كيف ستكون النهاية بالنسبة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد مسلسل طويل انطلق سنة انتهاء عهدته الرئاسية الثالثة للجمهورية الجزائرية يوم أصيب بوعكة صحية جعلته يفقد الكثير من قواه وقدرته على إدارة دولة يتجاوز تعداد سكانها أربعين مليون نسمة.
آنذاك كان على عبد العزيز بوتفليقة أو بالأحرى كان على الذين يتحكمون في تصرفاته أن يتعاملوا معه بجدية كإنسان مريض عليه أن يخلد للراحة وأن يبتعد عن ممارسة السلطة ويكتفي برئاسة الجمهورية برسم ثلاث ولايات أي لمدة 15من السنوات حتى لا يبقى يمارس الحكم وهو على كرسي متحرك..
لقد ظهر عبد العزيز بوتفليقة مبكرا في المشهد السياسي الجزائري وكان عمره 27سنة حينما تولى وزارة الشبيبة والرياضة في أول حكومة كان يرأسها أحمد بن بلة في فجر استقلال الجزائر.
وما هي إلا فترة قصيرة حتى كان أحمد خميستي أول وزير خارجية بالجزائر قد سقط شهيدا بعيارات نارية أطلقها عليه أحد الجزائريين قيل إنه كان في حالة جنون.
وباغتيال الشهيد أحمد خميستي فتحت أبواب وزارة الخارجية أمام شاب آخر هو عبد العزيزبوتفليقة وكان عمره 28سنة. وسيظل في هذا المنصب لمدة عقد ونصف إلى أن توفى هواري بومدين في نهاية عقد سبعينيات القرن الماضي.
ومن اللحظات الشهيرة لبوتفليقة كوزير لخارجية الجزائر أنه ترأس دورة الجمعية العمومية لهئية الأمم المتحدة عندما ألقى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في إحدى جلساتها خطابا تاريخيا سجل انتصارا كبيرا للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي.
لكن بوتفليقة سيختفي من المشهد السياسي الجزائري بعد رحيل الهواري بومدين. إذ أنه فقد بوفاة بومدين الرجل الذي كان يحتضنه منذ أيام قيادة جيش التحرير المستقرة في مدينة وجدة المغربية إبان الحرب ضد الاستعمار الفرنسي.
ومن نهاية السبعينيات إلى نهاية التسعينيات، ظل بوتفليقة طوال عقدين يتابع التطورات السياسية في بلاده ويتطلع إلى اللحظة المناسبة لعودته القوية إلى ممارسة السلطة
ففي سنة 1999 اعتبر أولائك الذين بيدهم الحل والعقد أن لا مفر لفتح المجال أمام بوتفليقة ليكون رئيسا للجمهورية الجزائرية وكان آنذاك ينعم بكل قواه وفي حالة صحية جيدة
لكن عندما بدأ الحديث عن عهدة رئاسية خامسة وهو ما اعترض عليه كثيرون قبيل اندلاع حراك الشارع الجزائري صاح المدافعون عن بوتفليقة بأنه لم يصب بوعكة صحية إلا نتيجة لكده وجهاده من أجل الوطن. ولذلك اعتبر هؤلاء أن بوتفليقة يستحق البقاء في الحكم لإكمال مهامه لصالح الدولة جزاء ما أعطاه للجزائر إلى غير ذلك من التبريرات لكي يبقى بوتفليقة يحكم الجزائر حتى وهو يسير على كرسي متحرك.
كان من الممكن أن يترك بوتفليقة الرئاسة لغيره ممن تتوفر لهم المؤهلات الضرورية لممارسة الحكم أوبالأحرى كان أول بمن كانوا يدافعون عن عهدة خامسة أن يقرروا في الوقت المناسب أن يضعوا حدا لمهزلة الرئيس المريض ويساعدوه على الخروج من الورطة السياسية قبل فوات الأوان.
ولكنهم قرروا تركه يواجه نهاية غير مشرفة لتاريخه.