خرج مرة أخرى عدد من المواطنين الصحراويين للاحتجاج في شكل تظاهري سلمي بسياراتهم و شاحناتهم، غير أن القيادة لم تكتفي هذه المرة بإخراج شاحنات الجيش وسيارات الدرك لمراقبة الوضع و الحيلولة دون وقوع فوضى، بل عمدت -هذه المرة- إستعانت بالجيش الجزائري الدي حرك الآليات الثقيلة و كأنها ستواجه حربا مع جيش المغربي، حيث أخرجت للمتظاهرين ثلاثة دبابات لإرعابهم و دفعهم إلى التراجع عن الاحتجاج في صورة استغربت لها وسائل الإعلام الدولية و أصبحت مصدر مادة للسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي.
هذا الأسلوب الغريب و العجيب للقيادة الصحراوية في تعاملها مع المحتجين يطرح أكثر من علامة استفهام، خصوصا و أن المطالب جد بسيطة تخص فك العزلة على المخيمات بعدما فرض الجيش الجزائري على الساكنة و التجار و حتى العربات، حضرا للتجول بأسلوب جديد عبر تقنين الحركة من و إلى المخيمات، و جعل التراخيص تخضع لشروط صعبة و لا تتجاوز عشرة أيام، مع العلم بأن الوضع الاقتصادي و الاجتماعي للأسر الصحراوية جد متأزمة و هذا الحصار المضروب عليها يزيد من تفاقم الوضع، و يؤكد مخاوف الأمين العام الأممي "غوتيريس" في تقريره الأخير عن وجود أزمة إنسانية في المخيمات قريبة من الانفجار.
و تحدث هذه التطورات الميدانية أياما قليلة بعد التحقيق الصحفي الذي أنجزته صحفية إسبانية لصالح الإعلام المغربي و تظهر فيه المخيمات و هي محاصرة من طرف الجنود الجزائريين الذين يراقبون حركة اللاجئين و يحصون أنفاسهم، دون وجود مبرر واضح لكل هذا التضييق على حرية التنقل، و هذه الأخطاء تزيد من تأكيد تلك المشاهد التي تضمنها الوثائقي و تناقلتها وسائل الإعلام المغربية، و تمنح المغرب اوراقا جديدة تسمح له بتسجيل نقاط إضافية خلال المحطات الدولية المقبلة، بدءا من مجلس الأمن.
إخراج المدرعات لمجرد أن بضعة مواطنين يطالبون بإنصافهم و رفع الظلم الذي طالهم، دليل على إفلاس تفكير القيادة و عجزها عن تدبير الشؤون اللاجئين، و دليل آخر على أن المواطن الصحراوي لا مكان له في مشروعه الثوري، بل الأولوية كلها لمصالح الحليفة الجزائر، التي فرضت على اهالينا حصارا خانقا تحت ذريعة عزلنا عن ما يقع في الجزائر من احتجاجات حتى لا نتورط فيه، فكان من الواجب على القيادة تحريك مدرعاتها لفك العزلة عن الشعب، و رفع هذا الحصار عنه و ليس لتوجيهها إلى اجساد المقهورين.
حسام الصحراء