|
|
|
|
|
أضيف في 04 مارس 2019 الساعة 37 : 12
الشعبوية تيار سياسي يقوم على "تقديس" الطبقات الشعبية في بلد ما.
وتتبنى خطابا سياسيا قائما على معاداة مؤسسات النظام السياسي ونخبه المجتمعية. تكاثرت أحزابها وحركاتها في البلدان الغربية خاصة، مما أجج المخاوف من آثار ذلك على استقرار النظم الحاكمة فيها.
حرص الزعماء الشعبويون على الخروج بمظهر الرجل القوي الغاضب ويحبون لعب دور القائد الحازم، الذي يحمل على عاتقه حماية شعبه من الأعداء. بكل سهولة، يمكن خلق الأعداء على يد الزعيم الحامي، مثل الأجانب أو الأقليات العرقية أو المجموعات الدينية أو القضاة أو السياسيين أو القنوات الإعلامية أو الصحافة على أشكالها. ومناطحة القوى الغربية، وتجسيد صورة الرجل المتعجرف الذي ينضح بالفحولة. بنفس المنطق، وطد الرئيس الصيني شي جين بينغ فكرة الرعب من نموذج انهيار الاتحاد السوفييتي، مرسخًا إبقاء سيطرة الحزب الشيوعي على الحكم، قابضًا بيد من حديد على المعارضة، مدشنَا فجر حقبة جديدة للصين. وإلى جوار ذلك، أعلن عن حملة لمكافحة الفساد ضد السياسيين المنافسين المحتملين، بهدف تأكيد صدارة بلاده فوق القمة. وبعدها مباشرة، محا حدود الرئاسة بعدما كانت فترتين فقط، عن طريق تعديلات دستورية، وصار بإمكانه البقاء رئيسًا مدى الحياة، مكللًا بذلك فكرة الرجل الذي لا يقهر.
على أنقاض انتشار جرائم العنف في الشوارع وازدهار تجارة المخدرات في الفلبين، جاء الرجل القوي «رودريغو دوتيرتي» رئيسًا للبلاد، واعدًا بالقضاء على تجارة المخدرات وإرساء قيم العدالة.
في تايلاند، سمح الخلل السياسي الشديد والمقاومة الشعبية الضئيلة باستيلاء الجنرال «برايوت تشانأوتشا» على الحكم. ورغم وعوده المتكررة بإجراء انتخابات جديدة نزيهة، فإنه يوطد فكرة الرجل القوي الذي لن يسمح بسقوط بلاده في براثن الفوضى.
في المجر، فاز «فيكتور أوربان» بالرئاسة محتضنا منهج «الديمقراطية غير الليبرالية»، أي إنها ديمقراطية بانتخابات نزيهة، لكن مع قليل من الحريات المدنية، ليبدو كذلك بمظهر الرجل الذي لا يرقى أحد إلى منافسته أو محاسبته أو تقييمه، حتى لا تنهار هالة الاحترام الزائفة.في تركيا، استغل الرئيس رجب طيب أردوغان محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 ليُبطل حكم القانون، واستهدف خصومه السياسيين، وسجن عددًا من الصحفيين، ليبدو بصورة الرجل القوي الحازم الذي لا يتهاون.متناسيًا القضايا المهمة ذات الأولوية القصوى، مثل سوء نظام الرعاية الصحية وهجرة الشباب إلى غرب أوروبا هربًا من البطالة. قدم أوربان نفسه في هيئة المنقذ الراديكالي الذي يتصدى لجمود المؤسسات الأوروبية والأزمات التي يعاني منها الاتحاد الأوروبي، مثل المشكلات الاقتصادية وأزمة اللاجئين، على الرغم من وجود اتهامات له في الداخل المجري بتقويض الجامعات ومحاربة وسائل الإعلام الحرة والقيم الليبرالية في أوروبا.
من أجل إضافة رتوش تسويقية سياسية، ينشر الزعيم القومي الشعبوي صورًا وأخبارًا تنم عن الفحولة والرجولة. فمثلًا، أصدر الكرملين صورًا للرئيس الروسي عاري الصدر، راكبا جوادًا في نزهة. وحين سئل بوتين عن سبب نشر الصور، رد بأنه ليس لديه ما يخفيه. بتلك الصور، جسد بوتين صورة الرجل القوي وحفرها في الأذهان، متخذًا من تلك الصور دعاية سياسية ناجحة على منصات التواصل الاجتماعي، زادت شعبيته إلى نسبة 83%، طبقًا لاستطلاعات رأي دقيقة لمدة عامين متواصلين، نفذها محللون روس عن طريق زيارات ميدانية للمنازل.
الجزائر: صناعة العدو الوهمي من المغرب الجنرالات والمخابرات الجزائرية الصحف الجزائرية باستمرار نشر ملفت حول "حرب الرمال" بين المغرب والجزائر، من خلال سرد شهادات مجموعة من الجنود الجزائريين الذين شاركوا في المعارك خلال 1963، تُظهر وتدعي الصحف الجزائرية إن المغرب بلد مخادع طعن الجزائر في الظهر.
