نحن المغاربة من حقنا ومن واجبنا أن نهتم بما يجري في الجزائر لأن الأمر يتعلق بجيراننا وبأشقائنا وإن كان لا يحق لدولتنا أن تتدخل في الشؤون الداخلية للدولة الجزائرية. إننا كشعب نريد أن نطمئن على أحوال إخواننا إن على المستوى المؤسساتي أو السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
فعلى الصعيد الاقتصادي بالذات، يقولون بأن العملة الجزائرية انخفضت قيمتها بنسبة عشرة في المئة منذ بداية حراك الشارع الجزائري مع ما يتولد من تدهور العملة من آثار سلبية على غلاء المعيشة والقدرة الشرائية للمواطنين.
ونأمل من الله عز وجل أن يتمكن إخواننا الجزائريون من التغلب مع مصاعبهم السياسية والمؤسساتية والاقتصادية لما في ذلك من خير للجزائر والمغرب ومستقبل المغرب العربي.
لكن كيف يمكن للجزائر الشقيقة أن تتغلب على مصاعبها وتحل مشاكلها مع تجاهل مطالب التغيير التي يعبر عنها الشارع وهي مطالب تقتضي بأن ترفع الطبقة الحاكمة يدها عن الشعب الجزائري الذي يتوفر على ما يكفي من النضج والشعور القوي للوحدة الوطنية.
ولا أدل على ذلك من كون مختلف ولايات القطر الجزائري ومختلف طبقات الشعب تنزل إلى الشارع كرجل واحد كل يوم جمعة لإشعار العالم بأن لكل تجمع حضري حرص على تغيير النظام الحاكم والمتحكم في مصير أكثر من أربعين مليون من المواطنين والمواطنات لهم ما يكفي من الوعي والاحساس بالحاجة إلى مؤسسات فاعلة وحقيقية في مستوى ما للجزائر في الداخل أو الخارج من رجال ونساء على درجة عالية من الكفاءة والخبرة أي ما لايتوفر للعديد من بلدان العالم الثالث.
هذه هي الجزائر التي يخاف المتحكمون في شؤونها من غضب شعبها ومن ثورة الشارع.
وبدلا من إنصاتهم إلى صيحات المواطنين يفضل الماسكون بالسلطة بيد من حديد أن يتشاوروا وأن يتحاوروا مع عواصم أجنبية بحثا عن الحلول التي تخرجهم من ورطتهم ومن فشلهم في إدارة الدولة.
من هنا يمكن القول بأن غضب الشارع قد يستمر في سياق المطالبة بتغيير النظام وذهاب أولائك الذين يظهرون في الواجهة السياسية سواء تعلق الأمر برئيس الجمهورية المريض أو من يحتل إلى جانبه مناصب وزارية وأخرى نيابية أو الواجهة الحزبية
إن عهد المؤسسة السرية الحاكمة منذ سنوات وعقود يجب أن يختفي بصفة نهائية لكي ينعم الشعب الجزائري الشقيق بنظام ديمقراطي فعلي يساعده على التوجه إلى المستقبل باطمئنان وأمان.
لكي يستوعب الإنسان ويفهم ما يجري في الجزائر عليه أن يفترض أن ثمة نواة صلبة تمسك بيد من حديد أدوات السلطة الحقيقية في القطر الشقيق.
يتعلق الأمر في الحقيقة بمؤسسة سرية تعتمد على عسكريين وآخرين غير عسكريين قاسمهم المشترك أن الرأي العام لا يعرف شيئا عن هويتهم، لا في الجزائر ولا خارج الجزائر. إنها مؤسسة تتعامل مع الشعب من خلال من تختارهم لاحتلال الواجهة السياسية.
هذه الحقيقة يمكن تأكيدها باستحضار الظروف التي ثم فيها إقصاء الراحل الشادلي بن جديد من الرئاسة قبل دخول الجزائر العشرية السوداء. أي ما جرى آنذاك يوم جيء بالشهيد محمد بوضياف، لتولي الرسائة إلى أن ثم اغتياله وبعده جاء دور علي كافي ثم لامين زروال إلى اليوم الذي حل فيه موعد تولي الرئاسة من طرف عبد العزيز بوتفليقة عام 1999
هنا يجب أن يفترض الإنسان بأن المؤسسة السرية تعاقدت مع بوتفليقة ليحتل الواجهة السياسية كرئيس للجمهورية يتوفر على هامش للمناورة يسمح له بالقيام بالعديد من المهام والإشراف على المنجزات.
استمر الأمر على هذه الحال إلى أن أصيب عبد العزيز بوتفليقة بجلطة دماغية قبل نهاية عهدته الرئاسية
آنذاك من المفترض أن تكون المؤسسة السرية بحثت على رئيس بديل وربما أنهم لم يتفقوا على بديل للرئيس المريض فقرروا الإبقاء عليه كرئيس يحتل الواجهة.
ومادامت المؤسسة السرية تقبض بيد من حديد على زمام السلطة فلا أهمية لمن يحتل الواجهة السياسية في القطر الشقيق سواء تعلق الأمر برئاسة الجمهورية أو المناصب الوزارية والبرلمانية أو الأمانة العامة لجبهة التحرير وهو منصب خلال فترة وجيزة من رابح سعداني إلى زمان ولد عباس وبعده موعاد بوشارب علاوة على التغييرات على رأس الإدارة العامة للأمن الوطني بنفس الوتيرة.
كل هذه حقائق تؤكد بأن مؤسسة سرية حاكمة في الجزائر تجد نفسها اليوم في مواجهة مع أزمة استفحلت منذ شهر بفعل قوة حراك الشارع الجزائري كثورة عارمة ضد النظام السياسي في القطر الشقيق.
المؤسسة السرية الحاكمة بدلا من الحوار والتعامل بحكمة مع الشارع الجزائري الغاضب، اختارت التشاور مع عواصم أجنبية، وهكذا فالمؤسسة السرية تعمل بشعور أو بدون شعور على تدويل الأزمة الجزائرية.
والغريب أنهم يقولون عن مهمة رمطان لعمامرة وجولته في عواصم أجنبية بأنها مهمة بتكليف من الحكومة الجزائرية التي لم يتم بعد تشكيلها وبالتالي لا أحد يعرف ما هو برنامج هذه الحكومة.