مرحبا بكم في موقع أركانة بريس موقع اخباري إلكتروني مغربي .         ناقل الجهل جاهل: الريسوني ماكيفهمش النكليزية وجر معاه الجامعي فالفخ             علم الاقتصاد وعلاقته بالعلوم الاخرى             منهج نحو منظور حداثي لفلسفتنا التربوية للميثاق الوطني للتربية والتكوين             كيف بدأت الحياة على الأرض ومتى بدأت             اختصاصات رئيس الحكومة في القانون المغربي رئيس الحكومة             تعريف نظام الحكم في المملكة المغربية الشريفة             الشباب المغربي.. أرقام صادمة ومستقبل مقلق             صحفية “إسبانيول” تفضح القناة الإسبانية الرابعة وتطعن في مصداقيتها             العلاقة بين التلميذ والأستاذ والإدارة             الرسالة الأكملية في فَضْخِ الكتاني ونصرة الأمازيغية             التاريخ كما ترويه الامكنة :حقائق عن قضية الصحراء المغربية            ريدوان يطلق أغنية عالمية             خطاب الملك محمد السادس التاريخي في افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان المغربي 2017            التيجيني يناقش مغربية الصحراء مع الدكتور العدناني - الجزء الأول            القناعة كنز لا يفنى            الدارجة؟؟            تعايش الأديان.            زوجات زوجات.           

  الرئيسية اتصل بنا
صوت وصورة

التاريخ كما ترويه الامكنة :حقائق عن قضية الصحراء المغربية


ريدوان يطلق أغنية عالمية


خطاب الملك محمد السادس التاريخي في افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان المغربي 2017


التيجيني يناقش مغربية الصحراء مع الدكتور العدناني - الجزء الأول


الشاب الذي أبهر المغاربة برسمه للملك محمد السادس بطريقة لا تصدق


الخطاب الملكي بمناسبةعيد العرش المجيد


جنازة مهيبة للأسطورة الظلمي


Le Maroc vu du ciel


المغرب الإفريقي


حقيقة ناصر الزفزافي و عمالته للمخابرات العدائية للمغرب

 
اخبار عامة

المقاطعة وديكتاتورية الأغلبية.. ماذا يقول علم النفس الاجتماعي؟


حكاية "حبنا" لهذا الوطن


هواري بومدين لم يقم بالثورة وكان مختبئا في المغرب وكان يكره المجاهدين + فيديو


مضاجعة العُهر لا تحتاج إلى وضوء بل إلى عازل طبي


بركات الجزائرية.. مغربية أيضا


الصحراء مغربية حتى لو بقيت الحدود مغلقة إلى يوم القيامة


"الربيع العربي" يزحف بمعاول التقسيم والتطرف والتمذهب


الجزائر لا وجود لها في تاريخ شمال إفريقيا


أضواء على الحقيقة.. في خطاب الديكتاتور بوتفليقة


"أنتم رجال أشرار"

 
أركان خاصة

حكام الجزائر للشعوب المغاربية : تعالوا للتفرقة وبعدها نفكر في الوحدة


سمير بنيس: الإعلام الدولي تواطأ مع البوليساريو في قضية "محجوبة"


دفع الصائل الارهابي: نحو تدويل النموذج المغربي-2-


دفع الصائل الارهابي: نحو تدويل النموذج المغربي-1-


معارك إمارة المؤمنين ابتدأت


البوليساريو، القاعدة، الجزائر.. ثلاثي يهدد الاستقرار بالمنطقة


بنيس يُشَرح نزاع الصحراء أمام أكاديميي جامعة برينستون الأمريكية


سمير بنيس: جبهة البوليساريو لم يكن لها أي وجود قبل إنشائها من قبل الجزائر وقذافي ليبيا في عام 1973


الملك والصحراء التي قد تضيع!


شيزوفرينيا الجزائر ضد المغرب

 
كتب و قراءات

كتاب"سؤال العنف بين الائتمانية والحوارية" يفكك التطرف بمطرقة النقد الأخلاقي


قراءة في كتاب "الإسلام السياسي في الميزان: حالة المغرب"


السوسيولوجي والباحث محمد الشرقاوي: مفهوم “الشعب الصحراوي” أسطورة اسبانية


رغم رحيله.. الدكتور رشدي فكار يبقى من عمالقة الفكر المعاصر


الفيلسوف طه عبد الرحمن.. نقد للحداثة وتأسيس للأخلاقية الإسلامية


الطاهر بنجلون : الجزائر لها "عُقدة" مع المغرب و هَمُها هو محاربته .