وبالاطلاع على الحلقات المنشورة تباعا في ذات الصحيفة المحسوبة على صناع القرار في الجزائر، والتي اختارت لذلك توقيتا يتسم بعدد من المتغيرات من قبيل الوضعية الداخلية للبلاد بعد مرض الرئيس بوتفليقة، وفتح وزارة الدفاع لآلاف الشباب للالتحاق بأسلاك التجنيد، يتأكد للقارئ توجه نحو إبراز الطابع الملحمي لحرب الرمال، من خلال التركيز على قدرة الجيش الجزائري على مواجهة نظيره المغربي حينها.
وجاء في إحدى حلقات ملف حرب الرمال، في الجريدة ذاتها، شهادة لأحد الضباط الجزائريين قال فيها إن "الجنود المغاربة كانوا شبابا صغار السن، وليسوا متعودين على "التمرميد" مثل عناصرنا التي تفوقت عليهم بالتدريب في الجبال، لذلك كانت الصحاري سهلة بالنسبة لنا ومكشوفة"، وأردف: "لقد كنا نمسك بهم كالطيور في فخاخ محكمة..".
وادعت الصحيفة ذاتها، بأن "حرب الرمال أشعل فتيلها الملك الراحل الحسن الثاني، حيث إن النظام المغربي "أراد التوسع على حساب دولة شقيقة، في وقت كانت فيه الدولة الجزائرية الفتية لم تلملم جراح الفترة الاستعمارية وحرب التحرير الدامية" على حد تعبير الصحيفة المقربة من جهاز المخابرات الجزائرية.
بهذه الملحمية هو "كلام ليس بريئا"، وسعي البعض من الجنرالات لبلقنة المنطقة في حال حدوث اضطرابات داخلية بالجزائر، شيء لا يخرج عن البدائل المطروحة في الجزائر اليوم". بأن "تهييج الشعب الجزائري ضد أخيه المغربي عملية حقيرة وجبانة ويائسة لثني الشعوب عن السعي للحرية والديمقراطية، وبناء أوطان مزدهرة، وبالرغم من إصرار «الأعداء» على النيل من نجاحات الزعيم القومي الشعبوي، وإمكانياته التي لا تعد ولا تحصى، فإنهم لا يختفون من المشهد السياسي ويظلون موجودين باستمرار.
خلال حملة دونالد ترامب الانتخابية للرئاسة 2016، كان يستخدم ألفاظًا لا يأبه بنتائجها، مثل «المكسيكيون المغتصبون»، و«المسلمون الإرهابيون كارهو أمريكا»، وأن «ذكاء الملونين أقل من البيض».
كان المعلقون السياسيون حينها يتوقعون موت حملته الانتخابية لأنه لا يراعي أسس النموذج الديمقراطي وقواعده في احترام الآخر، لكنه كان يحصد كثيرًا من الأعجاب بسبب شعور جمهوره بأنه لا يخاف أن يقول ما يؤمن به.
هكذا، بدَّل ترامب فكرة الحرص على استخدام الكلمات التي لا تُزعج الآخرين، إلى فكرة الرجل القوي الذي لا يخاف نتيجة أقواله، وهو نموذج مختلف تمامًا عن هيلاري كلينتون التي كانت تحرص بشدة على اختيار كلماتها في أثناء حملتها الانتخابية.
بنفس العقلية، يطلب الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي من شرطة بلاده صراحةً قتل أي شخص يعتقد أنه مرتبط بتجارة المخدرات، ما أدى إلى قتل أكثر من سبعة آلاف مواطن في ستة أشهر فقط. هكذا كثف الرجل القوي كل جهوده لقتل تجار المخدرات، أو من يشك في ارتباطه بطريقة أو بأخرى بأي نشاط تابع لتجارة المخدرات، دون اللجوء إلى حكم القانون وتفعيله، ليظهر أمام الناس أنه قادر على تخطي أي حدود لفعل ما يريد، حتى لو كان سيضطر لمخالفة القانون نفسه.بتلك القوة الكلامية التي لا تخشى أحدًا، يصنع الأعداء. الرجل القومي الشعبوي لا يحب المكسيكيين لأنهم مغتصبون، بحسب ترامب، والرجل القومي الشعبوي الحازم لا يحب المثليين، بحسب بوتين، والرجل القومي الشعبوي لا يحب المهاجرين، بحسب الرئيس البرازيلي «جايير بولسونارو. هكذا صنع الزعماء الشعبويون القوميون أعداءهم، متناسين الأعداء الأهم، مثل البطالة والفقر وانتشار الجرائم والإخفاق في محاربة الفساد والتساهل في إرساء حكم القانون.
وجهة نظر
سكينة عشوبة طالبة وباحثة
|
|
2334 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|