هو أستاذ لسانيات وفيلسوف أمريكي إضافة إلى أنه عالم إدراكي وعالم بالمنطق ومؤرخ وناقد وناشط سياسي. وهو أستاذ لسانيات فخري في قسم اللسانيات والفلسفة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجياوالتي عمل فيها لأكثر من 50 عام.إضافة إلى عمله في مجال اللسانيات فقد كتب تشومسكي عن الحروب والسياسة ووسائل الإعلام وهو مؤلف لأكثر من 100 كتاب] وفقاً لقائمة الإحالات في الفن والعلوم الإنسانية عام 1992 فإنه قد تم الاستشهاد بتشومسكي كمرجع أكثر من أي عالم حي خلال الفترة من 1980 حتى 1992، كما صُنف بالمرتبة الثامنة لأكثر المراجع التي يتم الاستشهاد بها على الإطلاق في قائمة تضم الإنجيل وكارل ماركس وغيرهم. وقد وُصف تشومسكي بالشخصية الثقافية البارزة، حيث صُوت له كـ "أبرز مثقفي العالم" في استطلاع للرأي عام 2005
ويوصف تشومسكي أيضاً بأنه "أب علم اللسانيات الحديث" ] كما يُعد شخصية رئيسية في الفلسفة التحليلية أثر عمله على مجالات عديدة كعلوم الحاسب والرياضيات وعلم النفس. كما يعود إليه تأسيس نظرية النحو التوليدي، والتي كثيراً ما تعتبر أهم إسهام في مجال اللسانيات النظرية في القرن العشرين. ويعود إليه كذلك فضل تأسيس ما أصبح يُعرف بـ "تراتب تشومسكي" ونظرية النحو الكلي ونظرية تشومسكيشوتزنبرقر.
وبعد نشر كتابه الأول في اللسانيات أصبح تشومسكي ناقد بارز في الحرب الفيتنامية ومنذ ذلك الوقت استمر في نشر كتبه النقدية في السياسة. اشتهر بنقده للسياسة الخارجية للولايات المتحدة ورأسمالية الدولة [ ووسائل الإعلام الإخبارية العامة. وقد شمل كتاب "صناعة الإذعان :الاقتصاد السياسي لوسائل الإعلام الجماهيرية" (1988 ) على انتقاداته لوسائل الإعلام، والذي تشارك في كتابته مع إدوارد هيرمان وهو عبارة عن تحليل يبلور نظرية لنموذج البروباغندالدراسة وسائل الإعلام. ويصف تشومسكي آراءه بأنها "تقليدية لاسلطوية إلى حد ما تعود أصولها لعصر التنوير والليبرالية الكلاسيكية" بعض الأحيان يتم تعريفه مع النقابية اللاسلطوية والاشتراكية التحررية. كما يُعتبر كذلك منظراً رئيسياً للجناح اليساري في السياسة الأمريكي
السيرة
طفولته
وُلد افرام نعوم تشومسكي في السابع من ديسمبر لعام 1928 في حي اوك لين الشرقي من فيلادلفيا، بنسلفانيا. والده الدكتور ويليام زيف تشومسكي (18961977 ) ولد في أوكرانيا والتي كانت جزء من الامبراطورية الروسية ولكنه هاجر للولايات المتحدة في عام 1913 لتجنب التجنيد في الجيش. وهناك بدأ عمله في متجر للحلويات في بالتيمور، ماريلاند قبل أن يتوظف كمعلم في مدرسة ابتدائية في هيبرو مستخدما ماله ليمول لدراسته في جامعة جون هوبكينز. تزوج من إلسي سيمونفسكي وهي من مواليد مايدعى اليوم ببيلاروسيا روسيا البيضاء ولكنها نشأت في الولايات المتحدة ومن ثم انتقلا إلى فيلادلفيا حيث بدءا هناك التدريس في مدرسة دينية إسرائيلية، وترقى ويليام في وظيفته حتى منح منصب المدير هناك . وفي عام 1924 تم تعيينه في كلية غراتز والتي تعد أقدم مؤسسة لتدريب المعلمين في البلاد حيث بدأ كرئيس لهيئة التدريس في عام 1932. وبدأ أيضا في تقديم دورات للتدريس في كلية دروبسي في عام 1955. وقد كان منشغلاً بشكل مستقل في بحثه حول العبرية في القرون الوسطى وفي نهاية المطاف قام بتأليف سلسلة من الكتب عن هذه اللغة : "كيفية تعليم اللغة العبرية في الصفوف الابتدائية" (1946 ) ، "العبرية قصة لغة حية" (1947 ) ، "العبرية اللغة الخالدة" (1957 ) ، "التعليم والتعلم" (1959 ) إضافة إلى نسخة منقحة من "قواعد العبرية" لديفيد كيمنس (1952 ).ركز ويليام تشومسكي والذي وُصف كشخصية دافئة ولطيفة وفردية على أهمية توعية الناس "ليصبحوا متكاملين وأحرار ومستقلين في تفكيرهم وتواقين لجعل الحياة أكثر معنى وجديرة للعيش للجميع" وهي آراء سيتبناها ابنه لاحقاً.