انغلاق النص التشريعي خدعة سياسية وكذب على التاريخ


متى يتحرك المنتظم الدولي لوقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان بتندوف ؟؟


الهوية العاطفية: حول مفهوم الحب كتجربة تعالٍ


طه عبد الرحمن .. من زلزال "روح الدين" إلى تسونامي "بؤس الدَّهرانيَّة"

 
ثقافات ...

الجزء 2..تفاصيل إحدى أكبر عمليات المخابرات في التاريخ التي قادها الرسول (ص)


الجزء الأول..لكل هذا كان الرسول (ص) رجل استخبارات بامتياز!


نحن والجزائر


في ذكرى رحيله..... أجمل 50 مقولة لـ"جلال الدين الرومي"


حتى لا يباع التاريخ المغربي بحفنة من حروف صخرية


حتى لا يتحول الفقه الأمازيغي الاركامي الى فقه حنبلي..


الجزائر وعقدة المغرب


بوحمارة في ورش الظهير البربري


معطيات واضحة تحكم على جبهة البوليساريو بالاندحار والزوال


الخبير الياباني ماتسوموتو :«الجمهورية الصحراوية» مجرد تنظيم اختارتوصيف نفسه بلقب «الجمهورية»

 
ترفيه

كيف وصلتنا "كذبة ابريل" او "سمكة ابريل"


الحاجة أم الإبداع


interdit aux moins de 18 ans


أنواع الأسلحة المنزلية:


أبغض الحلال...

 
ذاكرة

أقوال للحسن الثاني شغلت المغاربة طيلة 38 عاما


“رجع بخفي حنين”


المعلمة.

 
 


