دعا المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، الرئيس الأسبق لألمانيا، السيد هورست كولر، كافة الأطراف: المغرب والجزائر و”البوليساريو”، وموريتانيا إلى مائدة مستديرة ثانية بمدينة جنيف السويسرية يومي 21 و22 مارس الجاري. والعمل بكيفية بناءة مع المبعوث الشخصي بروح من التوافق طيلة هذا المسلسل مما يمكنه من تحقيق أهدافه.
رغم أن المائدة المستديرة ليست لها صبغة رسمية ولن تصدر عنها قرارات، ولكنها مساحة للمكاشفة، واعتقادنا الراسخ أن الجزائر ليست معنية بموضوع الصحراء إلا من باب العقدة المغربية، التي يعانيها الحاكم الفعلي في الجزائر، ومن باب وضع النقط على الحروف فإن النظام الجزائري هو نظام عسكري ذو واجهة مدنية، مجسدة اليوم في عبد العزيز بوتفليقة الذي يعاني مضاعفات صحية لا تخوله ممارسة الحكم بل استيعاب ما يجري حوله.
وهذه العقدة ناتجة عن مسارات التاريخ، وذلك بعد أن تنكر قادة الثورة الجزائرية لتضحيات المغاربة من أجل تحرير الجارة الشقيقة، بل إن مشكل الصحراء ما كان ليكون أصلا لو أن المغرب فكر لمصلحته فقط، ولم يفكر في حركة التحرر الوطني بالمغرب العربي الكبير، وضرورة توحيد الجهود.
اليوم تجري تغييرات سياسية في هذا البلد الجار، ولكن لا أحد يمكن أن يتوقع ما يمكن أن ينتج عن هذا الحراك، وهل سيكون هناك تغيير جذري أم مجرد التفاف على مطالب الشارع، وفي أي سياق سيكون هذا التغيير؟ وهل ستدفع الأزمة الجزائر إلى الاهتمام والعناية بذاتها وبشعبها بدل صرف الملايير على المؤامرة ضد المغرب؟
العداوة الجزائرية للمغرب نادرة جدا، لأن النزاعات الظرفية بين الدول لا يمكن أن تتحكم في مسار طويل من المناورات والمؤامرات ضد المغرب وخوض حرب طويلة الأمد كي لا يستكمل المغرب وحدته الترابية، وما صرفته الجارة الشقيقة على هذا الموضوع كان كافيا ليجعل منها بلدا متقدما في شمال إفريقيا.
الملايير التي تم صرفها في سياق حرب ظالمة ضد المغرب، كان موئلها الأصلي هو أن يتم استثمارها في مشاريع اقتصادية واجتماعية وصناعية وتطوير البلد الغني بالنفط والغاز. ولم يبق أمام إخواننا في الجارة سوى أن يعرفوا بأن العيش في انعزال قاتل للجميع، وأن هذا المغرب العربي الكبير يمكن أن يشكل تكتلا مهما في هذه الرقعة الجغرافية، في زمن لم يعد هناك موطئ قدم للكيانات الصغيرة، وبعيدا عن الوحدة السياسية التي تبقى بعيدة المنال يمكن الشروع في وحدة اقتصادية وتجارية واستثمار هذا التنوع من أجل سوق مغاربية مفتوحة للاتجار والاستثمار.
لا نطلب من الجزائر أن تتعامل بشكل مبدئي ولكن أن تتعامل بشكل براغماتي. فمن مصلحتها ومصلحتنا ومصلحة المنطقة برمتها أن يتم حل مشكل الصحراء في إطار الحكم الذاتي، حتى يتفرغ المغارب لبناء دولهم وصناعة التقدم وتأهيل المنطقة لتكون منافسا لديناصورات العالم التي تسعى لالتهام الأخضر واليابس.