كان نعوم الابن الأول للعائلة فقد ولد أخيه الأصغر ديفيد إلي تشومسكي بعده بخمس أعوام. بقي الإخوان مقربين على الرغم من أن ديفيد كان ذو شخصية سهلة نوعاً ما على العكس من نعوم الذي كانت شخصيته تنافسية للغاية. كانت اللغة الأولى للعائلة هي اليديشية ولكن كان الحديث بها يعد من المحرمات على حد قول تشومسكي. . كانت إلسي تتحدث الإنجليزية بلكنة نيويورك على العكس من زوجها. نشأ الأخوان في بيئة يهودية وقد تعلموا اللغة العبرية وكانوا يتناقشون بانتظام حول نظريات الصهيونية السياسية وقد تأثرت العائلة بشكل خاص بكتابات اليساري الصهيوني آحاد عام (18561927 ) ولأنه نشأ يهودياً فقد عانى تشومسكي من معاداة السامية حين كان طفلاً وخاصة من المجتمعات الأيرلندية الألمانية التي كانت تعيش في فيلادلفيا ومازال يتذكر حفلة البيرة للألمان احتفالا بسقوط باريس على يد النازيين.
وصف تشومسكي والديه بأنهما "ديموقراطين روزفلتيين طبيعين" تبنوا الموقف اليساري المتوسط على الساحة السياسية ولكنه تعرض لليسار المتطرف من خلال أفراد عائلته الآخرين وكان عدد منهم اشتراكيين مشاركين في النقابة الدولية للسيدات العاملات لصناعة الملابس. وتأثر بشكل عظيم بعمه الذي وبرغم انه لم يكمل المرحلة الرابعة إلا أنه كان يمتلك كشك صحف في مدينة نيويورك حيث كان اليهود اليسارين يحضرون لنقاش قضايا الساعة.وكلما زار عائلته في المدينة كان تشومسكي يتردد للمكتبات الأناركية واليسارية وأصبح قارئاً نهماً للأدب السياسي ووصف لاحقاً اكتشافه للأناركية "كحادثة محظوظة" بشكل أتيح له ليصبح ناقداً للأيدولوجيات اليسارية الراديكالية الأخرى وخصوصاً الماركسية اللينينة والتي تؤمن بأن الطريق إلى مجتمع قائم على المساواة تكمن في السيطرة على حزب الطليعة.
وحصل تشومسكي على تعليمه الأساسي من مدرسة أوك لين كونتري دي وهي مؤسسة مستقلة تركز على السماح لطلابها للبحث عن اهتماماتهم في جو غير تنافسي. وقد كتب هناك مقالته الأولى في سن العاشرة عن انتشار الفاشية بعد سقوط برشلونة في الحرب الأهلية الأسبانية. ومن سن الثانية عشر أو الثالثة عشر عُرف تشومسكي بشكل تام مع السياسة الأناركية.وانتقل في سن الثانية عشر للمدرسة الثانوية في سنترال فيلاديفيا وهناك انضم لنوادي ومجتمعات مختلفة ولكنه كان منزعج من أسلوب التدريس الهرمي والصارم المستخدم هناك.
