لم تعد خرجات بنكيران، تثير الإعجاب، بقدر ما أصحبت مدعاة للشفقة على رجل، يبدو أنه يصارع، بقوة من أجل الحفاظ على وجوده "الفايسبوكي"، بعد إعفائه من رئاسة الحكومة بسبب عجزه على جمع أغلبية، وبعد سقوطه من الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، و استفادته من تقاعد استثنائي مريح، تقتضي الأعراف أن يستمر في تقاضيه، إلى أن يتوقف قلبه عن النبض.
وبعد أن فشل " مول جافيل"، والمدارس الحرة، وأشياء أخرى، في "حماية" عبد العالي حامي الدين، وذهبت صرخته : "لن نسلمكم أخانا" أدراج الريح"، و بعد أن أجاز لأمنية ماء العينين، نزع الحجاب أمام أو في المولان روج بباريس، من دون أن يجد من يؤازره في مسعى الدفاع عن حرية امرأة مطلقة، في أن تعيش حياتها، متحجبة أو سافرة، مع خطيب أو عشيق أو صديق.
ها هو بنكيران يتجند للدفاع عن لغة التدريس، مختزلا إياها في اللغة العربية، بالرغم من أنه كان أشد حرصا على تدريس أبنائه في مدارس البعثة الفرنسية، مع استكمال دراستهم في الجامعات الفرنسية إن اقتضى الحال.
و لم يقف بنكيران، في حدود الدفاع عن اللغة العربية، وهذا من حقه، بل تعدى ذلك إلى تحريض رئيس الحكومة، خلفه على رأس السلطة التنفيذية و الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، على الاستقالة، من دون أن يلتفت له الطبيب النفسي، الذي، من المؤكد، أنه أعلم بالحالة النفسية لرجل لم يعد أحد يؤتمر بأوامره، سوى سائقه المسكين، الذي يفرض عليه أن يصور كلماته، التي لا تشبه الكلمات، بكاميرا هاتفه النقال.
و لأن بنكيران يعلم علم اليقين، أن العثماني يعجبه التفرج على حمقه، ببرودة دم طبيب مُعالج، فقد ألقى أيضا بـ "العار" على الفريق البرلماني، محرضا إياه على التصويت ضد القانون الإطار للتربية والتعليم، غير أن الفريق ألقى بالكرة في حجر الأمانة العامة، محملا إياها مسؤولية "الإفتاء"... وهي، طبعا، لن تفتي إلا بالتصويت بنعم، وهو أمر طبيعي جدا بالنسبة لحزب يقود الأغلبية، إن كانت تستحق هذه الاسم، لأن ما يصدر عن مكوناتها يشي أنها مجرد أحزاب، لا تجمع بينها رؤية واضحة في تدبير الشأن العام، بقدر ما تلمّها الرغبة في حجز أكبر قدر من المقاعد في انتخابات 2021، في سباق مبكر لا يخلو من الكثير التنافس غير الشريف، بعد أن تخلت، على البرنامج الحكومي الحالي، و شرعت من الآن تعد ببرامج أكثر لمعانا...
لذلك لا يسعنا إلا أن نردد مع بشار بن برد:
أَخَّرْتَ رُشْدَكَ في غَدٍ فَغَدٍ بل كَيْفَ تَأمَنُ ما يَسُوقُ غَدُ
تَرْجُو غَداً وغَدٌ كَحَامِلَة ٍ في الحي لا يدرون ما تلدُ
في الْيَوْمِ حَظُّكَ إِنْ أَخَذْتَ به وغَدٌ فَفِي تِلْقَائِهِ الْعَدَدُ
المصطفى كنيت