الله و سياسة الاديان (البقاء للاقوى )
يقول ماكيافيللي في كتابه الامير الذي يعد من اهم الكتب السياسية ( هلك الانبياء العزل وانتصر جميع الانبياء غير العزل لان طبيعة البشر متقلبة ومن السهل آن نستميلهم الى امر من الأمور ولكن من الصعب آن نبقي على ايمانهم هذا )
حين انزل الله الاديان كان له سياستة و حكمته ربما، ولكن.. لماذا ؟ !
وكان اول الاديان السماوية صحائف موسى او فيما بعد كتاب العهد القديم، ولكن باختصار كان الدين اليهودي دين دموي جدا، متغطرس وغير معترف بالاخر وله الحق باستباحة كل الحرمات، و هو شعب الله المختار لدرجة التطفل على الله في كثير من الاقوال، وربما هذا التطفل كان نتيجة انه الطفل المدلل عند الله وهذا على الاقل من وجهة نظرهم الدينية .
واكثر ما كتب في التطفل لدى اليهود هو ما كتب بالتلمود وهو الكتاب الاهم لديهم و الذي يعطي نظرة حقيقية عن هذا الشعب وكيف اراده الله، رغم تحول نظرة الله عنه في الكتب السماوية الاخرى كما ذكرت تلك الكتب.
وهذا بعض ما جاء في التلمود (حين يصعد الحاخام الى الله يقف الله منتصبا على قدميه ) ، و ايضا (عندما يكون هناك جدال بين الحاخامات والله يكون الحق مع الحاخامات دون الله )، و غيرها من الاقوال التي تعطي نظرة عن قوة و بطش هذا الشعب والاستهتار بكل انواع الخُلق و الخلق، وسفك كل الدماء ومن دون مبرر، فكان الدين اليهودي هو دين القوة ويجسد نزعة الانسان في حب السيطرة و التملك دون النظر الى المعايير الانسانية و تحت عنوان البقاء للاقوى وهي شريعة الغاب.
ونزل الدين المسيحي ليجعل من الناس اكثر رحمة فانزل الله دين المحبة و التسامح ليبشر الناس بحياة ملؤها المحبة بعيدة عن العنف، ويتحمل هذا الدين كل الخطايا، وكان المسيح.. نبي او رب، متسامح الى ابعد ما يمكن، فكان مجسدا لصفة المحبة و التسامح وقال ( من ضربك على خدك الايمن فدر له الايسر ) و هذا القول يحمل معاني كثيرة عن الدين المسيحي دين التسامح بأسلوب عقلي و روحي يوصل الى طهارة النفس ويبعدها عن كل انواع الشرور، والسمو بها الى ملكوت السماء.
ومن خلال هذه الحكمة يستطيع الانسان ان يروض نفسه كترويض حيوان مفترس و يصبح لدينا مجتمعا تسوده المحبة و الالفة وهذا ما يقوله احد المنظرين (انك ان وقفت امام غورلا وجها لوجه سوف تسحقك ولكن ان جلست امامها على ارض دون نزاع لن تقدم على اذيتك ) ولكن هذه النظرية لم تنجح مع المسيح وعذب وصلب وكل المحبة و التسامح قوبلوا بنظرة ازدراء.
و عاد الله ناظرا شاخصا الى هذه البشرية لا ادري ان كان عن حكمة او عن غاية في نفس يعقوب او عن فن توصيل الرسالة لهكذا مخلوقات، فانزل الاسلام وكان ( امة وسطى ) ما بين الرحمة و السيف وكان من اهم مبادئها وهي (العين بالعين والسن بالسن والبادئ اظلم )، وكانت مقولة اذا ضربوك على خدك الايمن فدر لهم الايسر، ولكن الايسر بلغة الاسلام كان السيف و ليس الخد، فالنبي محمد لم يصلب لانه كان مسلحا وعسكريا وغزا المدن ودعى للاسلام بالمحبة و لكن كان السيف موجودا فوق الرؤوس، فلولا السلاح والقوة العسكرية لكان قُتل كما قتل المسيح.