الجامعة :
بدأ تشومسكي دراسة الفلسفة واللسانيات في جامعة بنسيلفينيا في عام 1945 بعد تخرجه من مدرسة سنترال الثانوية في فيلادلفيا. وقد حضر هناك دروس متعددة لفلاسفة مثل وست تشرجمان ونيلسون قودمان وأستاد اللسانيات زيليج هاريس. ومن خلال دراسته لدى هاريس اكتشف التحولات كتحليل رياضي لبنية اللغة (حيث تكون المخططات من جهة فرعية واحدة إلى أخرى في نفس المجموعة من الجمل ). وأشار تشومسكي لقواعد الصيغ الصرفية في أطروحته للماجستير في عام 1951 بعنوان "الصيغ الصرفية في العبرية" حول التحولات تبعاً لمفهوم كارناب لقواعد التحولات في عام 1938 مقابل قواعد التكوين وتبعاً لذلك إعادة تفسير مفهوم التحولات النحوية بطريقة مختلفة عن هاريس حين تكون عمليات الإنتاج في النحو المستقل context free grammer المستمدة من أنظمة بوست للإنتاج . وكان لآفكار هاريس السياسية دور فعال في تشكيل آراء تشومسكي. حصل تشومسكي على درجة البكالوريس في عام 1949 والماجستير في عام 1951.
وخلال زياراته لمدينة نيويورك كان تشومسكي يتردد لمكتب الصحيفة الأناركية للغة اليديشية Freie Arbeiter Stimme ليصبح مفتوناً بأحد مساهميها وهو النقابي الأناركي لرودولف روكر (18731958 ). ولاحظ تشومسكي لاحقاً أن أعمال روكر هي من هدته بداية إلى الصلة بين الأناركية والليبرالية الكلاسيكية والتي قام بالتعمق فيها أكثر بعد ذلك ومن المفكرين السياسين الذين قرأ لهم تشومسكي في تلك الفترة دياغو دي اباد سانتيلان والديموقراطي الاشتراكي جورج أورويل وبرتراند راسل ودويت ماكدونالد وأعمال أخرى من كتاب غير ماركسيين مثل كارل ليبكنشت وكارل كورش وروزا لوكسمبورغ وكان لقراءاته دور في اقتناعه بالمجتمع الأناركي النقابي حيث أصبح مبهوراً بتلك الجماعات التي أُنشئت خلال الحرب الأهلية الأسبانية والتي تم توثيقها في كتاب أورويل تحية إلى كاتلونيا (1938
وأصبح قارئاً متعطشاً لمجلة "السياسة" اليسارية والتي نشرت من قبل ماكدونالد من 1944 حتى 1949. وعلى الرغم أنها في بدايتها كانت ملتزمة بالآراء الماركسية إلا أنها في عام 1946 تخلت عن هذا الاتجاه. وأوضح تشومسكي لاحقاً أن تلك الصحيفة أجابت وطورت اهتمامه فيما يختص بالأناركية. وفي العشرينات ، أصبح تشومسكي قارئاً لدورية "Living Marxism (الماركسية الحية )" والتي نُشرت في شيكاغو من قبل المفكر الماركسي بول ماتيك (19041981 ). وتقيم المجلة بشكل ناقد الوضع في الاتحاد السوفيتي في وقت جوزيف ستالين وتطورات الحرب العالمية الثانية. وبالرغم من رفضه لأساس نظرياتها الماركسية إلا أن تشومسكي تأثر بشدة بالحركة الشيوعية بعد قراءته لمقالات انتوني بانيكوك وكارل كورش في "Living Marxism (الماركسية الحية ) عرف تشومسكي ماتيك شخصياً ولكنه وصفه لاحقاً بأنه " ماركسي أرثوذكسي جداً بالنسبة لي". وكان له اهتمام كبير بالنظريات السياسية حول "المارلينيتس" وهم مجموعة غامضة من الماركسين المعارضين الستالينية بقيادة جورج سبيرو والذي وحدها تحت الرابطة اللينينية. وقد زعم المارلينتين بأن الحرب العالمية الثانية كانت "زائفة" لأنه كان ورائها الرأسماليين الغربيين ورأسماليي الدولة الذين كانوا يحكمون الاتحاد السوفيتي لسحق الطبقة العاملة في أوروبا، وهي وجهة نظر وافقها تشومسكي.
