*عبد المجيد مومر الزيراوي
بعد أن نزعت عن شَعرِها المصبوغ حجابَ العِفَّة ، أَوْقَدت مايسة سلامة الناجي فتيلَ الحقد و الميز العنصري ، و صَبَّت فوقَهُ مداد الكراهية السريع الإشتعال . ثم أطلقت العنان لِهُرمونات جَهْلِهَا المُقدَّس ، فكانت النتيجة بضعة أسطرٍ ركيكةٍ أبرزت بالدليل القاطع : ما معنى أن تَهْرِف مايسة بما لا تعرف !.
و يبدو أن عاشقة المَجْمَر الطِّيني وَ ضْرِيبْ اللْدُونْ عند تلك " الشَوَّافَة المَعْلُومَة " ، يبدو أنها قد أَرْهَقَهَا ذاكَ الجِنِّي الأَحْمَر الذي لَطالما أشْعلَت لهُ شموع التَّبَرُّك قصد فك النحْس و جلب الزوج المفقود.
إِيْ وَ الله ؛ كتبت هذه " المَايصَة " الجاهلة غير العذراء ، بأسلوب كاهنة اليمين المتطرف الشمطاء ، و أطلقت العنان لنعت شعوب افريقيا بالتخلف مع تحريض الشباب المغربي ضد لون البشرة السوداء. وَ كَأَنِّي بها " تُجاهِد " قائلةً : " نحن يجب أن لا نتقاسم الطعام على مائدة واحدة مع شعوب جنوب الصحراء ".
بل ؛ إنِّي أرى هذه الجاهلة بثقافة افريقيا، زائغةً عن حقيقة أنها – في الأصل – هي مايسة السمراء التي تستعمل مساحيق التجميل لكي تظهر بالبشرة البيضاء . فكيف لِمَن تَتَمَلَّكُها عُقَد الدونية ، كيف لِمَنْ لا تَملِكُ نخوة الرضا الإيجابي بِلَوْن بشرَتها الأصلي ، كيف لها أن تفتخر بامتداد المملكة المغربية الجيو ستراتيجي و التشبت بِعُمْقِها الإفريقي ؟؟؟ أعتقد جازما أنها لا تعلم شيئا عن معنى سقي جذور الإنتماء !.
إِيْ وَ رَبِّي ؛ إن مايسة السمراء لا تعلم عن " Mama Africa " إلاَّ ما حَفِظَتْهُ عن ظهر قلب من قواميس عنصرية الاستعمار. إنها لا تعيش الزمن الحاضر ، و لا تستعين بتنمية مداركها التحليلية لكي تملأ خزان معارفها بالجد و الاجتهاد في مطالعة التجارب التنموية بإفريقيا الجديدة ، و التمعن السديد في سيرة قياداتها الوطنية الحالية التي تصارع من أجل تغيير التاريخ الإفريقي بمنحى ديمقراطي تصاعدي إيجابي.
إنها لا تعلم أن المملكة المغربية التي غادرت منظمة الوحدة الإفريقية بسبب غدر الجيران العرب ، هي نفسها التي عادت وفق رؤية حكيمة استقبلتها أغلبية دول افريقيا جنوب الصحراء بدفئ العناق و عظيم التقدير !. حيث أيدت 39 دولة من أصل 54 عودة المغرب للتكتل الإفريقي بعد غياب دام 33 عاما.
نعم ؛ إياك أعني فاسمعني يا أيتها الشعبوية العنصرية !
إنّ المملكة المغربية ، لم تنهج يوما سياسة تقديم الأموال، وإنما اختارت وضع خبرتها وتجربتها ، رهن إشارة إخواننا الأفارقة، لأن المملكة المغربية تؤمن بأن المال لا يدوم، وأن المعرفة باقية لا تزول، وهي التي تنفع الشعوب...
أمَّا الذين يعرفون الحقيقة، وَ يُرَوِّجون للمغالطات ، بأن المغرب يصرف أموالا باهضة على إفريقيا، بدل صرفها على المغاربة، فهم لا يريدون مصلحة البلاد !.
فَتَوَجُّه المملكة المغربية إلى إفريقيا، لن يغير من مواقفنا، ولن يكون على حساب الأسبقيات الوطنية. بل سيشكل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وسيساهم في تعزيز العلاقات مع العمق الإفريقي، مثلما أكدت عليه مضامين الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 64 لثورة الملك و الشعب.
و لعل واقعة الخطاب العنصري الذي تلفظت بحروفه خربشات مايسة سلامة الناجي ، تفيد الجميع أَنَّه من الواجب علينا تنمية الوعي الشبابي من خلال تحرير العقل الشعبي و خلخلة الجمود المعرفي الذي تكرسه هرطقات دوغمائية مغلفة بغطاء الجهالة العنصرية المُؤَدْلَجَة ، من حيث أنها حواجز مانعة لارتقاء الوعي الجمعي للأجيال المغربية الصاعدة.
إن محاولة تحريض الشباب المغربي ضد الإندماج الإفريقي ، تجسده هذه المنشورات التي تحمل توقيع مُدوِّنَة جَاهِلة تُدْعَى مايسة سلامة الناجي ، والتي تعمل - بدعم إفتراضي مشبوه - على رعاية الجمود المعرفي و إحباط الطاقات البناءة، من خلال العيش في صراع الماضي أو بخطابات التضليل و العدمية التي ينبغي علينا تجاوُزَها بإيمان الشباب الواثق من ملامسة انتصار المستقبل .
إن هذه العقليات العنصرية تفضح فظاعة عجز البعض عن مواجهة التحديات الحقيقية للشباب المغربي ، و إفراز البدائل الحداثية الحقيقية عبر تجاوز فعل الابتزاز و التيئيس و تحفيز بواعث الامل في نجاح الوثبة الإندماجية الإفريقية.
كما أن هذه السِّيبَة العُنْقُودِيَّة التي تسعى إليها أقلام الدفع المُسبق ، وجب أن تنتفي مبررات استمرارها لأن المستفيد من هذا التضليل هم أعداء الوطن و سدنة التضليل الخرافي، و هذا ما يُشكل تهديدا خطيرا على مستقبل التجربة الديمقراطية السليمة.
و بالتالي ، نؤكد من جديد أن التأمل العميق في " فوضى " الحركة الدولية للتغيير يفضي بنا نحو التأكيد على أن الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية هي مطالب مفتوحة للأجيال الصاعدة.
هذه الأجيال الشابة أصبح من اللاَّزم أن تَتَسلَّح بما يكفي من المناعة المعرفية و الثقافية لكي لا تُصادِر هرطقات الجاهلية العُنصرية و حيَل الخرافة الإفتراضية و أقلام الإنغلاق الثقافي ، حَقَّ هذه الأجيال الصاعدة في عقلانية الإختيار و واقعية التحليل المؤسس على المعرفة و التعلم و التشبت بقيم التعايش و التضامن و نبذ العنف و التطرف و كراهية الآخر و الإقتناع أن المستقبل هو إفريقيا.
و أختم بمقولة الراحل نيلسون مانديلا : " لا يوجد إنسان ولد يكره إنسانا آخر بسبب لون بشرته أو أصله أو دينه .. الناس تعلمت الكراهية وإذا كان بالإمكان تعليمهم الكراهية إذاً بإمكاننا تعليمهم الحب .. خاصة أن الحب أقرب لقلب الإنسان من الكراهية ".
*رئيس الإختيار الحداثي الشعبي.