بدأت حركة 20 فبراير تشبه الغريق، الذي يستنجد بأية قشة من أجل الاستمرار في الحياة. ولم تجد مع مستهل السنة الجديدة أية قشة تتشبث بها غير تيار السلفية الجهادية،المعروف برفضه لكل أنواع الديمقراطية، وبتطبيعه مع كل أصناف التطرف، حتى ولو كان قتلا، ويكفي في هذا السياق استحضار جرائم أحد وجوهه البارزة المسمى يوسف فكري.
وما كادت الحركة تفرح بتحررها من شرنقة جماعة العدل والإحسان، بضعة أيام، بعد أن اختار أتباع الشيخ ياسين الانسحاب، حتى سقطت بين مخالب السلفية الجهادية، لينطبق عليها بذلك المثل الشعبي " اهرب من الحفرة أو طاح في البير".
وبالرغم من استنجاد 20 فبراير بالسلفية الجهادية أو هجوم هذا التيار على الحركة: لا يهم، فإن ما يحدث ليس له إلا معنيين اثنين: الأول أن الحركة لم تعد تجد أدنى صدى لها داخل المجتمع، بدليل أن عدد المتظاهرين بدأ يتضاءل، مهما اجتهدت "الفيديوهات" في تكديس الصور، والثاني أنها بدأت تنحو نحو التطرف، ولم يعد يهمها مع من تتحالف، حتى ولو كان الشيطان، وما يهمها هو استمرار النزول إلى الشارع. و بين هاذين المعنيين ضاع المعنى أو المعاني الحقيقية التي حركت وجدان الشباب الذي رفع شعار "محاربة الفساد"، وهو الشباب الذي انسحب تدريجيا من صفوف المحتجين بعد أن انخرط المغرب في مسلسل من الإصلاحات، أثمرت دستورا جديدا، وانتخابات سابقة لأوانها، وحكومة يقودها الإسلاميون، وبعد أن أحس هذا الشباب أنه أصبح رهينة أطماع العدل والإحسان.
ثم ماذا بعد، الأكيد أن بعض الأطراف لا يهمهما محاربة الفساد، مادامت هذه المهمة أصبحت مسؤولية الحكومة التي نالت ثقة الناخبين، بقدر ما يهمها التشويش على كل هذا المسلسل.