صرح البروفيسور أحمد المنصوري الأخصائي في جراحة الكلي والمسالك البولية والضعف الجنسي وأمراض الذكورة، على أن دراسة أجراها المركز الاستشفائي ابن رشد، أكد أن حوالي 46% من المغاربة يعانون الضعف الجنسي، وأن 75 في المائة من المغربيات المتزوجات غير راضيات عن معاشرة أزواجهن لهن.
وشدد خلال مداخلته في الندوة العلمية "الاختلالات الزوجية وأثرها على الكيان الأسري"، الجمعة في مراكش، على أن الاختلالات الجنسية يمكنها أن تتطور إلى أمراض نفسية حادة قد تصل في بعض الأحيان إلى درجة الاكتئاب المؤدي إلى الانتحار.
وأكد المنصوري، أن اختصاص أمراض الذكورة والعجز الجنسي، عرف في السنوات الأخيرة ثورة علمية هائلة، خاصة مع اختراع "دعامة الانتصاب" التي جعلت الطب قادرا على معالجة معظم حالات الضعف الجنسي، بعد أن كان قبل حوالي عقدين عاجزا أمام 80 في المائة من الحالات.
وأشار إلى أن "الضعف الجنسي" يُنتج في كثير من الأحيان نوع من العدوانية لدى المصاب، والعنف المبالغ فيه الذي قد يصل في كثير من الأحيان بصاحبه إلى دخول عالم الإجرام، كما هاجم بقوة من أسماهم بـ "المشعوذين" الذين ينصبون على الناس تحت دعوى تقديم العلاج، داعيا كل من لاحظ على نفسه علامات "الضعف الجنسي" بزيارة الطبيب المختص.
واعتبر المنصوري أن المدخل الأسلم لتفادي جميع أنواع المشاكل الجنسي تكمن في التربية الصحيحة، تشجيع الشباب على الزواج في سن مبكر لتفادي الوقوع في التجارب الفاشلة والمعارفة المنحرفة حول المعاشرة بين الزوجين.
وبخصوص تعريف "الضعف الجنسي"، أوضح المنصوري على أنه يعني أي خلل يحدث في إحدى مراحل للمعاشرة بين الجنسين، والتي تبدأ عن طريق الرغبة ثم الإثارة ثم الانتصاب ثم مرحلة الإيلاج أو المعاشرة الحقيقية وتنتهي بمرحلة النشوة، وشدد على أن الدراسات والممارسة الميدانية أثبتث أن معظم المشاكل الجنسية لدى الرجال تقع في مرحلة الانتصاب.
وأضاف بأن "ضعف الانتصاب" الذي يكون سببه نفسيا أو عضويا، يعني أن يفقد الرجل قدرته على الانتصاب أو أن يعجز على المحافظة عليه طيلة مراحل المعاشرة الزوجة.
ضعف الانتصاب إحدى المشاكل الصحية المتشعبة الأسباب، وخاصة بين الرجال فوق سن الأربعين.
ثلاث إشكاليات
من ناحية تلقي العلاج لحالة ضعف الانتصاب، ثمة ثلاث إشكاليات واقعية.
الإشكالية الأولى، هي أن ضعف الانتصاب إحدى المشاكل الصحية التي يتأخر علاجها بسبب التأخر في مراجعة الطبيب للاستشارة حولها والحرج من الحديث عنها مع الطبيب.
الإشكالية الثانية تتعلق بتدني معدلات إجراء تشخيص الإصابة به بطريقة طبية صحيحة، ولجوء البعض نحو تناول أدوية تنشيط الانتصاب دون التأكد من وجود تلك المشكلة وفق التقييم الطبي ولا معرفة الأسباب المحتملة لنشوئها، والتي يتطلب كثير منها علاج حالات مرضية مرافقة.
الإشكالية الثالثة، هي أن علاج ضعف الانتصاب هو المجال الخصب للعلاجات غير الصحية وغير الآمنة، التي، إضافة إلى احتمال تسببها بمضاعفات صحية، فإنها أيضاً تعيق تلقي المعالجة الطبية الصحيحة والآمنة.
التشخيص الصحيح
وتُعرّف المصادر الطبية ضعف الانتصاب بأنه: عدم القدرة على تكوين الانتصاب والحفاظ عليه لإتمام ممارسة العملية الجنسية. ويحدد الإصدار الخامس للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطراب العقلي DSM 5. عند استمرار المشكلة لمدة لا تقل عن 6 أشهر كأحد عناصر تشخيص الإصابة به.
ومن الضروري إتمام عملية تشخيص الإصابة بضعف الانتصاب بطريقة طبية صحيحة، وليس الاعتماد فقط على ملاحظة الرجل أن لديه «عدم رضا واكتفاء» بدرجة الانتصاب للعضو الذكري. والطريقة الطبية الأكثر استخداما هي «الفهرس الدولي لوظيفة الانتصاب» International Index of Erectile Function، وهو استبيان مكون من15 عنصرا، ويعتبر المعيار الذهبي لتقييم المرضى بالنسبة لمشكلة ضعف الانتصاب. ويتبع ذلك إجراء عدد من الفحوصات والتحاليل الطبية. كما أن هناك مقياس «جرد الصحة الجنسية للرجال«Sexual Health Inventory for Men، الذي هو عبارة عن استبيان قصير مكون من 5 عناصر تم تطويره لمتابعة التقدم والتطور في علاج حالات ضعف الانتصاب.
