كان حكام القطر الجزائري يعتقدون أن الحالة الصحية لرئيسهم عبد العزيز بوتفليقة تحتاج إلى رحلة قصيرة إلى مدينة جنيف السويسرية لإجراء فحوصات طبية ثم العودة بسرعة إلى الجزائر حتى يكون الرئيس حاضرا لإكمال إجراءات تقديم ترشيحه لعهدة رئاسية خامسة.
وبالتأكيد أن الأحوال الصحية للرئيس تدهورت إلى حد استوجب بقا ءه في المصحة منذ أطول وفي نفس الوقت كانت دائرة الغضب الشعبي تتسع يوما عن يوم تعبيرا عن رفض الجماهير عهدة خامسة للرجل المريض.
لم تقتصر المظاهرات والمسيرات على مدينة الجزائر العاصمة بل امتدت إلى العديد من المدن الجزائرية ومنذ فرنسية تعيش فيها جاليات جزائرية مما يؤكد حيوية الشعب الشقيق ووقوفه ضد من يريدون التحكم في مصيره.
هؤلاء لم يضعوا في الحسبان أن الشعب الجزائري سينزل هكذا إلى الشارع، ولهذا السبب وجد حكام الجزائر أنفسهم في حيرة كبيرة وارتبكوا بخصوص الطريقة التي يمكن أن يتعاملوا بها مع الأزمة.
ولتماديهم في ترشيح الرئيس المريض لولاية خامسة، قالوا بأنهم عينوا الوزير الأول السابق عبد المالك سلال مكلفا بالإشراف على الحملة الانتخابية للمرشح عبد العزيز بوتفليقة الرئيس المريض، وهذا التعيين لم يستمر به العمل لمدة طويلة إذ سرعان ما تم تعويض عبد المالك سلال بعبد الغني زعلان وزير الأشغال العمومية والنقل.
هكذا وصلت الجزائر يوم الأحد 3 مارس 2019 إلى اللحظة الحاسمة التي كان فيها على الرئيس الجزائري أن يكون حاضرا في الجزائر ليقوم شخصيا بتقديم أوراق ترشحه إلى المجلس الدستوري كما ينص القانون على ذلك.
لكن الحالة الصحية لعبد العزيز بوتفليقة لم تسمح له بمغادرة المصحة السويسرية. فتولى عبد الغني زعلان مدير الحملةالانتخابية خرق القانون بأن تولى هو تقديم أوراق ترشيح الرئيس المريض.
سئل عبد الغني زعلان عن سبب عدم حضور بوتفليقة للقيام بنفسه بهذه الإجراءات القانونية فكان الجواب هو أن الرئيس لاتسمح له أحواله الصحية بأن يكون حاضرا في الجزائر، فلاحظ بعض الصحفيين كيف أن الرئيس يعجز عن القيام بعملية تقديم أوراقه إلى المجلس الدستوري وفي نفس الوقت يرشحه نفسه لعهدة رئاسية جديدة خامسة.
على ضوء هذه الحقائق من المستبعد ألا يكون عبد العزيز بوتفليقة قد وصل الآن إلى مرحلة فقد فيها وعيه وأن المشكل هو أن الذين يمارسون وراءه لم يتمكنوا من العثور على شخص يتفقون عليه لتقديمه إلى الشعب كخلف لبوتفليقة وأنهم الآن مضطرون لتأجيل البث في هذا الموضوع الدقيق.
لقد كتب هؤلاء في رسالة باسم بوتفليقة قرأها بعد الغني زعلان بأن عبد العزيز بوتفليقة تفهم دلالات الشارع الجزائري وأنه بعد انتخابه لعهدة جديدة سيعلن عن انتخابات رئاسية سابقة لآوانها لن يترشح إليها.
هذا معناه أن الذين يحكمون الجزائر باسم بوتفليقة أنهم قرروا أن الرئيس الحالي قد انتهى أو أنه سينتهي عما قريب .
كل هذا لم يوقف غضب الشعب الجزائري ولهذا استمرت المظاهرات والمسيرات مما يجعل حكام الجزائراليوم في مواجهة مع أبواب مسدودة لأن هؤلاء الحكام لم يتعلموا كيف يعطون الكلمة إلى الشعب حتى يكون هذا الأخير قادرا على تقرير مصيره.