مشهد عبد الصمد بلكبير وهو يقدم صناع الطنجية في ساحة جامع الفنا إلى رئيس الحكومة السابق، ويحرس رفقة "الفيدورات" و"الكاردكورات" الآخرين عبد الإله ابن كيران أثناء التقاط السيلفيهات مع المعجبين والمعجبات هو مشهد يقول كل شيء عن حالة بعض اليسار أو بعض ماتبقى من اليسار في هذا البلد السعيد.
العديدون داخل منظمة العمل الديمقراطي الشعبي المأسوف على مافعله الزمن بها كانوا يلقبون الرجل ب"الأستاذ" ولم يكونوا ينطقون إسمه عاريا من اللقب. آخرون غيرهم كانوا ينتبهون في قلب عديد الثقوب إلى كثير المقالب في هذا الوصف وكانوا يطالبون بقليل انتظار قبل منح الرجل لقب الأستاذية هاته.
مرت على الأيام أيام، وجرت تحت الجسور سيول وأصبح الخيار الوحيد الموضوع أمام اليسار في هذا البلد هو المفاضلة بين طريقين: إما أن يتعنت تعنتا كبيرا ويذهب مع أصحاب القومة الكاذبة لكي يعوض عنوسته الجماهيرية التي تسهل مشاهدتها بالعين المجردة وذلك حال النهج ومن والاه مع العدل والإحسان ومن ناصرها، وإما أن يزور ابن كيران في بيته في حي الليمون المرة بعد الأخرى طلبا للبركة، وحملا للرسائل، ثم أن يقوم بتنظيم زيارة تفقدية سياحية لمكان الحلاقي الأول في المغرب أي الساحة الشهيرة المعروفة باسم الفناء وعوالمه، المصنفة لدى اليونيسكو تراثا شفهيا إنسانيا لا يعلى عليه هي التي شهدت مرور آلاف الحكواتية من هناك ومئات مروضي الثعابين والعشرات من الذين يبيعون القرد ويضحكون على من اشتراه.
مشهد عبد الصمد بلكبير وهو يحرس ابن كيران، أو يرافقه، أو يسير قربه، أو ينظم له الزيارة المراكشية لسبعاتو ريجال، أو يحتمي بماتبقى من عبد الإله هو مشهد اليسار أو ماتبقى من اليسار في المغرب اليوم: محزن، مثير للشفقة، مؤلم في العمق، وباعث على كثير الخوف على تطورات الوضع في البلد وعلى الوجهة التي ستذهب بنا إليها السياسة اللعينة.
للمغاربة سواء داخل الساحة أو خارجها ذلك الدعاء الذي يختزلون به كل الأشياء دون كثير فذلكة أو تعالم، ودون كثير حفظ للشعارات من الكتب وترديدها دون اقتناع بها "الله يجعل آخرنا أحسن من أولنا"،والعديدون يحتاجون فعلا لترديد هذا الدعاء يوميا لعل وعسى تعيدهم الأيام إلى جادة الصواب ويتذكرون أنهم كانوا يمثلون شيئا ذات يوم وأنهم أصبحوا اليوم مجرد رفقة للزينة والتفاخر أمام هواتف "LES FANS" والفضوليين وكل المعجبين باللايفات الفيسبوكية وأصحابها من مختلف الملل والنحل.
عبد القادر الشتوكي