تاريخ سلطان الطلبة بالمغرب : الأبعاد والدلالات


أضف المقال إلى :
yahoo Facebook yahoo Twitter Myspace delicious Live Google

أضيف في 27 مارس 2019 الساعة 14 : 09





الدلالة التاريخية : سلطان الطلبة بفاس ونزهة الطْلْبَة ْبتازة
من التاريخ الحافل لمدينة تازة المجاهدة ، ومن المحافل التي كانت شاهدة على عراقة هذه المدينة ومحيطها وأسبقيتها في مجال الحضارة والفكر ، نجد ما كان يسمى ب" نزهة الطلبة " ، فقد عرفنا أن مدينة فاس القريبة في الأبعاد والمنحى التاريخي من هذه المدينة ما كان يسمى ب "سلطان الطلبة" في ظل جامع القرويين ، والظروف التي أنتجت هذا السلطان معروفة وسياقاتها ثابتة ومتداولة تاريخيا ، فالاحتفال بسلطان الطلبة بفاسيرجع إلى القرن السابع عشر إبان حكم المولى الرشيد  ( 16661672 ) حيث يحتفل طلبة مدينة فاس بحلول فصل الربيع إذ يتزايدون على اقتناء تاج السلطنة، ثم يشكلون المخزن و الحاشية ويوزّعون الأدوار فيما بينهم، فينصبون الصدر الأعظم والوزير و الحاجب و قائد المشور، ثم يخرجون في نزهة إلى ضفاف وادي مدينة فاس  ( الضفة الجميلة  ).
ففي بداية شهر مارس أي بداية الربيع ونهاية فترة الامتحانات، يعمد طلبة جامع القرويين بفاس وطلبة كلية ابن يوسف بمراكش بطلب الإذن من سلطان المغرب في تلك الفترة لإقامة حفل تنصيب سلطان الطلبة السنوي، بناء على بيعة يرشح كل طالب نفسه لها ويسجلها عدلان شرعيان ، يقوم سلطان الطلبة فور تنصيبه بتأليف حاشيته من بينهم وزير المالية و المحتسب كما يقوم المخزن بمهام البلاط اليومية حيث ينغمس الوزراء المعيّنون من أصدقاء الطالب و معهم كتّاب دواوينهم في تحرير ظهائر خيالية ذات موضوعات هزلية . يسارع سلطان المغرب الفعلي إلى زيارة سلطان الطلبة في مملكته المصغرة حيث يقوم المحتسب بإلقاء خطبة  (الزردة ) أي الوليمة في حضرة السلطانين و رعاياهما في موقف هزلي ساخر.
و في أول يوم جمعة يرسل المخزن المغربي لسلطان الطلبة كسوة فاخرة لتنظيم موكب رسمي ينطلق من جامعة الطالب على صهوة جواده محاطا بحاشيته من الفرسان و قواد  ( المشور  ) و عدد غفير من الطلبة إلى أن يصل الموكب إلى جامع الأندلس فيؤدي به سلطان الطلبة صلاة الجمعة، ثم يتابع الموكب طريقه لزيارة ضريح المولى الرشيد بداخل قبة الشيخ أبي الحسن بن حرزهم بمقبرة الغرباء خارج باب الفتوح بفاس و هو السلطان الذي سنّ الظاهرة وشمل الطلبة بعطفه و كرمه. و مساءا بعد صلاة العصر يعود سلطان الطلبة إلى مملكته حيث يخرج و حاشيته عشية اليوم الموالي إلى إحدى الضيعات حيث ضربت الخيام لإقامته طيلة أسبوع يرتاح فيه هو و الطلبة من عناء الدراسة و التحصيل ، فإذا مضت ستة أيام يتهيأ الجميع لاستقبال السلطان الفعلي و خليفته في موكب عظيم حيث يترجل سلطان الطلبة عن فرسه و يتقدم إلى سلطان البلاد الفعلي ليقدم إليه كتابا يتضمن طلبا خاصا يأمل في تحقيقه و بذلك تنتهي احتفالات ظاهرة سلطان الطلبة حيث يرجع الجميع إلى جامعته للكد و التحصيل بعد أسبوع من الراحة و الاستمتاع.
هذا ما عرف ودوّن عن سلطان الطلبة بفاس ، وفي الناحية الأخرى من جهات هذا البلد الحبيب ، باتجاه مدينة تازة ، نجد احتفاء آخر بالطلبة يختلف من حيث السياق ، ومن حيث المواد المبرمجة ولكن تتوحد فيه الرؤى والتصورات ، فالأبعاد تؤسس لقضية جوهرية مهمة وهي حب المغاربة ملوكا وشعبا لطلبة الجامع والمسيد ولحفظة القرآن وحملته .
ابتدأ هذا الاحتفال بمدينة تازة – حسب الروايات المتداولة شفهيا – سنة 1925، وظل هذا الاحتفال ساريا إلى سنة 1944م ، ويتأسس مفهوم هذا الاحتفال على مبدأ الاعتراف بمكانة العالم والقطب والشيخ ، فقد كان أعلام وأقطاب المدينة العتيقة لتازة يجتمعون للاحتفال بموسم الطلبة فيما يسمى ب" نْزاهْة الطلبة " أو " نٌزهة الطلبة " وذلك في حياة السلطان مولاي يوسف رحمه الله ، وكان هؤلاء يجتمعون في زوايا المدينةومساييدها بحضور مريدي الزوايا وطلبة هذه الكتاتيب ، وتحصر عدد الزوايا التي يحيى بها هذا الموسم ب 7 زوايا .
يباشر هذا الموسم مدة أسبوع أو شهر حسب الحاجة ، ويتنافس الناس في إطعام المجتمعين الذين يسود بينهم المودة والتعاطف والمحبة ،وما يتبقى عند نهاية الموسم من طعام وخيرات يوزع على الضعفاء والفقراء والمحتاجين .
ومن أبرز ما يميز هذا الموسم أو هذه المناسبة أنها كانت توحّد بين سكان المدينة مهما كانت أعراقهم وأنسابهم ، وتوضّح أيضا تلك المكانة التي يحتلها الشيخ والولي في حياتهم ، فهذه المدينة هي مدينة الأولياء بامتياز استطاع من خلالها هؤلاء أن يؤطروا الناس ويربوهم على المحبة والمودة.
وترمز هذه المناسبة أيضا إلى ذلك التكافل والتعاون الذي كان يسود بين فئات المجتمع التازي المختلفة ، فلا فرق بين غني وفقير مادام الاحتفال سيكون تحت لواء العارفين وسيرفع من قيمة الطلبة والحفظة ، فكأن الناس بهذا الاجتماع وهذا الاحتفاء يمررون رسائل اجتماعية لمن سيعمّرون بعدهم الديار، مضمونها أن الحب والوفاء لطلبة العلم لا يثمر إلا الازدهار والأمن والاستقرار .
فسواء كان الاسم سلطان الطلبة أو نزهة الطلبة ، فالمقصود دائما ، هو تلك المحورية التي استطاع أن يخلقها طلبة هذه العلوم ، وتفننهم في كسب حب الناس ، وهي رسائل لها مدلولات أعمق تصور ثقافة حضارية وتاريخية تميز بها أهل فاس وأهل تازة ، وغيرهم ممن ركبوا هذا المضمار .

