*عبد المجيد مومر
" يا أهْلَ الشقاقِ و النفاقِ ، و يا عُشّاقَ الأموال و فتاوى الأسواق ، و يا دُعاة مساوئ الأخلاق ، إني أرى أقنعة الكذب و الإسترزاق قد تكاثرت و حان زمن إسقاطها ". عن الحجاج الثقفي بتصرف.
خرجَ علينا ذاك الإتحاد الجاهِلي لِسُفَهاء المُسْرِفين عبر بيان هُلامي ركيك ، أعلن من خلاله عن توجيه رسالة نصح و تحذير للمغربيات و المغاربة. كما وصف البيان المشبوه " ما وقع في معهد تكوين الأئمة بالمملكة المغربية أنه تلفيق بين الأذان الذي يعد من أعظم شعائر الإسلام، وبين الترانيم والأناشيد الكنسية" .
و زاد البيان المعلوم من تحريف الجُمل عن مَواضِعها حيث ادَّعى بأن ما تعانيه الأمة من تفريق و تمزيق، و أن ما هو مسلط عليها من مظالم وانتهاكات لكرامتها وسيادتها، قد وصل إلى حد الاستخفاف بمقدساتها وثوابتها الشرعية.
و وفق ذات الخُطاطَة السوداء ، فَخِلالَ العقدِ الأخير ظهرت داخل كيان الأمة مواقف شاذة تتَّجِه إلى النيل من كمال الإسلام وشموله وخلوده وعصمته، ودعوات للنيل من السنة النبوية المشرفة وأئمتها.
هكذا جاء بيان الجُهلاءِ السُفهاءِ المُسْرِفين بلسان الإفك والبهتان ، لكيْ ينْقُلَ إلى أسماعنا جديد الهرطقة الذميمة و اللغو الفاحش ، و أيضاً لكي يَنْفُثَ سموم الحقد و الحسد و مشاعر الكراهية البغيضة ضد المملكة المغربية.
و أمام هَوْلِ ما قرأت في بيان عبيدِ الضَّلاَل المُبين ، أجيب أولئك السفهاءِ الجاهِلين ساخراً: نعم بكل تأكيد .. إنّكم لَسْتُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ أنْتم أَضَلُّ سَبِيلاً . و هكذا وَجَبَ على من حَضَر نَقْلَ ما سيأتي من خَبَر :
1 – أن عِزَّتَنَا و كَرامَتَنا و قُوَّتَنا – نحن المغاربة - قد تحققت باعتدال الإلتزام بِبَيْعَة إمارة المؤمنين المُعْتَصِمة بكتاب الله و المُسْتَمْسِكَة بسنة الرسول المُعلم السِّراج المُنير ، و ما إجْتَمَعَتْ عليه الأمة المغربية من تشبت بِعقد الأشعري و فقه مالك و تصوف الجنيد السالك . و صدق الله تعالى الذي يقول " يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)" سورة الحجرات. و يقول الهادي عز وجل في مُحكم تنزلِه :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)" سورة محمد.
2- أن مبدأ التعارف، مبدأ ثابت و صريح في القرآن : " وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) " سورة الحجرات. و أنَّنَا لا نرومُ -من خلال تفعيل هذا المبدأ القرآني- التفريطَ في عقيدة التوحيد ، بل نعمل على الانفتاح على باقي الرسالات السماوية في سعي دائم للخير المتبادل ، يقول الله الخلاَّقُ العليم : " وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82)" سورة المائدة. و جاء في الحديث النبوي الزَكِيِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى، الأَنْبِيَاءُ أَبْنَاءُ عَلاَّتٍ وَلَيْسَ بينى وَبَيْنَ عِيسَى نَبِي» (صحيح مسلم).
3 – أنَّ القرآن الكريم قد حذر أشد التحذير من أمثال " علماء البِتْرُودُولَار " الذين يشترون بآيات الله ثمنا قليلا ، حين قال تعالى : " وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً إِنَّمَا عِندَ اللّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ 95 " سورة النحل.
4- نؤكد مرة أخرى بأن من أولى واجبات الأمة دعم جهود المملكة المغربية التي تُعبر بكل وضوح عن مقاومة عقلانية قوية لإنقاذ أرض إسراء النبي محمد - صلى الله عليه وسلم- ، مع تمكين الشعب الفلسطيني من آليات الصمود و الثبات حتى نَيْلِ مطالِبهم العادلة و الراسخة، فمدينة القدس ليست مِلكًا حصريًّا لدولة إسرائيل المُسْتَحْدَثَة.
