ترجمة التدوينة:
هل من المعقول الرهان على الجنرال أحمد قايد صالح واعتباره آخر معقل لرئيس مقعد وعاجز؟ عدد من الضباط السامين بالجيش الوطني الشعبي لا يشاطرون هذا الرأي. واحد منهم قرر بشجاعة كسر حاجز الصمت الذي يميز الجيش والكشف عن حقيقة الشخص الذي يتولى منذ 15 سنة قيادة الجيش، وأضاف إليها سنة 2013 منصب نائب وزير الدفاع الحساس، والذي يجسد، بحسب غالبية العسكريين، المشكل الأساسي بالنسبة لاستقرار الجزائر وليس الحل.
وتساءل بتهكم العقيد شفيق ما إذا كان قدر الجزائر أن تحكم من قبل أشخاص مرضى وفاسدين. وأكد قائلا بأن "الجنرال يعاني من مشاكل خطيرة في السمع التي تمنعه حتى من سماع صوت بوتفليقة. إنه قام مؤخرا بطلب الحصول على سماعة أذن على نفقة الملحقة العسكرية الجزائرية بباريس".
غير أنه فضلا عن العجز البدني للجنرال الثمانيني المعروف بحبه العارم للمال، الضابط شفيق ينتقد بشكل خاص طريقة إدارته للجيش، متهما إياه بتحويل الجيش إلى ملكيته الخاصة ولخدمة أصدقائه والأشخاص عديمي الضمير. "جيشنا تنخره الزبونية حتى في أعلى هرمه. كل القادة وخاصة المحلقين العسكريين بالخارج، سيقولون لك بأنه إذا أراد شخص أن يحصل على رضى الجنرال ونعمه، فيتعين إظهار حسن النية بالتردد بشكل مستمر على مكتب مدير ديوانه الذي يعد بحق وسيطا لسيده".
"فليس اليوم سرا أن العسكريين الأكثر دلالا هم الذين يقدمون باستمرار لقايد صالح ولعائلته ملابس وساعات فاخرة تكون أحيانا مرصعة بالألماس، وحلي من الماركات العالية وحتى الكفيار"، وفق ما أكده هذا العقيد الذي عبر عن اشمئزازه من هذا الجانب التافه لمسؤوله الأول.
شفيق يقدم كدليل التعليمات الأخيرة الذي قدمها قايد صالح لجمعية الأعمال الاجتماعية للجيش بالتكفل بزوجة ابنه مراد والتي ستلد خلال الشهر الجاري (مارس 2019) بباريس، في حين أن مسؤولين بالقيادة العليا للجيش الذين لا يحظون برضى النظام، يرحمون بشكل آلي من حقهم في المساعدة الطبية والاجتماعية.
ويقدم في هذا الصدد مثلا الجنرال ماجور سعيد باي، القائد السابق للمنطقة العسكرية الثانية (وهران) الذي أقيل من منصبه العام الماضي (2018) في إطار عملية تطهير غير مسبوقة، ولكنها انتقائية داخل الجيش، والذي حرم من أية مساعدة طبية بفرنسا بأمر من نائب وزير الدفاع الذي لم يتورع عن إعطاء الأوامر من أجل تقديم المساعدة للجنرال ماجور المتقاعد، خالد نزار، الذي أتى إلى باريس من أجل علاج سرطان المتانة ومخلفات سكتة دماغية حدثت له منذ سنوات ولكنها لم تعالج بشكل جيد.
هذا التصرف المشين من قبل قايد صالح لا يوازيه إلا احتقاره وحقده على قائد عسكري يتجرأ على تهديد موقعه كـ"حارس المعبد". وعندما أعلن الجنرال ماجور المتقاعد علي غديري الذي يتوفر على ملفات حساسة بشأن تدبير الجيش الوطني الشعبي، عن قراره بالترشح للانتخابات الرئاسية قبل أن تؤجل، فإن نائب وزير الدفاع عمل كل ما في وسعه لقطع الطريق عليه.
وقد حضر شهود لواقعة مضحكة وقعت في شهر فبراير الماضي خلال جنازة الجنرال ماجور عبد المالك قنايزية. لقد سمعوا الجنرال قايد صالح وهو يأمر سائق شاحنة بعرقلة السيارة الشخصية بعلي غديري، حتى لا يتمكن من حضور مراسيم دفن الراحل.
بالنسبة للعقيد شفيق، فإن الجيش الجزائري يعيش فوضى عارمة. وهو على يقين بأن الغموض السياسي الذي يكتنف أعلى هرم الدولة منذ قرابة شهر، سينتهي بكل تأكيد بتصفية الحسابات بين القادة الحاليين للمؤسسة العسكرية الذين يتخوفون على مستقبلهم، والقادة السابقين الذين تم إبعادهم من الجيش باعتبارهم غير نظيفين والذين يتحينون الفرصة للانتقام.
وهذا هو حال الرئيس السابق للمخابرات الجزائرية والرجل القوي السابق داخل النظام، الجنرال توفيق مدين الملقب بـ"توفيق" والقائد السابق للمنطقة العسكرية الرابعة عبد الرزاق شريف المتورط سنة 2018 في ملفات فساد، والذي يعتمد على شبكة للمعارضين الجزائريين بالخارج، من أجل القيام بحملة إعلامية ضد قيادة الجيش الوطني الشعبي. وينضاف إلى هاتين الشخصيتين، ينضاف عثمان طرطاق المبعد مؤخرا والذي يرفض لحد الساعة الرحيل طالما أن قرار إبعاده لم يتم بشكل رسمي.
وفي الوقت الذي عاشت فيه الجزائر على وقع المظاهرات الشعبية للجمعة الرابعة على التوالي والتي كانت أكبر من سابقاتها، يبدو، بحسب العقيد شفيق، بأن الجيش سيعيش هو الآخر "ربيعه"، بإبعاد الجنرال أحمد قايد صالح. وفي هذا الإطار، أطلق ضابط في الجيش نداء إلى الشعب الجزائري للتأكد من صحة الاتهامات التي تطال رئيس أركان الجيش المكروه من قبل عناصر الجيش.
تعليق:
في مواجهة هذه التسريبات من داخل المؤسسة العسكرية الجزائرية، التي تبدو جدية وذات مصداقية، ما هي الإجابة التي يمكن أن يقدمها رئيس أركان الجيش الوطني الجزائري؟ لا شيء، سوى الإسراع بحذف هذا المنشور الذي يفضح نواياه الخفية والسيئة.