بدء الاحتفالات التي تدوم أسبوعا كاملا :
يصور لنا الأستاذ علال الفاسي الاحتفال بموسم “سلطان الطلبة” في قصيدة رائعة تجسد ما تركه الاحتفال والاحتفاء بالطلبة من مزايا في نفوسهم :
إذا جاء إبان الربيع وأينعت ./. عضو ثر وهبت رائحة الأزاهر
 ( الاحتفالات تكون في موسم الربيع فترة نهاية الامتحانات  )
فللقرويين العظيمة محفل ./. له موكب بين الرياض الزاهر
 ( إشادة بالاحتفال وبأهميته وبخصوصيته في جامع القرويين العظيمة التي أنجبت علماء وفقهاء ومحدثين مثل دراس بن اسماعيل الذي أدخل المدونة إلى المغرب كان من علمائها الذين رحلوا إلى المشرق  ) .
تقوم له بين المحافل دولة ./. لها ملك من بينهم غير قاهر
يتم به في شاطئ النهر نزهة ./. مغاربها تزهو بوادي الجواهر
 ( في الاحتفال ترويح عن النفوس ونزهة للخاطر وتأدب مع الطبيعة واهتمام بالبيئة في أرقى مستوياتها وأبعادها ، وتأكيد على الأبعاد الحضارية التي كان يقوم بها الطلبة في التنزه في موسم بهي وبهيج  )
ويخرج سلطان التلاميذ راكبا./.على فرس في جيشه المتكاثر
 ( جيش من الطلبة والعساكر يزينون عرشه ويضفون على الاحتفال رونقا خاصا يشعر الطالب المحتفى به كأنه في عرشه ، وهذا أمر له دلالات وقيم ، تتأسس من خلاله الرابطة القوية بين العرش والشعب الذي يشارك في الحفل ويسهم في إنجاحه  ) .
عليه مظل الملك ينشر بينما./.بيارقه في العين مثل البواتر
وتصدح أنغام العساكر حوله./.ويتبعها أصوات طبل وزامر
 (فالطالب بعد توليه الحكم الأسبوعي يصبح سلطانا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يتمتع بكل الصلاحيات، من اختيار الوزراء وكتاب الديوان وغيرهم، ثم إن امتلاك الطالب السلطان للزي الملكي الذي يرسله الملك إليه يضفي على الحفل طابعا متميزا حيث" يمده السلطان الحقيقي بكل مستلزمات السلطنة من جواد وبذلة كاملة ومظلة شمسية ونشاشة للذباب
يحف به أتباعه وجمعهم./. له لبدة حمرا تروق لناظر
وفي وسط الأيام يأتي لربعه./. جلالة مولانا بركب مظاهر
ويأتي بأنواع الهدايا موضحا./. لقيمة أهل العلم عند الأكابر
ويخرج أبناء المدارس كلها./. لرؤية عيد الأنس بين المناظر
فلا زال عيد الأنس يزهو بأهله./. دليلا على مجد لقومي غابر
 (أهم مرحلة في الاحتفال وهي زيارة السلطان الشرعي بموكبه الرسمي للخيمة التي تنصب بواد ي فاس لهذا الغرض ، فيستقبله الطلبة بحفاوة بالغة ومعهم أبناء المدارس وسكان المدينة يستشرفون بهذه الزيارة الميمونة ويشاركون الطلبة بهجتهم بزيارة ملك البلاد وبالهدايا التي يقدمها للطلبة احتفاء بموسمهم السنوي البهيج [3]  ) أهم لحظة في الاحتفال بسلطان الطلبة :
اللحظات المهمة في الاحتفال :
في مراسم الاحتفال ، يؤدي سلطان الطلبة صلاة الجمعة بمسجد الأندلس ( لأنه في طريقه إلى زيارة حامة سيدي حرازم من طريق باب الفتوح في موكب رسمي مع وزرائه وديوانه على عادة السلاطين  ) وهذا أمر له مغزى وأبعاد من حيث رعاية السلطان وعنايته بالشعائر الدينية وإن كان في حضور السلطان الرمزي أبعاد أيضا دلالية لهذا الأمر  ) ثم " يخرج موكبه في شوارع فاس و أزقتها ، و زيارة الأضرحة خاصة أضرحة أولياء الله الصالحين  (نذكر على سبيل المثال:زيارة حامة سيدي حرازم بفاس حيث ضريح السلطان مولاي الرشيد وهو اعتراف بالفضل لهذا السلطان .