دخل تشومسكي في علاقة عاطفية مع زميلته كارول دوريس كاتس وهي طالبة في مدرسة بإسرائيل والذي كان على معرفة بها منذ كانوا صغاراً وتزوجها في عام 1949. وبقيا متزوجين لمدة 59 عاماً حتى توفت جراء مرض السرطان في ديسمبر 2008.[ورزق الزوجان بإبنتان وهما أفيفا (1975 ) ودانيا (1960 ) إضافة إلى ابن يدعى هاري (1967 ). وعاش تشومسكي مع زوجته في هازورا، كيبوتس في إسرائيل خلال عام 1953. وحين سُئل إذا ماكان قد أصيب بالخيبة خلال بقائه هناك أجاب تشومسكي "كلا. فقد أحببتها، ولكني لم أستطع تحمل الجو الأيدولوجي هناك والحماسة القومية" وخاصة وأن ستالين في بداية الخمسينات كان يدافع عنه من خلال العديد من أعضاء كيبتز ذو الميول اليسارية والذين اختاروا أن يرسموا صورة وردية من التوقعات المستقبلية والواقع المعاصر في الاتحاد السوفيتي. وذكر تشومسكي أنه رأى العديد من العناصر الإيجابية في مجتمع كيبتز حيث كان الآباء والأطفال يعيشون سوية في منازل منفصلة، وحين سُئل فيما إذا كان هناك "دروس من الممكن لنا أن نتعلمها من تاريخ كيبتز" أجاب "في بعض النواحي فستجد أنهم كانوا أقرب للأناركية المثالية أكثر من أي محاولة أخرى لم تستمر لأكثر من لحظات قبل أن تتدمر وفي تلك النواحي، فقد كانوا جذابين وناجحين للغاية ولو صرفنا النظر عن الحوادث الشخصية فلربما كنت سأعيش هناك .. إلى متى؟ من الصعب تخمين ذلك."
ومُنح تشومسكي درجة الدكتوراة في اللغويات من جامعة بنسيلفينيا في عام 1955. وقد أدار جزءاً من أبحاثه خلال الأربع سنوات في جامعة هارفارد كزميل في الجامعة. وفي أطروحته بالدكتوراة طور تشومسكي بعضاً من أفكاره اللغوية وتوسع بها في كتابه الذي صدر عام 1957 بعنوان "التراكيب النحوية" والذي يعد من أشهر كتبه في مجال اللغويات
المهنة
انضم تشومسكي لهيئة تدريس معهد ماساتشوستس للتقنية (MIT ) في عام 1955 وعين في عام 1961 أستاذاً في قسم اللغات الحديثة واللسانيات والذي يسمى اليوم بقسم اللسانيات والفلسفة. ومن عام 1966 حتى 1976 حصل على الأستاذية الفخرية للغات الحديثة واللسانيات وفي عام 1976 عُين بروفسوراً للمعهد . في عام 2010 كان قد درس تشومسكي في المعهد ل55 عاماً متواصلة.
