بعد أن نزعت جماعة العدل والإحسان جبتها عن حركة 20 فبراير، وقررت أن لا تستمر في احتضان شباب، رفض أن يُسخّر لتحقيق أحلام يقظة الشيخ عبد السلام ياسين، التي لا توجد إلا في الخيال، وانسلخ الجلد عن الثوب، وظهر أن لا الجماعة ولا الحركة يسيران في خط مستقيم، بل على خط مائل أكثر من اللازم يجعلهما لا يرايان إلا كما يرى الغراب والقناص الأعور، تسعى حركة 20 فبراير، هذه الأيام، إلى ارتداء لباس المركزيات النقابية، و السطو على نضالات الطبقة العاملة، وذلك من خلال الدعوة إلى إضراب عام، ليس من أجل ملف مطلبي محدد تتماطل الحكومة في فتح باب الحوار بشأنه أو من أجل التسويف في تنفيذ بنود اتفاق التزم به في إطار حوار اجتماعي أو قطاعي، ولكن فقط من أجل تخليد الذكرى الأولى للحركة...
وتبدو هذه المبادرة محاولة لخلط الأوراق، خاصة في ظل الاحتقان الاجتماعي، والذي يتغذى من شرايين المعطلين، وتسريح المأجورين من العمل، لا رغبة في ذلك، ولكن بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، التي تزحف على شرائح واسعة من المجتمع، ليس في المغرب وحده بل في بلدان كانت تحسب أن اقتصادياتها محصنة ضد كل الزوابع المالية. غير أن هذه المبادرة لم تغر نقابات تفطن أن من حق الحكومة أن تتمتع بمائة يوم من السلم الاجتماعي، وأن ليس من حق حركة، يختلط فيها الحابل بالنابل أن تركب على بؤس الجماهير الشعبية، بعد أن فتحت الإصلاحات السياسية التي عاشها المغرب طلية العام الماضي كوة ضوء جعلت المغاربة ينظرون إلى المستقبل بوضوح.
ومهما تكن درجة الاختلاف مع حزب العدالة والتنمية، الذي منحته صناديق الاقتراع المرتبة الأولى، فإنه من الواجب احترام هذه الإرادة، وانتظار ماذا ستصنع الحكومة "الملتحية"، وهل بمقدورها "إسعاد" المغاربة، وحل المعضلات الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية، أم أنها ستقف في العقبة، كما وقف الذين من قبلها...
أما الدعوة إلى إضراب عام، من باب الاحتفال، لا أقل و لا أكثر، فلن يجد أذانا صاغيه .