ثم تأتي اللحظة المهمة وهي وصول السلطان الشرعي للبلاد إلى خيمة تنصب لاستقباله بالقرب من خيمة الباشا على ضفاف وادي فاس ، حيث " تقام الحفلات في الهواء الطلق... ويطلب وزير سلطان الطلبة من الملك الشرعي بالدخول إلى مملكته ، ثم يأتي دور المحتسب الممتطي ظهر جمل، حيث يلقي في حضرة الملك خطبة ساخرة فرجوية تستوحي عباراتها من خطبة صلاة الجمعة التقليدية، مما يثير الضحك لدى الجميع، ثم ينزل سلطان الطلبة من أعلى ظهر حصانه مطأطئا رأسه فيقبل يده الكريمة، ويرفع إليه الكتاب المتضمن طلبه الخاص الذي يؤمل من جلالته بتنفيذه ثم يرجع إلى الوراء فيركب فرسه ويتقدم إلى أن يقف قريبا منه " [5] ، هكذا تقول الحكاية التاريخية .
و قبل أن نضيف أي تفاصيل ، نقف هنا وللحظات لنستشعر أهمية اللحظة : السلطان الشرعي للبلاد ، الخليفة ، والإمام الأعظم ، يقف جنبا إلى جنب مع سلطان الطلبة ، يبتهج باحتفالات الطلبة ويقدم لهم الهدايا ويلبي طلباتهم ، وهذا كله تأكيد للعناية التي يوليها الملوك العلويين لطلبة القرآن واحتفائهم بهم ، ومشاركتهم الأفراح والمسرات والتعبير لهم عن رضاهم .
نعرّج على مسألة مهمة في القصة ، وهي دور المحتسب الذي يلقي الخطب الساخرة والهزلية :
المحتسب في التاريخ الاسلامي هو الذي يقوم بدور المراقبة والزجر فقد عرفت بلاد المغرب والأندلس وظيفة المحتسب منذ فترة مبكرة ، ولكن ما يلفت النظر، أن المحتسب كان يستعين بالصبيان والفتيات، ليُعينوه على معرفة التاجر الغاشِّ، فكان "المحتسبُ يدسُّ عليه  (أي على التاجر ) صبيًّا أو جارية يبتاع أحدُهما منه، ثم يختبرُ الوزنَ المحتسبُ، فإن وجد نقصًا، قاسَ على ذلك حاله مع الناس
أما هنا فالمحتسب " يتقمص شخصية الخطيب الذي يلقي مأثور كلامه في حضرة السلطان الحقيقي حين يزور مهرجان سلطان الطلبة، ممتطيا جملا، على رأسه عمامة ضخمة أو مكبا من الدوم نافخا بطنه بمخدة ممسكا بيده عصا طويلة وبالأخرى مسبحة من التين المنظوم من جريد النخل، وعلى صدره تتدلى ساعة ضخمة عبارة عن خبزة تشدها إلى عنقه سلسلة من القنب" فيظهر الخطيب في هيأة يمثلها المحتسب قاصدا من وراء ذلك خلق جو من الترفيه والفرجة الهادفة والممتعة ، وهذا شيء لا يمكن أن يقبل منه إلا في أجواء هذا الطقس الذي يبيح له الإفصاح عما هو خفي.
و نورد خطبة من تلك الخطب التي يلقيها سلطان الطلبة لإضحاك المستمعين، و هي تدور حول أنواع الأطعمة و الفواكه محتذيا في ذلك كما قلت ببناء خطبة الجمعة مستعملا الفصحى والدارجة المغربية:
” الحمد لله الذي هدانا لخطبة الزردة ولا يحرمنا و إياكم منها، حتى نتصرفوا عليها بصحة الأبدان. بجاه السيد العدنان، عباد الله، الحمد لله الذي خلق الإنسان، و خلق اليدين و الفوم، و جعلهما مخصوصين لأكل الدجاج والرمان
إلى أن يقول: ” إخواني احضيوا الزردة كما تحضيوا الصلاة، فإنها قريبة ولو كانت بينكم و بينها خمسين سنة. و إذا مات منكم رجل فغسلوه بالرايب الممجوج، وكفنوه في الثريد المخبوج، واحفروا في الكساكس المزعفرة، والحدوا عليها بالشهدة المعمدة، اللهم سمعنا ارفد هذا و اطرح هذا، و لا تسمعنا بحس الطاس و المنديل.
ثم يدعو لسلطان الطلبة قائلا:” و انصر اللهم من قلدته أمر نعامك، و أشهرته في أقطارك و بلادك، سيدنا السلطان أمير الطلابة، مولانا أبا الكسكس المجيد، المصنوع من الخالس و السميد، و ارض اللهم عن وارث ملكه السلطان المؤيد، الذي أشهرته للكبير و الصغير، سيدنا و مولانا البغرير.
ويتحدث عن السلطان المزعوم قائلا إنه "أكبر ملك في الدنيا تخضع لأوامره ملايين من القمل والذباب والضفادع والبراغيث وغيرها من الهوام والحشرات