5- نطالب حكماء قطر جميعاً ومؤسساتهم الدينية بالقيام بواجبهم، وتحمل مسؤوليتهم نحو دينهم وأمتهم وقضاياهم؛ من خلال التبَرُّؤِ الصريح من لغو التحريض المَقيت الذي يقوم به السفهاء المُسترزقون ، و الذين ينتحلون صفة ورثة الأنبياء و يُزَكُّون أنفسهم ضمن مقام الأمناء على هذا الدِّين . و تَباركَ اللهُ " وَ هُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ 18" سورة الأنعام.
أَيَا سُفهاء الإِفْكِ و البُهْتَانِ .. أَلَا أُخْبِرُكُم بكلماتٍ تُساعِدُكُم على تَبْيِينِ مرض نفاقكُم و جرائم إتِّحادِكُم ؟!
أنتم الحاملون لِمَايْكاتِ الاسترزاق بدين الله مقابل أموال النفط و الغاز ، و أنتم المُبْحِرون في ظلمات الفتاوى المارقة . بل أنتم المُتَفَيْقِهون الذين أظلموا عقول الشباب بالدعوة المُسَيَّسَة و التّديُّن المَسْمومِ ، مع التبشير بدولة خلافة تملأ أرض الإخوان من المحيط إلى باكستان ، تملأها بالنفاق السياسي و المروق المذهبي و الشتات الروحي الذي يُزْهِق الأرواح و يَهدِم العمران و يَرْدِمُ أساس البنيان.
أنتم تتقاسمون غنائم فتاوى الدَّاعِشيَّة المُقَنَّعَة. أنتم تمزحون و تُقَهْقِهون ، و تَرْمون بالشباب المغبون في بحر سفك الدماء بإسم جهاد تكفيري يُقَسِّم الأُسَر و يُشَرِّدُ الأطفال و يَسْبِي النساء ؛ هيَ هَذِهِ عادتكم السِّرِّيَّة في الدعوة بمنطق أكلِ الغلَّة و تَحْرِيفِ المِلَّة .
ولأن المناسبة شرط، فإننا – كشباب حداثي شعبي – نَتَّجِهُ بالسؤال مُجَدَّدًا إلى حكماء دولة قطر حول أسباب و مُسَبِّبات احتضانِها و منحها رخصَ الإقامة على أراضيها لشيوخ هذا الاتحاد الإرهابي لسفهاء الفتنة ، و الذي يتدخل في شؤون الأمن الروحي للمغربيات والمغاربة بشكل سافر. فلا يمكننا التغاضي عن هذه التهمة/ الجريمة لأن لا أحد يستطيع نفي الوقائع الميدانية المرتبطة بوجود هذه الجماعات الخطيرة وقياداتها التي تتدخل في شؤون المغرب الدينية تحت ضيافة مادية قطرية.
وإذا كانت المعطيات الميدانية المعلومة تُؤَكد ارتباط خلايا الاتحاد الإرهابي لسفهاء الفتنة بأجندات "شبه انقلابية" داخل بعض الدول. و تكشف كذلك عن استفادة التنظيم المذكور من امتيازات عدم إدراجه ضمن لوائح الأمم المتحدة للجماعات الإرهابية، واختباء بعض قياداته خلف ستار الدعوة أو المقاومة، أو تحت غطاء أيديولوجيا أحزاب التدين السياسي.
كل ما سبق بَسْطُهُ يؤدي إلى فضح محاولة إلباس الشرعية والمشروعية القانونية والدعَوِيَّة على هذا الإتحاد الجاهلي لسفهاء المسرفين ، و تبييض وجهِ دعاة الإرهاب و تقسيم الأوطان ، بشكل يجعل من إمارة قطر مُتورِّطة -عن قصْد أو دونه-.
و تستمر النتيجة كارثية مع استمرار رعاية و تمويل هذا التَديُّن الداعشي القاتل للإنسان والرافض للإنفتاح و التعارف بين الأديان ، و المُعَرْقِل لخيار الديمقراطية والحكامة العقلانية القادرة على إحقاق المطالب الشبابية في الحرية و الكرامة و التنمية و العدالة الاجتماعية.
*رئيس الإختيار الحداثي الشعبي