أسباب مختلفة
ولأن عملية الانتصاب هي عملية معقدة تتطلب توافق عمل أجزاء مختلفة من الجهاز العصبي والأوعية الدموية والغدد الصماء والجهاز التناسلي، إضافة إلى الصحة النفسية وتهيؤ الظروف الملائمة للقاء الزوجين، فإن أولى خطوات المعالجة، بعد إتمام عملية التشخيص، هي تحديد السبب أو الأسباب وراء نشوء حالة ضعف الانتصاب. كما أنه وعند الحديث عن مدى انتشار هذه المشكلة الصحية بين الرجال، تجدر ملاحظة أن هناك حالتين من ضعف الانتصاب.
الحالة الأولى ضعف الانتصاب الذي قد يُعاني منه الرجل من آن لآخر أو أن الانتصاب الذي تكوّن لديه لا يستمر حتى إتمام العملية الجنسية.
الحالة الثانية هي الضعف التام عن الانتصاب بشكل دائم.
ولذا يقول أطباء كليفليلاند كلينك: «ثمة كثير من الدراسات التي حاولت معرفة مدى انتشار هذه المشكلة. وأفادت دراسة شيخوخة الذكور في ولاية ماساتشوستس MMAS بأن المعاناة منها في أوقات دون أخرى ترتفع بشكل متزايد مع تقدم العمر، ونحو 40 في المائة من الرجال يتأثرون به بعد بلوغ سن 40 سنة، ونحو 70 في المائة من الرجال يتأثرون به في سن 70 سنة. أما حالة الضعف التام في الانتصاب Complete EDفتصيب نحو 5 في المائة من الرجال في عمر 40 سنة، و15 في المائة منهم في عمر 70 سنة».
خطوات المعالجة
وتوصي إرشادات علاج ضعف الانتصاب الصادرة عن الجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية AUA في عام 2018، بخطوة مهمة وهي: ضرورة الاهتمام باتباع السلوكيات الصحية في نمط عيش الحياة اليومية، وذلك كخطوة أولية في التعامل العلاجي مع حالات ضعف الانتصاب. وتذكر ما مفاده أن ضعف الانتصاب يرتبط بالحالة الصحية العامة للرجل، وبالتالي فإن تعديل نمط عيش الحياة بطريقة صحية يحسن وظيفة الانتصاب ويقلل من معدل انخفاضه الوظيفي مع تقدم العمر. وبعد سنة واحدة من التوقف عن التدخين، وُجد أن المرضى لديهم تحسن بنسبة 25 في المائة في جودة الانتصاب. وكذلك الحال مع حفظ وزن الجسم ضمن المعدلات الطبيعية والحفاظ على ممارسة الرياضة البدنية.
والخطوة الثانية في الأهمية، تغير الأدوية التي يتناولها المرء بشكل روتيني لمعالجة أي مشاكل صحية لديه، والتي قد يتسبب أو يساهم تناولها في ضعف الانتصاب، وبدلاً منها تناول الأنواع التي لا تسبب ذلك. ومن تلك الأدوية بعض من أنواع أدوية مسكنات الألم ومضادات الاكتئاب وبعض أدوية علاج الصرع وبعض من مضادات الهيستامين للحساسية وبعض من أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم وبعض من أدوية إدرار البول وبعض الأدوية الهرمونية وأدوية علاج ارتفاع الدهون الثلاثية وغيرها من أنواع الأدوية المستخدمة بشكل شائع في أوساط المرضى.
أدوية تعزيز الانتصاب.
وعلى الرغم من أن هناك كثيرا من الخيارات للعلاج غير الجراحي، فإنه يجب تقديم أدوية مثبطات الفسفوديستراز PDE5التي يتم تناولها عن طريق الفم، كعلاج من الدرجة الأولى للمرضى الذين يعانون من ضعف الانتصاب، ما لم يكن ثمة موانع طبية لتناولها. وتعمل هذه الأدوية بفاعلية لدى أغلب الرجال الذين يعانون من مشكلة المحافظة على بقاء ما يكفي من الانتصاب خلال الممارسة الجنسية، كما أن لها عددا من الآثار الجانبية وموانع الاستخدام.
ومن أمثلة هذه الأدوية كل من: سيلدينافيل Sildenafil (فياغرا )، وفاردينافيلVardenafil (ليفترا وتادالافيل Tadalafil (سياليس )، وأفانافيلAvanafil (ستيندرا )، وهي تقوم بمعالجة ضعف الانتصاب من خلال تعزيزها لتأثير أكسيد النتريك. وأكسيد النتريك مادة كيميائية طبيعية ينتجها الجسم لإرخاء العضلات في الأوعية الدموية للقضيب، ما يؤدي إلى زيادة تدفق الدم إليه وتكوين الانتصاب فيه استجابة للإثارة الجنسية. وهذه الأدوية تتشابه في طريقة عملها رغم أن ثمة اختلافات ثانوية فيما بينها نتيجة لأن لكل واحد منها تركيبة كيميائية مختلفة، وهو الأمر الذي يُؤثر على طريقة عمل كل دواء منها، مثل مدى سرعة ظهور مفعول الدواء وسرعة اختفاء مفعوله والآثار الجانبية المحتملة.
يعمل عقار سيلدينافيل (فياغرا ) بأقصى مستويات مفعوله عند تناوله على معدة فارغة قبل الممارسة الجنسية بساعة واحدة، ويدوم مفعوله لما يُقارب ست ساعات.
بينما يعمل عقار فاردينافيل (لفيترا ) بأقصى مستويات مفعوله عند تناوله قبل الممارسة الجنسية بساعة واحدة، على معدة خالية أو ممتلئة. ويدوم مفعوله قرابة سبع ساعات.
وبالمقابل فإن عقار تادالافيل (سيياليس ) يُمكن تناوله مع الأكل أو من دونه قبل الممارسة الجنسية بمدة ساعة واحدة إلى اثنتين، ويدوم مفعوله لمدة 36 ساعة.
بقلم الدكتور يونس العمراني