والمحتسب له دور آخر وهو جمع الإكراميات يساهم فيها بطريقته الفرجوية ، وما تم جمعه من هدايا وإكراميات يأخذه الطلبة يستعينون به في تبديد كربهم وإيجاد حلول لبعض مشاكلهم .
وقد يقول قائل أن هذا الاحتفال كان الغالب فيه المرح والهزل ، من طلبة المفروض فيهم الجدية والابتعاد عن الهزل ، فنقول أن الأنشطة التي كانت تنظم في هذا المهرجان العلمي السلطاني هي عبارة عن حلقات و ندوات ثقافية تلقى فيها الخطب و القصائد الشعرية و غير ذلك من الفنون الأدبية والفكرية والترفيهية، ثم إن الأجواء هي أجواء استراحة وعطلة يقضيها الطلبة وبمشاركة الجميع في الاحتفال بالطالب النجيب ، أيضا الجانب التربوي حاضر وبقوة : فهؤلاء الطلبة لا يبتعدون في احتفالاتهم عن ما هو متعارف عليه بالمغرب في الاحتفاء بحملة كتاب الله تعالى بعد ختم السلكة أو السلك القرآنية .
ماذا يحصل في ختام الحفل :
في نهاية الليلة السابعة، ينبغي على سلطان الطلبة أن يغادر عرشه، و إلا تعرض للضرب بالعصي من قبل حاشيته الطلابية، وإلقائه في الوادي لإشعاره بزيف ملكه، و تعطيل سلطته، بعد أن تربع على عرش الحفل أو المهرجان أسبوعا كاملا نتصور هنا المقصود بضرب سلطان الطلبة إذا لم يغادر عرشه ، لأن فيه دلالة أن حب السلطان متربع في قلوب المغاربة والعلماء، وأن البيعة التي في أعناقهم تستوجب الدفاع عن الشرعية متى اقتضى الأمر ذلك .
نماذج للاحتفال بسلطان الطلبة : نزاهة الطلبة بتازة :
ابتدأ هذا الاحتفال بمدينة تازة – حسب الروايات المتداولة شفهيا – سنة 1925، وظل هذا الاحتفال ساريا إلى سنة 1944م ، ويتأسس مفهوم هذا الاحتفال على مبدأ الاعتراف بمكانة العالم والقطب والشيخ ، فقد كان أعلام وأقطاب المدينة العتيقة لتازة يجتمعون للاحتفال بموسم الطلبة فيما يسمى ب” نْزاهْة الطلبة “ أو “ نٌزهة الطلبة ” وذلك في حياة السلطان مولاي يوسف رحمه الله ، وكان هؤلاء يجتمعون في زوايا المدينة ومساييدها بحضور مريدي الزوايا وطلبة هذه الكتاتيب ، وتحصر عدد الزوايا التي يحيى بها هذا الموسم ب 7 زوايا .
يباشر هذا الموسم مدة أسبوع أو شهر حسب الحاجة ، ويتنافس الناس في إطعام المجتمعين الذين يسود بينهم المودة والتعاطف والمحبة ،وما يتبقى عند نهاية الموسم من طعام وخيرات يوزع على الضعفاء والفقراء والمحتاجين .
ومن أبرز ما يميز هذا الموسم أو هذه المناسبة أنها كانت توحّد بين سكان المدينة مهما كانت أعراقهم وأنسابهم ، وتوضّح أيضا تلك المكانة التي يحتلها الشيخ والولي في حياتهم ، فهذه المدينة هي مدينة الأولياء بامتياز استطاع من خلالها هؤلاء أن يؤطروا الناس ويربوهم على المحبة والمودة. وترمز هذه المناسبة أيضا إلى ذلك التكافل والتعاون الذي كان يسود بين فئات المجتمع التازي المختلفة ، فلا فرق بين غني وفقير مادام الاحتفال سيكون تحت لواء العارفين وسيرفع من قيمة الطلبة والحفظة ، فكأن الناس بهذا الاجتماع وهذا الاحتفاء يمررون رسائل اجتماعية لمن سيعمّرون بعدهم الديار، مضمونها أن الحب والوفاء لطلبة العلم لا يثمر إلا الازدهار والأمن والاستقرار .
المصادر
سلطان الطلبة .الكتاني إدريس. ص.1149 مرجع
ديوان علال الفاسي ذ.علال الفاسي:ص:217.الجزء1،ط2،دارالبوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع. وانظر أشكال الفرجة الاحتفالية لخدمة مسرح الطفل  د. جميل حمداوي .مؤسسة المثقف العربي العدد 1115 /2009 .

