انفجر سؤال الأخلاق قبل باقي الأسئلة بعد البث المباشر لجريمة نيوزيلندا على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. موجة غضب في كل مكان عن هذا السلوك. وصلت البشرية حدا بشعا من البحث عن الربح. لا يهم ما يقع ولكن يهم ما تذره الإعلانات من أرباح. تساءل منشط إعلامي أوروبي عن السر وراء ذلك. كيف سمح الموقع ببث 17 دقيقة من القتل على الهواء مباشرة؟ فيسبوك سمح ببث مقتلة كبيرة على المباشر. مقتل 50 شخصا من الأبرياء منهم أطفال صغار. القتل بدم بارد.
فيسبوك يتحكم في كل شيء. يتحكم في الجيمات والتعليقات. يمنع من يشاء من الكتابة ولفترة زمنية يقررها. يمنع آخرين من وضع الصور عقابا لهم على "بوستة" مخالفة للميثاق الذي وضعه. فكيف سمح ببث 17 دقيقة على الهواء مباشرة؟ ألم يكن القائمون عليه قادرين على منع ذلك؟ من يمنع التعليق ونشر الصورة لن يكون عاجزا عن منع 17 دقيقة من البث المباشر؟ أعلنت شركة فيسبوك الأمريكية أنها حذفت حوالي مليون ونصف المليون فيديو حول الجريمة. لكن بعد ماذا؟ بعد خمسة أيام من وقوع الجريمة.
يقع هذا في وقت تتعالى الأصوات مطالبة شركات التواصل الاجتماعي بمنع الإرهابيين من استعمال منصاتها.
تجمع المعلنين بنيوزيلندا أثار الأحداث التي وقعت في كرايستشيرش، وتساءل، وفق ما أورد موقع "هوملاند سيكيوريتي"، أنه "كان بإمكان مالكي الموقع استهداف المستهلكين من خلال الإعلان بالميكروثانية ، فلماذا لا يمكن تطبيق نفس التقنية لمنع بث هذا النوع من المحتوى مباشرة؟ ".
هذا البث وعدم الاستدراك وعدم الاعتذار يعني أن الأمر مقصود. كان يمكن منع البث. وكان يمكن إزالة الفيديوهات في الحين وليس بعد خمسة أيام. وكان على فيسبوك أن يعتذر لذوي الضحايا. لكنه لم يفعل. كيف يفعل وهو يتواطأ مع الفاعل؟
عمل جبان. انهيار في الأخلاق. الدرجة الصفر من الإنسانية أو ما تحت الصفر. تشجيع على القتل. القاتل يبث عمليته الغادرة مباشرة. تقنيا لا يمكن له فعل ذلك. هنا كلمات مفتاح تمنع هذا البث. فكيف إذن استطاع بث عمليته؟ هل اخترق منظومة الفيسبوك؟ الأمر ملتبس ومثير للريبة. لكن بالجملة عبر انهيار أخلاقي. صحافة العالم المتقدم تفادت تسمية العمل بالإرهابي. إذن هي حرب على مستويات كبرى. حرب على مستوى المفردات والمفاهيم. وهي حرب أخطر من تلك التي فيها استخدام السلاح. ليس غريبا أن تضع وسائل الإعلام الغربي رأسها في الرمال. فالغرب الداعي إلى الديمقراطية وظف جماعات لا تؤمن بأي شيء سوى القتل من أجل تحقيق مآربه. وفي إطار حرب المفردات سمى تلك الجماعات "المعارضة المسلحة المعتدلة".