وفي فبراير لعام 1967 أصبح تشومسكي واحداً من من المعارضين الرئيسين للحرب الفيتنامية حين نشر مقاله "The Responsibility of Intellectuals (مسؤولية المثقفين ) في نيويورك ريفيو أوف بوكس. وأتبعه بعدها في عام 1969 بكتابه "سلطة أمريكا والبيروقراطيين الجدد" وهو مجموعة من مقالاته التي جعلته في مقدمة المعارضة الأمريكية. وأثارت انتقاداته الشديدة للسياسة الخارجية لأمريكا وشرعية سلطتها الكثير من الجدل وكثيراً ماكانت تُطلب آرائه دولياً من خلال المطبوعات والمنافذ الإخبارية. وقدم في عام 1977 محاضرة هوزينقا في ليدن بهولندا تحت عنوان "المثقفون والدولة".
وتعرض تشومسكي للتهديد بالقتل وذلك بسبب نقده للسياسة الخارجية للولايات المتحدة.ولذا فقد كان في بعض الأحيان تحت الحماية البوليسية في جامعته وحين حديثه عن الشرق الأوسط رغم من رفضه لذلك.
ويقيم تشومسكي في لكسينقتون بماساتشوستس ويسافر غالباً لإلقاء محاضرات حول السياسة
أفكاره
اللسانيات
تتحدى لسانيات تشومسكي والتي بدأت من "البنى التركيبية" وهي خلاصة لكتابه "البنية المنطقية للنظرية اللسانية" اللسانيات البنيوية وتمثل مقدمة لالنحو التحويلي. وهذا التوجه يأخذ الكلام (تسلسل الكلمات ) باعتباره متميزا بالنحو الشكلي وخصوصا في النحو ذو السياق المستقل الممتد مع قواعد تحويلية.
وربما مساهمته الأكثر تأثيراً في هذا المجال هو فرضية أن نمذجة معرفة اللغة باستخدام النحو الشكلي محسوبة لصالح إنتاجية وإبداع اللغة. وبعبارة أخرى، فالنحو الشكلي للغة ما يمكن أن يشرح قدرة السامع والمتحدث لإنتاج وتفسير عدد لاحصر له من الحديث بما في ذلك الحديث الروائي مع مجموعة محدودة من قواعد اللغة والمصطلحات. ويدين تشومسكي دائماً لبنيني لفكرته الحديثة للنحو التوليدي على الرغم من ارتباطه كذلك بالأفكار العقلانية للمعرفة المسبقة .
ومن سوء الفهم المنتشر الإدعاء بأن تشومسكي أثبت بأن اللغة هي فطرية بشكل كامل وبأنه هو من اكتشف "النحو الكلي". في الحقيقة تشومسكي فقط لاحظ بأن الطفل والقط كلاهما قادر على التفكير الاستقرائي إذا تعرضوا لنفس المعطيات اللغوية فالطفل سيكتسب دوماً القدرة على فهم وإنتاج اللغة في حين أن القط لن يكتسب أياً منها. وسمى تشومسكي أي قدرة للإنسان يفتقدها القط "جهاز اكتساب اللغة" واقترح أن تكون إحدى مهام اللسانيات عن معرفة هذا الجهاز وماهي القيود التي يضعها على مجموعة محتملة من اللغات. وتسمى الخصائص الكلية التي من الممكن أن تنتج من هذه الحدود بـ "النحو الكلي.
وتقوم مقاربة المبادئ والوسائط والتي تطورت في محاضراته عن بيزا عام 1979 ونشرت لاحقاً بعنوان "محاضرات في الربط العاملي" بجعل الفرضيات قوية بخصوص النحو الكلي. فالمبادئ النحوية التي تحدد اللغة هي فطرية وثابتة، والاختلاف بين لغات العالم من الممكن أن يوصف من خلال وسائط موجودة بالضبط في الدماغ (مثل عامل الحذف أثناء النطق والذي يشير إذا كان موضوع ما مطلوب دوماً، مثل الإنجليزية، أو من الممكن أن يحذف اختيارياً، مثل الإسبانية ) والتي كثيراً ما تشبه المفاتيح. (ولذا كان هذا النهج يوصف بمصطلح المبادئ والوسائط ). وتبعاً لهذا الرأي فإن تعليم اللغة لطفل يحتاج فقط لاكتساب المفردات اللغوية الأساسية (من كلمات، والإضافات النحوية، والتعابير ) ولتحديد مواصفات مناسبة، والذي يمكن أن يُبنى على أمثلة رئيسة قليلة .
