الذين كانوا يعتقدون أن حدود الإبداع لدى « السيستيم » في الجزائر في مجال المضحكات المبكية، قد توقفت عند حدود الإصرار على تقديم بوتفليقة مرشحا رغم وضعه الصحي كانوا واهمين. فالظاهر أن لدى من يمسكون الأمور في البلد الجار، جرابا مليئا بألعاب الحواة الغبية هاته. والظاهر أيضا أن لديهم القدرة على الابتكار في المجال الغرائبي أكثر مما يعتقده أكثر المتتبعين انتباها وحصافة..
« صوتوا علي لكي لا أكمل عهدتي المقبلة ولكي أتدبر لكم أمر رئيس مقبل ». هذا هو مختصر الرسالة التي كتبها أحمد أويحيي باسم بوتفليقة، وقرأها التلفزيون الجزائري والناطق الرسمي باسم حملة عبد العزيز عبد الغني زعلان على أسماع الناس هناك.
هي المرة الأولى التي يتقدم فيها في العالم بأسره شخص إلى المواطنين الناخبين لكي يقول لهم « صوتوا علي وأتعهد لكم أنني لن أكمل عهدتي ».
طيب السؤال البسيط والساذج الذي يطرح نفسه بنفسه في مثيل هاته الحالة هو: « لماذا سيصوت عليك الناس هناك - سيدي - إذا كنت غير قادر على إتمام المهمة؟ »
هاته الأسئلة بكل البداهة التي تحبل بها لا تعني للمتنفذين شيئا هناك. مثلما لايعني لهم شيئا صوت هذا الشباب، الذي صبر طويلا على الأذى وعلى « الحكرة » وعلى رؤية بلده الغني والثري وذي الإمكانيات المالية والمادية والطبيعية الهائلة غير قادر على توفير العيش الكريم لأبنائه، مجبر لهم مثلما هو حال البلدان الفقيرة أو التي لا تملك نفس القدر من الثراء على المغامرة بأنفسهم في البحار لأجل الهجرة لكي يتدبروا أمر عيش لم يعد ممكنا في وطنهم…
صرخة الشباب الجزائري اليوم ليست موجهة ضد بوتفليقة. إطلاقا هي ليست كذلك. ومن يريد اختزالها في التخلص من رجل مسن ومقعد ومريض وكفى يحتقر ذكاء الجزائريين، ويحتقر انتفاضتهم الجديدة..
صرخة الأهل هناك هي ضد من أمسكوا ذات يوم من سنة 1962 بالسلطة ولم يطلقوا سراحها أبدا، وعملوا المستحيل لأجل البقاء فيها، والاستفادة منها أقصى الاستفادة، وتجويع الشعب، وصرف ماله على القضايا الخارجية الخاسرة، واستعداء الجار الأبرز أي المغرب، ووضع اليد في يد كل أعدائه، والتلويح بعيدا بكرامة الجزائريين وإلقائها في المزبلة، لكن أحفاد الأمير عبد القادر كان لهم رأي آخر…
اليوم عندما تشاهد تلك الحشود الشابة الجميلة، ملتحفة بالعلم الوطني الجزائري، تعرف أنه هو الوحيد الممكن لديها، صارخة بكل حبها للجزائر، ومؤكدة أن السلمية ستستمر وإن أطلق العسكر النار إلى أن يرحل « السيستيم » لايمكنك أن تمنع نفسك من التأثر، ولا يمكنك أن تقارن الماضي الذي كان هناك بالحاضر الجديد الذي اعتقد المتنفذون أن الشباب غير قادرين على الانخراط فيه لأجل مستقبلهم، بعد أن أرعبوا الناس هناك بتهديد عشرية الإرهاب وإمكانية عودتها في أي لحظة إلى البلاد، ووضعوا أمام الناس هناك خيارا واحدا من إثنين: إما الاستكانة للمتنفذين وعصابة السراق أو التلويح بشبح الإرهاب وإن بإعادته قسرا إلى البلاد من جديد…
لسوء حظ المتنفذين، وهذه هي ميزة عدم قدرة الماضي على الانتصار على المستقبل، أن للشباب خيارات أخرى كثيرة في مقدمتها استعادة الجزائر، وتأسيس ما أصبحوا اليوم يسمونه علنا الجمهورية الثانية في الجزائر، ووضع قواعد جديدة للعب ليس فيها هذا الدور العسكري الجاثم على القلوب يمثل دور الديمقراطية وهو منها براء.
الشباب يريدون إعادة الجيش الشعبي إلى ثكناته، ويعتبرون أن معركته هو والشعب واحدة، وأن أجيالا جديدة من السياسيين يجب أن تبزغ في سماء الجزائر، وأن المتنفذين وسراق الثورة يجب أن يذهبوا لتقاعد لا يستحقونه، بل إن هناك من يقول إنهم يجب أن يذهبوا إلى المحاكم لكي يردوا على عديد الأشياء، لكن هاته المسألة لازالت مؤجلة إلى حين…
إلى حين لا يعلمه أحد، لكن الشيء الوحيد الثابت، الأكيد، المؤكد في الجزائر اليوم هو أن هذا « السيستيم » يلقي آخر أوراقه المبعثرة، وأنه يستعد للمغادرة قسرا..
قطعا لن تكون الأيام المقبلة شبيهة بما مضى هناك، لأن شيئا ما قد تحرك، ويصعب بالفعل إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء والتظاهر بأن الأشياء لازالت على حالها
إنهم يكتبون تاريخا جديدا في الجزائر الجارة. لننتبه ولنفتح الأعين، فذلك البلد العظيم كان دوما من كبار الأوطان القادرة دوما على كتابة التاريخ الكبير…
ملحوظة على الملحوظة
(دائما لاعلاقة لها بماسبق)
أشعر بحزن شديد أنني مضطر لمقاضاة واحد. من كتائب البيجيدي الإلكترونية، وهو في سن أخي الصغير أو إبني لو أنني تزوجت باكرا، لكنني مضطر للقيام بالأمر لأن المسألة تتعلق بالذمة المالية والوطنية وباتهام خطير بالعمالة، وبأشياء كثيرة خطيرة لايمكن التغاضي عنها واعتبارها تدخل في إطار حرية الرأي والتعبير وكفى
حزين أيضا أن ابن كيران أصبح مضطرا لإرسال الأطفال الصغار مكانه لأجل خوض المعارك نيابة عنه، بعد أن انهزم أمام الرأي العام الوطني في حكاية المعاش الاستثنائي السمين، وبعد أن أصبح غير قادر على ازدراد تقاعده السياسي وإحالته على الرف
حزين أكثر أن هناك أحزابا في بلداننا تعلم الشباب والأقل شبابا أن النضال يكون بالافتراء وبالكذب على الأحياء وبتشويه السمعة وبالمس بأعراض الأمهات والأخوات
أنا واحد ممن عاشوا زمنا آخر رأينا فيه تدافعا كبيرا وخطيرا بين الناس، لكن رأينا نبلا أكثر في غالب الأحايين يمنع الانزلاق نحو هاته المنحدرات المتسخة التي أصبحت علامات هذا الزمن الحزبي الراهن
مكره أخاك لا بطل، ولسنا نحن من استدعى الآخرين لهذا النزال، وللحديث بقية بطبيعة الحال أمام قضاء بلدنا…