 

 

سكينة عشوبة طالبة وباحثة



2406

2






تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها


1- مقال مسروق

فاعل خير

هذا مقال مسروق أستاذتي الباحثةآ !آ !آ !آ !
https://www.maghress.com/tazacity/3105
المقال الأصلي

في 27 مارس 2019 الساعة 45 : 16

أبلغ عن تعليق غير لائق


2- رد

argana

خي فاعل خير أعداء النجاح ومحاربة المتميز.. التجاهل أفضل

وبعد
قصة الدلالة التاريخية : سلطان الطلبة بفاس ونزهة الطْلْبَة ْبتازة
هذا إرث مغربي وطني ثقافي وأنا كنت صادقا و شاركت القصة الثقفية مع العقول الراقية
وهذا المصدر
سلطـان الطلبـة بالمغـرب : الأبعاد والدلالات آ (2 آ )
الكاتب : د. عبد الكريم بناني بتاريخ : 20110529 عدد مرات القراءة : 3032
يتعرض الكثير من الناس إلى سلوكيات مزعجة ومؤذية من الآخرين؛ نتيجة نجاحهم أو تميزهم في العمل أو في الحياة عموماً، سلوكيات من شأنها إلحاق الأذى بهم دون أن يقترفوا أي ذنب سوى أنهم ناجحون ومميزون، وغالباً تأتي تلك السلوكيات ممن هم أقل منهم من حيث القدرات الاجتماعية أو الذهنية.

في 29 مارس 2019 الساعة 30 : 13

أبلغ عن تعليق غير لائق


 

 

 

 

 

 

 

 
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم

اضغط هنـا للكتابة بالعربية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليقك على الخبر
* كاتب التعليق
* عنوان التعليق
  * الدولة
* التعليق
  * كود التحقق



لماذا أركانة ؟

كلام عابر

تحالف العدمية والإنتهازية:الطريق إلى الجحيم

عن الثورة و الشعب، 'رؤية غير عاطفية'

إياك أعني و اسمعي يا جارة

القداسة والدناسة في شارع 20 فبراير العدلاوي

الجزائر والفوضى الخلاقة في الصحراء الكبرى

قراءة جديدة في مؤلَّّف: " أضواء على مشكل التعليم بالمغرب " للدكتور محمد عابد الجابري - رحمه الله

أردوغان في كلمة النصر: تركيا هي الفائزة في الانتخابات

وآآآ بنكيران

تاريخ سلطان الطلبة بالمغرب : الأبعاد والدلالات

أخي فاعل خير أعداء النجاح ومحاربة المتميز.. التجاهل أفضل

المسرح المغربي.. من الفكرة إلى الجمال الفن والإبداع





 
القائمة الرئيسية
 

» الرئيسية

 
 

»  الجديد بالموقع

 
 

»  صحافة و صحافيون

 
 

»  الحياة الاجتماعيةوالسياسية بالمغرب

 
 

»  كتاب الرأي

 
 

»  أركان خاصة

 
 

»  كتب و قراءات

 
 

»  حول العالم

 
 

»  موجات و أحداث

 
 

»  صوت وصورة

 
 

»  الحياة الفنية و الأدبية والعلمية

 
 

»  دبلوماسية

 
 

»  كاريكاتير و صورة

 
 

»  أحزاب نقابات وجمعيات

 
 

»  جولة حول بعض الصحف الوطنية و العالمية

 
 

»  دين و دنيا

 
 

»  صحة، تربية و علم النفس

 
 

»  ترفيه

 
 

»  أعلام مغربية

 
 

»  ثقافات ...

 
 

»  اخبار عامة

 
 

»  ذاكرة

 
 

»  القسم الرياضي

 
 

»  الطبخ المغربي

 
 

»  الموارد النباتية بالمغرب

 
 

»  منوعات

 
 

»  مختارات

 
 

»  تكنولوجيا علوم واكتشافات

 
 

»  عدالة ومحاكم

 
 

»  تاريخ فلسفة وعلوم

 
 

»  

 
 
كتاب الرأي

علم الاقتصاد وعلاقته بالعلوم الاخرى


كيف بدأت الحياة على الأرض ومتى بدأت


اختصاصات رئيس الحكومة في القانون المغربي رئيس الحكومة


تعريف نظام الحكم في المملكة المغربية الشريفة


الشباب المغربي.. أرقام صادمة ومستقبل مقلق

 
صحافة و صحافيون

الكحص: هذا الفيديو القديم..!


أخشى أن يصبح الحقد مغربيا


المغرب والخليج بين ثورتين


هل سَيَسْـتَـرِدُّ الشعبُ الجزائري سُلْطَـتَهُ التي سَرَقَـتْهَا منه عصابة بومدين يوم 15 جويلية 1961


ماهية الثّورة التي تسْتحِقّ شرَف لقبِها؟


الشرعي يكتب: الهوية المتعددة..


