وزير الخارجية الإماراتي الحالي "لا فرق بين الاحتلال الإيراني والإسرائيلي."
في سياق متصل، تركيا تحتل لواء إسكندرون، وأنطاكية و130 قرية سورية تمتد على الحدود بين البلدين، وسليمان العيسى الشاعر السوري الشهير ينتمي إلى هذا الجزء المحتل، وتتجاهل تركيا هذا الاحتلال، وهي ترفض أن تعيد هذه الأراضي المحتلة إلى سوريا.
أما إسرائيل، فقضيتها يعرفها الجميع، ولا داعي للتأكيد أنها تحتل أجزاء من سوريا، وكل فلسطين، وجزء من الأراضي اللبنانية، وهي تسعى لتضم أراض أخرى إذا حالفها الحظ.
الهلال الشيعي
العاهل الأردني عبد الله الثاني، تحدث منذ أكثر من عشر سنوات عن الهلال الشيعي، وحذر وقتها أن وجود هذا الهلال سيخنق المنطقة ويؤدي إلى صراعات ليس من السهل حلها، والهلال الشيعي هو النظام العلوي في سوريا، النظام الشيعي في العراق وحزب الله في لبنان، إضافة إلى إيران التي تقود هذا التيار الجامح منذ انتصار الخميني عام 1979 على الشاهنشاهية وإسقاط نظامها.
منذ تغيير هرم السلطة في العراق، وتبوء حزب الدعوة الشيعي السلطة، أصبح واضحا وجليا أن الهلال الشيعي صار يطبق بخناقه على الأمة العربية، فقد كان هناك تعاون حثيث على سبيل المثال لا الحصر بين مقتدى الصدر وحزب الله اللبناني، حيث أرسل هذا الأخير عددا من كوارده من أجل تدريب جماعة الصدر في العراق، وكان المشرف على هذه العملية قائد العمليات العسكرية السابق في حزب الله عماد مغنية.
من ناحية أخرى، لم يعد الشيعة يخفون مذهبهم، أو قناعاتهم الشخصية، فرغم أن جعفر الصادق أحد أئمة الشيعة الاثني عشر، يعتبر أن من ترك الإيمان بالتقية فهو لم يعد شيعيا، والتقية حسب التعريف اللغوي "هي اتقاء سلطان جائر"، وفي المذهب الشيعي يتم التعامل بها على أساس حماية المذهب من الآخرين، فلذلك يجب التعامل مع الجميع بالتقية من أجل الحفاظ على المذهب، وكما أخبرني أحد ممثلي حزب الله "أن الشيعة لم يعد يمارسون التقية، لأن الطائفة لم تعد في خطر".
إذا.. انتهى الخطر على الطائفة، وما على هذه الأخيرة سوى أن تكشف عن أنيابها وتعلن للجميع ما تريد، فالإيرانيون يريدون أن يسيطروا على منطقة الخليج العربي، ويعتبرونه فارسيا، فهم بدأوا في تحريض شيعة الخليج الذين أصبحوا رهينة لمذهبهم الشيعي قبل أن يكونوا ينتمون إلى وطنهم الذين عاشوا وتربوا فيه، وبعد السيطرة على منطقة الخليج العربي، تصبح إيران هي القوة النافذة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط، فهي تعد أكثر من 70 مليون نسمة، وتمتلك أسلحة الدمار الشامل وموقعها الاستراتيجي يؤهلها لأن تقود المنطقة وتفرض شروطها، ومن هذا المنطلق كان الشيخ حسن نصرالله زعيم حزب الله أعلن بدون أدنى حرج أنه يتبع لولاية الفقيه، وأن مرجعيته هي خامنئي وهذا ما يعني أنه قام بتغليب انتماءه الديني على انتماءه الوطني، وهو ما يدل بشكل سافر كيف قام هذا الحزب بتأييد قمع الشعب السوري، وشارك إلى جانب النظام السوري في قتل الشعب السوري المسالم، وكل ذلك لأن الهدف الحقيقي لهذا الحزب هو الاستحواذ على السلطة في لبنان، وإقامة ولاية الفقيه فيها، فلذلك نرى أن الحزب في قمة غضبه وهو يحاول أن يدعم النظام السوري بأي طريقة من أجل الحفاظ على بقاءه.
تجارة رابحة
لم يتوقف أحد عن الكلام عن فلسطين والقدس، وشرعية الدفاع عنها.. والجميع يتدخل بالشؤون العربية من خلال القضية الفلسطينية، فتركيا دخلت العالم العربي من خلال دفاعها عن القضية الفلسطينية، ليمتد بعد ذلك تدخلها إلى الجزائر، حيث اتهمت فرنسا بإبادة جماعية في حق الشعب الجزائري، بعد أن تمَ اتهامها من البرلمان الفرنسي بإبادة الأرمن، والجميع يعلم دون أدنى شك أن تركيا ارتكبت مجزرة في حق الأرمن، وإلا لماذا نجد هؤلاء منتشرين بعشرات الآلاف في منطقة الشرق الأوسط مثل سوريا ولبنان.
