يواصل رئيس التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، حملاته السياسية وخرجاته الإعلامية، الوطنية والدولية، ساعيا إلى إرساء قبضته على حزب الحمامة وفرض شخصه كمرشح جدي وقوي بدون منازع لرئاسة الحكومة التي ستفرزها انتخابات 2021. فمباشرة بعد توليه مقاليد الحزب سنة 2016، باشر ابن سوس إعادة هيكلة الحزب بإبعاد بعض الوجوه القديمة وإبراز أخرى وعقد لقاءات ومؤتمرات جهوية عدة، حاول من خلالها جس نبض الشارع المغربي وتقديم نفسه في جلباب الزعيم القادر على هزم حزب العدالة والتنمية الذي يستغل فراغ المشهد السياسي وشبه استقالة الأحزاب التقليدية للاستمرار في الحكم.
فهل يتمتع “السي عزيز”، كما يسميه المقربون منه وكذلك المتملقون، بصفات الزعيم وعلى النفس الطويل لتحقيق أهدافه؟.
لا يختلف اثنان حول أخلاق الشخص، فهو “ولد الناس” ويتعامل بلباقة واحترام مع الجميع، وذلك بشهادة الخصوم قبل الأصدقاء. ومنذ استلامه مفاتح وزارة الفلاحة والصيد البحري، لم نسمع عن الرجل ولو فضيحة واحدة، صغيرة كانت أم كبيرة، مالية أم أخلاقية. بل إن “السي عزيز” رفض تسلم راتبه الوزاري الشهري الذي يخوله له القانون، مكتفيا بعائدات شركاته. ويقال، والله أعلم، إن طاقمه يتلقى كذلك رواتبه من شركة “أكوا” وليس من ميزانية الدولة.
ثروة كبيرة وصفات حميدة كثيرة ومتعددة يتمتع بها رجل الأعمال السوسي، لكن هل هي كافية لصنع الزعيم السياسي؟.
ها قد مرت حوالي ثلاث سنوات دون أن يستغل الأزمات التي هزت غريمه حزب المصباح ويفرض نوعا من السيطرة على مشهد سياسي قابل للخضوع وفي بحث مستمر عن زعيم. بل إن حملة المقاطعة التي عاشتها شركته أربكته جدا وطرحت أسئلة كثيرة وعميقة حول قدرته على تدبير الشأن العام على أعلى المستويات. كما أن “السي عزيز” يرتكب أخطاء سقط فيها قبله عبد الإله بن كيران.
فكما كان الأخير يقوم بمهمة رئيس الحكومة خلال أيام الأسبوع ويتقمص لباس المعارض للدولة نهاية الأسبوع، لا يتردد أخنوش، بطريقة تواصل محتشمة، في انتقاد حليفه البيجيدي وتوجيه ضربات تضعف الحكومة أمام الشارع ومطالبه وتخدش مبادئ العمل السياسي.
لم يفلح كذلك “السي عزيز” في إيجاد وفرض شعار بمثابة ماركة مسجلة له تميزه بين السياسيين. فشعار “أغراس أغراس” الذي أطلقه بعد تنصيبه على رأس التجمعيين، أثار السخرية بدل الإعجاب والترحاب، فضلا عن كونه يتضمن في طياته حمولة جهوية لحزب من المفترض أن له طابعا وطنيا.
ورغم أن المدة الزمنية لتقييم حصيلة أخنوش السياسية تبدو عير كافية، ورغم أنه أحاط نفسه مؤخرا بفريق تواصل يؤطره خبير بريطاني اشتغل إلى جانب “طوني بلير”، إلا أن الظاهر، حسب متتبعين للشأن السياسي الوطني، أن أسلوب “السي عزيز” غير مقنع لحد الآن، ويحتاج الرجل إلى كاريزما وتكوين سياسي صعب المنال خلال المدة التي تفصلنا عن الانتخابات التشريعية.
ليبقى السؤال التالي: هل يتوفر عزيز أخنوش على النفس الكافي للوصول إلى موعد الانتخابات؟ والسؤال الأهم: هل “السي عزيز” مرشح فعلي لخوض الانتخابات المقبلة والفوز بها، أم أن “ولد الناس” مجرد أرنب سباق يجري لصالح “جوكير” لايزال ضمن الكوكبة ويُنتظر أن ينطلق انطلاقة سعيد عويطة في الوقت المناسب؟
برلمان.كوم