ويجادل أصحاب هذا الرأي بأن الوقت التي يتعلم فيه الطفل اللغة سريع بنحو غير قابل للتفسير مالم يملك الأطفال قدرة فطرية لتعلم اللغة. كما أن تتبع خطوات مشابهة من قبل الأطفال حول العالم حين يتعلمون اللغة وحقيقة أن الأطفال يقعون في أخطاء محددة أثناء تعلمهم لغتهم الأولى، في حين أن بعض الأخطاء المنطقية لاتظهر أبداً، كلها من مؤشرات على الفطرية في اكتساب اللغة.
وفي الآونة الأخيرة، حاول تشومسكي في برنامجه الإصلاحي لعام 1995 الحفاظ على مفهوم "المبادئ والوسائط" إجراء إصلاح جذري للسانيات الآلية في نموذجه ب"محاضرات عن الربط العاملي" متمثلة بالتجرد منها بشكل كلي عدا من العناصر الضرورية على الرغم من دعوته لنهج عام لهندسة كليات اللغة البشرية التي تؤكد على مبادئ الاقتصاد والتصميم المثالي والعودة إلى نهج الاشتقاقية والنهج التوليدي في تناقض مع النهج التمثيلي للمبادئ والوسائط.
وكان لأفكار تشومسكي تأثير قوي على البحوث المتعلقة باكتساب اللغة عند الأطفال على الرغم من أن الكثير من الباحثين في هذا المجال عارضوا بشدة نظرياته مثل اليزابيث بيتس ومايكل توماسيلو . حيث بدلاً من ذلك دعوا إلى نظريات التوالد أو الاتصالية والتي تقوم على شرح اللغة من خلال عدد من الآليات في الدماغ التي تتفاعل مع البيئة الاجتماعية الواسعة والمعقدة التي تُستخدم فيها اللغة وتُعلم .
ومن أشهر أعماله في علم الصوتيات الصرفية هو "نمط الأصوات في اللغة الإنجليزية" (1968 ) والذي كتبه مع موريس هالي. وكان لهذا العمل أهمية عظيمة في تطوير هذا المجال. وعلى الرغم من أن نظرية علم الصوتيات قد تجاوزت "علم نمط الأصوات في اللغة الإنجليزية" في عدة جوانب مهمة، فإن علم نمط الأصوات يعد الرائد في بعض نظريات الصوتيات الصرفية المؤثرة اليوم بما في ذلك الصوتيات الصرفية ذات المستويات المستقلة والصوتيات الصرفية المختصة بالمفردات والنظرية المثالية. ولم يصدر بعدها تشومسكي عملاً آخر حول علم الصواتة أو علم الصوتيات الصرفية.
النحو التوليدي
ويدرس نهج تشومسكي للنحو والذي يدعى غالباً بالنحو التوليدي النحو بوصفه بنية معرفية يتحكم به مستخدمو اللغة. ومنذ الستينيات أصر تشومسكي بأن أغلب هذه المعرفة هي فطرية، بما يؤدي إلى أن الطفل يحتاج فقط لخصائص معينة ومحدودة من لغتهم الأم يسمى المضمون الفطري للمعرفة اللغوية بالنحو الكلي . ومن وجهة نظر تشومسكي ، فالإثبات الأقوى لوجود النحو الكلي هو ببساطة حقيقة أن الأطفال يكتسبون لغتهم الأم بنجاح في وقت قصير جداً. وزعم أيضاً بأن هناك ثغرة ضخمة بين المحفزات اللغوية التي يتعرض لها الأطفال والمعرفة اللغوية الثرية التي يحرزونها. ولذلك فمعرفة النحو الكلي ستسد تلك الفجوة.