وطبعا.. إيران لم تتوقف يوما عن شتم إسرائيل، وأنها ستدمرها وتمحيها من الوجود، وقامت بتنظيم مؤتمر حول خرافة الهولوكوست، ودعت اليهود المعارضين لإسرائيل للمؤتمر، وندد الجميع بإسرائيل.
و طبعا النظام الإيراني استغل القضية الفلسطينية، ودعمه إلى حركة حماس بمبلغ 40 مليون دولار سنويا، من أجل السماح له بالتدخل في الشؤون العربية، فعلى سبيل المثال عندما كانت هناك انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول عام 1988 بالجزائر، صرح مرشد الثورة آنذاك "أن الجزائريين الذين رفعوا شعار، الله أكبر، قد استمدوه من الثورة الإيرانية التي قامت في العام 1979"، فجاء الرد سريعا وتم طرد السفير الإيراني من الأراضي الجزائرية، ولم تتوقف إيران عند هذا الحد، فهي لا تتدخل إلا في دعم طائفتها الشيعية في أي مكان، في البحرين كانت على شفا التدخل، وهي تتدخل سريعا عندما يكون الطرف الآخر ضعيفا. أما مع إسرائيل فهي تتوعدها، رغم أن هذه الأخيرة قامت بقتلها العلماء الإيرانيين، وأنا هنا أقول" كيف يمكن لنظام يريد أن يحارب إسرائيل وجبهته الداخلية منهارة، والموساد الإسرائيلي مخترقها من أسفل الهرم إلى أعلاه، ويقوم بقتل علماءه وشعبه الإيراني، ولا نسمع إلا الوعيد والتهديد الإيراني، وجميعنا يعلم أن من يستخدم لغة الوعيد، فهو لا يقوى حتى على حماية نفسه، فماذا فعلت إيران بمضيق هرمز؟ وماذا فعل الأسطول السادس الأميركي للبحارة الإيرانيين؟". إنها حقيقة مؤسفة، أن لا يملك هؤلاء سوى استخدام القضية الفلسطينية مطية للتدخل في الشؤون العربية، وأنهم يهددون المصالح العربية، ويتدخلون في شؤون الدول، كما يجري في سوريا، فكانت هذه الأخيرة حليفة لإيران في حربها ضد العراق، ثم أصبحت تابعا لها ولا تقوى حتى على معارضتها.
الخلاصة
إن إيران وتركيا تتنافسان على قيادة الشرق الأوسط، وتبحثان عن مجال حيوي من أجل أن تحصلا على امتيازات لدى الغرب، فمن يسيطر على منطقة الخليج والدول المحيطة بإسرائيل سيكون له الكلمة الحاسمة والأخيرة، وسيكون بوابة الغرب إلى المنطقة، فتركيا تطمح لكي تصبح عضوا في الاتحاد الأوربي، ولو قبلها هذا الأخير عضوا كاملا لما التفتت إلى العالم العربي أو هاجمت إسرائيل في يوم من الأيام.
وكذلك إيران.. فلو اعترف الغرب بها، على أساس أنها دولة إقليمية عظمى ويجب استشارتها بكل شاردة وواردة فإنها ستكف عن إثارة النعرات، وإدلاء التصريحات الاستفزازية ضد الجميع، وللأسف تعتقد الحكومة الإيرانية أن امتلاكها للسلاح النووي سيعطيها هذا الدور، وهي لا تعلم أنها لن تمتلك الوقت الكافي في يوم تريد فيه استخدام هذا السلاح، لأنها ستُباد قبل أن تضغط على زر القنبلة، فهذا السلاح الفتاك هو سلاح ردع وليس سلاح حرب، ومن المعروف أنه خلال الحرب الفيتنامية-الأميركية، طلب قائد العمليات الأميركية من الرئيس الأميركي استخدام السلاح النووي ضد الفيتناميين، فما كان من هذا الأخير إلى القيام بعزل قائد العمليات، لقد تم استخدام هذا السلاح مرة واحدة في التاريخ، ولا أعتقد أن هناك نية لاستخدامه مرة أخرى.
إن الدور الآن على الشعب العربي، الذي بدأ ربيعه ضد أنظمته الديكتاتورية وذلك من أجل استعادة القرار العربي، وعدم السماح لأي طرف بالتدخل بشؤونه، ويجب أن يعلم الجميع أن فلسطين هي قضية إنسانية قبل أن تكون قضية عربية أو دينية، فعلى الجميع أن يكفوا أيادي الإيرانيين والأتراك عن التدخل بشؤوننا، فالاحتلال له وجه واحد الذي هو إسرائيل، فإيران وتركيا وإسرائيل هم الوجه الحقيقي للاستعمار وإلغاء الآخر.
محمد اللمداني
كاتب وصحفي - كندا
|
|
2767 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|