كيف نشكّل حكوماتِنا وننتقي وزراءَنا ونطوّر دولتَنا؟


منظمة تكتب رواية مائة عام من العزلة... ترهات جديدة على هامش قضية "أبو حجرين"


باحث يكذّب (ابن بطّوطة) بخصوص زيارته لبلاد (الصّين)


الكلاب تعرف بعضها... مدير موقع "هسبريس" يتكلبن في الإمارات


ملحوظات_لغزيوي: متفرقات من منطقة متفرقة!

 
تاريخ فلسفة وعلوم

الإسلام السياسي المفهوم والدلالات

 
الجديد بالموقع

الأمير هشام العلوي: من لا يقبل قمم الجبال يعش دائما بين الحفر..


أي شيء مُهْـتَرِئٍ و"بَالِي" أكثر من عصابتين في الجزائر :عصابة المرادية وعصابة الرابوني


مِنَ الظُّلم لتاريخ الجزائر الحديث اعتبارُ الذين اغْتَصًبُوا السُّلطة فيها ( نِظَاماً ) فَهُمْ مُجَر


حقائق حول قضية الصحراء المغربية تصيب حكام الجزائر والبوليساريو بالجنون


السعودية وسياسة نقيق الضفادع المزعج


أندية المعارضة


ملف الصحراء وما يحمله من تهديد خطير للأمن القومي المغربي


(ع.ن) مرحاض متنقل في خدمة الجماعة


تأملات في ظلال الطواحين الحمراء


معالم في طريق البناء: من "نظرية الحاكمية" إلى "الخمار والبيكيني"


بين الأب عبد السلام ياسين والأم تريزا


جريمة امليل: المنهج الإخواني في إدارة التوحش وبسط النفوذ


الشمهروشيون والشمهروشيات.. بعضهم أولياء بعض


نصف دستة من الديمقراطيين في ضيافة الإسلاميين.. ومنيب بين أنياب الخميني!


كائنات انتهازية حاولت الركوب على قضية بوعشرين


مافيا الكوكايين الحاكمة في الجزائر تضع تطبيع العلاقة مع المغرب مقابل تسليمهم الصحراء المغربية


جون بولتون الأمريكي هو"سوبرمان" الشبح الذي يتعلق به البوليساريو ليطرد لهم المغرب من الصحراء


الجزائر تشتري منتوجات من الخارج وتبيعها للأفارقة بالخسارة حتى يقال بأنها تغزو إفريقيا كالمغرب


هل يحلم حكام الجزائر والبوليساريو أن يقدم لهم المغرب صحراءه المغربية على طبق من ذهب ؟


لماذا أغلقت مفوضية الاتحاد الأوروبي الباب في وجه البوليساريو أثناء مفاوضاته مع المغرب؟


المعطي و”التشيار” الأكاديمي بالأرقام الغرائبية !!

 
الأكثر مشاهدة

التهاب السحايا أو المينانجيت.. الوقاية لتجنب الوفاة أوالإعاقة


فضيحة جنسية جديدة تهز جماعة العدل والإحسان


أقوال مأثورة.


غلام زْوَايْزُو العدل والإحسان رشيد الموتشو في بوح حقيقي


خبر عاجل: العدل والإحسان تصدر بيان مقاطعة الدستور ومقاطعة الزنا حتا هوا وحتا هيا


"العدل والإحسان "هاذي كذبة باينة


قيادة العدل والإحسان بين تجديد الوضوء وتجديد الخط السياسي


عبدة الفرج المقدس ودقَايقية العهود القديمة: كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون


هؤلاء أعداؤك يا وطني :وانتظر من أركانة المزيد إن شاء الله وليس المخزن كما سيدعون


طلاق نادية ياسين:حقيقة أم إشاعة أم رجم بالغيب


هوانم دار الخلافة في نفق أُكِلْتُ يَوْمَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَضُ


لن ترض عنك أمريكا حتى تتبع ملتها،وشوف تشوف


صحافة الرداءة تطلق كلابها على العدل والإحسان


كلام للوطن


فضائح أخلاقية تهز عرش الخلافة الحالمة على مشارف سلا أو السويسي


في فقه الروكي وسلوك الحلاّج - 1-


هشام و حواريوه،مقابل ولدات المغرب الاحرار


إذا اختلى عدلاوي بعدلاوية متزوجة بغيره فثالثهما المخابرات!!!

 
 

*جميع المقالات والمواضيع المنشورة في الموقع تعبر عن رأي أصحابها وليس للموقع أي مسؤولية إعلامية أو أدبية أو قانونية

 شركة وصلة