ودارت الايام حتى قتل حفيده الحسين شر قتلة لأنه لم يكن لديه الجيش المدافع عنه، فالشعب ان استمالته فكرة ما او عقيدة ما من السهل ان يعود ويقتنع باخرى لذلك يجب ان تدعم العقيدة بسلاح لحماية العقيدة و الافراد، فالقوة تشعر الفرد بالامان.
وهكذا كانت سياسة الاديان او السياسة السماوية ومن نادى بالمحبة و التسامح هو اول من بعد عن دينه و هو المجتمع المسيحي لأنه دين الصلب وتحمل الخطايا، والمجتمع البشري دين عنف و قوة وبطش، واول من نادى بالعلمنة والانفصال عن الدين هم المسيحيين لأنه لم يلبي حاجات الفرد من تحقيق ذاته تحت راية العنف والدفاع عن حقه بالقوة و عدم التسامح، ولذلك اكثر من حافظ على دينه هم اليهود لأنه الاكثر بطشا وعنفا، وكما نرى الان ان المجتمع اليهودي هو المسيطر رغم قلة العدد ولكنه الاكثر عنفا عقائديا، و بعده الاسلام لأنه يلبي حاجة الفرد بالعنف، فالانسان مفطور على العنف.
ويبقى للمسلم جانب اخر الا وهو سلام الروح الذي يحتاجها الانسان في بعض مراحل حياته، لذلك ما زال عدد كبير من المسلمين يحافطون على دينهم لان فيه ملاذا للعنف و ملاذا للتسامح، وبسبب هذا العنف نرى التناحر بين اليهود والمسلمين لانهم يحملون في جعبة دينهم ذات العنف، ولان الدين المسيحي دين تسامح كان عرضة للابتزاز من قبل اليهود والسيطرة عليه في عدة اماكن وتشويه بعض حقائقه والاستفادة من بعض ما لديه.
فالمجتمع البشري مهما تحضر و مهما تعلم فهو مفطور على شريعة الغاب، لا يمكن ان يبنى وطنا من دون قانون عقاب و سجون ،وكما نرى الان ان من يحكم الكرة الارضية هو من يملك اكبر ترسانة عسكرية و ليس من يملك اهم جمعيات خيرية.
وايضا اذا نظرنا الى قانون الطبيعة و هو قانون النشوء و التطور نرى ان الاجناس الضعيفة تنقرض و تستمر الاجناس القوية و هذا القانون هو من يحكم هذا الكوكب مهما الفنا من مجلدات عن التسامح و الحب فالاغلبية الساحقة من البشر يسيرهم القانون الطبيعي الفطري والقلة القليلة التي تجنح نحو المحبة والسلام ولكن دون طائل، وقد قال الامام علي (الناس ثلاث انواع عالم افاد الناس بعلمه و عابد على سبيل النجاة و همج رعاع ينعقون مع كل ناعق )
فالاكثرية الساحقة من الناس لا يمكن ان تهجن وتصبح ذات فضيلة ولا يمكن ان يؤتمن مجتمع ما على خدمته الجماعية الا اذا كان هناك راع يحمل العصا.
فالمسيح عذب وصلب بسبب محبته وتسامحه و النبي محمد سمم في اخر ايامه لأنه لم يتخلى عن مبدأ التسامح و المحبة امام انبياء اليهود.
اليهودية
الله الواحد الأحد
اليهودية، وهي أول وأقدم الأديان التوحيدية الثلاث الكبرى، وهي ديانة وطريقة حياة الشعب اليهودي؛ وتستمد اليهودية شرائعها وعقائدها الأساسية من التوراة، وهي أول خمسة أسفار من الكتاب المقدس.
إن أهمّ تعاليم وعقيدة الديانة اليهودية هي الإيمان بالله الواحد الأحد، الفرد الصمد الذي يريد لجميع الشعوب أن تفعل ما هو عادل ورحيم. وقد خلق جميع الناس على صورة الله الذي يستحق المعاملة بكرامة واحترام.
شعب معاهد
يخدم الشعب اليهودي الله بالدراسة والصلاة ومراعاة الوصايا التي اوردتها التوراة. ويمكن أن يفهم هذا الإيمان بالعهد التوراتي "كعهد" "وشهادة" "ورسالة" الشعب اليهودي.
