سجل المغرب نقطة تميز إيجابية جديدة من خلال تعامل ديبلوماسيته مع الأزمة الجزائرية وهو يعلن عبروزير خارجيته رفضه التام للتدخل في الشأن الداخلي للبلد الجار.
ومع أن الشعب هنا في المغرب يتعاطف مع هبة الجزاٍئريين الحضارية والجميلة والرائعة، ومع أن صحافتنا تعكس هذا التعاطف وتتابع من موقع القريب الجار الراغب في خير الجزائريين الوضع هناك، إلا أن التحفظ الرسمي من طرف الخارجية لدينا أمر عاقل للغاية ويندرج في إطار التعامل الحكيم والرصين للمملكة مع الجار الشرقي، واقتناعا بضرورة عدم الانجرار لردود الأفعال على ماصدر منذ سنوات عن صقور السيستم في الجزائر تجاه مصلحة المغرب.
ولمن لم يعش عشرية الإرهاب الدامية التي مرت منها الحزائر في التسعينيات عقب رفض الجيش تسليم البلاد إلى الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي كانت تنوي الاستيلاء الظلامي على كل شيء هناك، لابأس من التذكير بأن المملكة راعت مصلحة الجزائر ورفضت استغلال الاستباحة الأمنية التي كانت هناك، وفهمت أن اللعب باستقرار الجار أو الفرح لهذا اللعب هو لعب بالمغرب أيضا.
وطبعا يعرف من سبقونا سنا أن هذا الموقف المغربي كان الديدن في كل مراحل التعامل مع هذا الجار، حتى أن الحكاية التاريخية تقول لنا دوما إن المغرب ظل منذ 1956 يعتبر استقلاله ناقصا إلى أن تحررت الجزائر بداية الستينيات. ومع أن الحماية لدولة عريقة تأسست منذ قرون لم تكن مشابهة لاستعمار دام مايفوق المائة عام وجعل الجزائر جهة من جهات فرنسا، إلا أن المغرب فهم منذ ذلك الحين أن مصلحته في التعاون مع الجزائر لا في العكس.
نعم لم يكن صقور السيستيم الذين يطالب الشباب والأقل شبابا اليوم في ساحات الجزائر برحيلهم أو برؤوسهم مقتنعين بأهمية التعامل بالمثل أي بالحسنى، وظلوا على رفضهم لسياسة اليد الممدودة من موقع قوة التي نهجها المغرب، وساندها الانفصاليين وبذلوا غاليا كثيراً ونفيسا أكثر لأجل مواصلة العداء، لكن المغرب بقي على العهد الذي قطعه مع المكان الذي ينتمي إليه والذي يحمل إسمه أي المغرب الكبير، وبقي مقتنعا أن السيستيم هنالك راحل لامحالة مهما طال عمره بكل أنواع أجهزة التنفس الاصطناعي وأن الشعب باق، وأنه الأهم في الحكاية كلها، وأن عبارة "خاوة خاوة وعلاش العداوة" ليست عبارة للاستهلاك الإعلامي غير المصدق لها، لكنها التعبير الأمثل عن مكنون النفس الحقيقي لدى الناس هنا وهناك.
أي نعم، لايمكنك أن تمنع مغربية أو مغربيا اليوم من الافتخار بتحضر الجزائريين وطريقة مطالبتهم بمايريدونه بكل سلمية، ولايمكنك إلا أن تبتسم بتعاطف وأنت تقرأ عبارات السخرية اللاذعة التي يبدعها الأهل هناك في المظاهرات والتي جابت العالم كله، لكن في الوقت ذاته لايمكنك إلا أن تتمنى الخير للجزائر والخروج بسلام من الأزمة الحالية الآي دخلت منعطفا حساسا بعد رسالة بوتفليقة الإثنين التي أعلن فيها بشكل مباشر عدم الرحيل.
قلناها منذ ابتدأ الحراك هناك، ولم نمل ولن نتعب من ترديدها حتى يبزغ ذلك الفجر المغاربي الجديد على الجيران والأهل هناك : تحيا الجزاير خويا. هذا هو أهم الأهم، البقية كلها مجرد تفاصيل تقنية صغيرة سيحسن الشعب هناك كل طرق العثور على الصياغة المثلى لها، فهو الباقي فعلا أبد الدهر وهو الوحيد القادر على التمدد وكل الامتداد.
ملحوظة على الملحوظة
(لاعلاقة لها دائما بماسبق)
مصلحة التلاميذ أمر ليس مهما إلى هاته الدرجة، ويجب أن ندمج الأستاذ الذي اختار في البدء نظام التقاعد ثم فطن فجأة إلى أنه فرض عليه ولتذهب المدرسة العمومية إلى الجحيم.
هذه هي الصورة الحالية، مع قليل تضخيم كاريكاتوري يفرضه التعاقد مع الوضع السوريالي الذي نحياه في حكاية الأساتذة المتعاقدين هاته.
دون كثير إطالة في الكلام وبينا أجيالا من المغاربة على الخوف من المبادرة الحرة والقطاع الخاص وإثبات مكانتك يوميا بالمنافسة لأجل مردودية أفضل.
والحكاية للأسف الشديد لاتقتصر على المتعاقدين المساكين، بل هي داء فتاك أصاب إداراتنا المتكلسة والكسولة والمليئة بالفاشلين المتواكلين في كل مكان.
فكها يامن وحلتيها دابا وصافي
المختار لغزيوي