خلصت مجلة “لونوفيل أوبسرفاتور” الفرنسية إلى إن زعزعة الاستقرار في الجزائر في حال وفاة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أو قيام ثورة أو حصول تمرد هناك هي الهم الأول الذي يؤرق قصر الإليزيه وأجهزة الأمن الفرنسية.
وكشف فينسان جوفير في مقال بالصحيفة أن أحد كبار المسؤولين الفرنسيين في أوائل فبراير الحالي أجاب تعليقاً على سؤال عن أهم ما يؤرق الرئيس إيمانويل ماكرون، هل هو أزمة مالية جديدة، أم هجوم إلكتروني ضخم من قبل الروس، أم ضربات أمريكية على إيران؟ بالقول:”لم تكشفوها”، وأضاف: “كابوس رئيس الجمهورية هو الجزائر، تماما كأسلافه، فالسلطات العليا للدولة خائفة من احتمال زعزعة خطيرة لمستعمرتنا السابقة بعد موت بوتفليقة”.
وأضاف جوفير أن هذه التصريحات الخاصة جاءت قبل أيام من بداية احتجاج الشباب الجزائري ضد الولاية الخامسة للرئيس الملازم للفراش، مضيفا أنه لا غرابة في أن تكون الجزائر اليوم هي القضية الأولى بالنسبة لفرنسا، لأن أزمة سياسية في هذا البلد القريب جدا في أعقاب ثورة للشباب أو اختفاء الرئيس تشكل بالفعل خطرا ومشاكل جمة في فرنسا.
وأشار الكاتب إلى أن مركز التحليل والتنبؤ والإستراتيجية بوزارة الخارجية الفرنسية قد أصدر في وقت مبكر وثيقة تعود لعام 2014 تلفت الانتباه “للائحة الوفيات المحتملة” التي يمكن أن تسبب تهديدا لفرنسا.
وتقول هذه الوثيقة الموجهة للوزير حينها لوران فابيوس التي اطلعت عليها الصحيفة، إن وفاة قائد ليست بالضرورة مصدر أزمة، ولكن العديد من البلدان هشة للغاية، لا سيما عندما تجتمع العوامل الثلاثة التالية: تقدم الحاكم في السن وتركيز السلطة المفرط بيده وغياب آلية لخلافته.
وجرى تذييل الوثيقة بلائحة تشمل خمسة قادة يمكن أن تؤدي وفاتهم إلى أزمة خطيرة، من ضمنهم بول بيا رئيس الكاميرون وإدريس ديبي رئيس تشاد ونور سلطان نزارباييف في كازاخستان وإسياس أفورقي في إريتريا وهون سين في كمبوديا، وبطبيعة الحال وقبل كل شيء عبد العزيز بوتفليقة بالجزائر.
ويعود هذا الاهتمام، وتلك المخاوف التي تلازم فرنسا بشأن أي تطورات أو أزمات تقع في الجزائر إلى أربعة أسباب، من بين أسباب أخرى كثيرة قال إنها تقلق ماكرون إلى أعلى درجة.
أول تلك الأسباب أن الجزائر من أكبر موردي الطاقة لفرنسا (10% من الغاز المستورد)، يضاف إليه سبب ثانٍ يعود إلى أن أي زعزعة كبيرة لاستقرار الجزائر، يمكن أن تجعل مئات الآلاف من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 20 سنة والذين يمثلون نصف 42 مليون جزائري يحاولون الوصول إلى فرنسا بأي وسيلة، بما في ذلك باستخدام قوارب صغيرة، مما سيشكل لا محالة تحديا سياسيا كبيرا للحكومة الفرنسية.
أما السبب الثالث، فيرده الكاتب إلى أن المهاجرين الجزائريين إلى فرنسا وأحفادهم لديهم اهتمام كبير بما يحدث على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط.
وأخيرا، يعيد الكاتب السبب الرابع إلى الأزمة السياسية الجزائرية السابقة في نهاية الثمانينيات التي يعتبرها أنها فتحت الطريق أمام الجهاديين الذين نشروا الإرهاب في البلاد لعقد من الزمان وهددوا فرنسا مرات عدة.