لا تؤمن اليهودية، بالعكس من بعض الديانات الأخرى، أنه يجب على الشعوب الأخرى أن تعتنق عقائدها الدينية وطقوسها لكي تحظى بالافتداء. فبالأفعال لا بالعقيدة يحكم على العالم؛ والامة الصالحة من بين الأمم هي التي لها نصيب في "عالم الآخرة".
ولهذا السبب فان اليهودية ليست ديانة تبشيرية نشطة، ويتقبل المجتمع أشخاصًا يعتنقون الديانة اليهودية، لكن ذلك يتم بقرار السلطات الدينية اليهودية صاحبة الشأن. ومسألة اعتناق الديانة ليست مجرد مسألة تحقيق معرفة ذاتية شخصية.
كتب دينية ومقدسة
إن أهم نصوص الديانة اليهودية هو التوراة ذاتها (ما يسميه بعض المسيحيين "العهد القديم" )، والتي تتألف من أسفار التوراة والأنبياء والكتب.
في أعقاب تخريب الهيكل المقدس في أورشليم القدس على يد الرومان عام 70 ق.م، جمع علماء الديانة اليهودية في أرض إسرائيل مجلدات المشناة الستة لتسجيل وحفظ سنن الشريعة والقوانين والعادات الدينية اليهودية. وخلال القرون الخمسة التالية ألحقت بالمشناة، الغمارا في فقه الشريعة، وهي عبارة عن شروح مسهبة وحواشي ومناظرات وتفاسير دوّنها حاخامات في أرض إسرائيل وفي بابل. ويشكل هذان النصان التلمود الذي يظل مصدرا حيا للدراسة والفكر والتفسير اليهودي.
التشدد والتعصب الديني
ترى بين الحين والآخر تصريحات من هنا ومن هناك تشعل روح العداوة والرفض للآخر، فتارة رسوم كاريكاتير تسيء لسيدنا محمد وتارة تصريحات بتكفير المسيحيين أو اليهود وهكذا، ولا أريد أن أستطرد في الحديث عن هذه الأمور، ولكن علينا نحن أن نتساءل عن جدوى هذه الأفعال، لماذا يروج البعض لروح الاختلاف والعداء؟ ومن المستفيد من وجود هذه العداءات؟ وللإجابة على ذلك علينا البحث في جغرافيا الأديان وتعداد كل منهم لنعرف من المستفيد ومن يقف وراء هذا الانقسام والعداء، وعندما نتحدث عن تعداد أصحاب الديانات السماوية فنجد أن أول الرسالات وهي اليهودية وكتابها التوراة، فتعداد اليهود حول العالم حسب آخر إحصاء هو 14 مليونًا تقريبا 0.2% من سكان الأرض، وتعداد ثاني الرسالات السماوية وهي المسيحية وكتابها الإنجيل، هو 2,189,341,000 وهو اثنان مليار ومائة وتسعة وثمانون مليونًا و ثلاثمائة وواحد وأربعون ألفًا تقريبًا حسب أخر إحصاء أي حوالى 33.2% من سكان الأرض، وتعداد المسلمين وهي أخر الرسالات السماوية وكتابها القرآن 1.6 مليار، مليار وستمائة مليون تقريبًا حسب آخر إحصاء حوالى 23% من سكان الأرض. وعندما يكون إجمالي تعداد سكان الأرض حوالى 7 مليار نسمة فإذًا هناك تقريبًا نصف سكان الأرض غير مؤمنين بالله في الأساس ولا يعلمون عن خلق الله شيئًا وعن رسل ورسالات السماء أي شيء، وهذا يذهب بنا إلى من المستفيد من خلق هذه الروح العدائية وهي تلك الفئة غير المؤمنة بوجود الله والتي يهمها أن تظل فكرة صراع الأديان هي المسيطرة على الوضع رغم أن فكرة تكامل الأديان هي الأصوب ومصدر للسلام والأمان على هذا الكوكب.
بقلم الدكتور يونس العمراني