لا يمكن مطلقا فهم المغزى و المعنى من الخوض في إتهامات خطيرة جدا، من قبيل التشكيك في إنجازات الأبطال المغاربة، وميداليات البطل هشام الكروج، والخوض في تحليلات من قبيل تناوله للمنشطات كما لو كان الكروج صاحب نفوذ مكنه من إسكات لجان المراقبة التابعة للإتحاد الدولي لألعاب القوى طيلة سنوات ممارسته.
العلم كل العلم، أن عدد من الابطال في مرحلة الكروج ثبث تعاطيهم للنشطات وكشفوا وتم تجريدهم من ألقابهم، الكروج كان يهدينا الالقاب ولا حديث عن المنشطات أو شيء من هذه الترهات. الرجل كان عداءا حقيقيا وكان بطلا صنع لنفسه مكانا عاليا في قمة التتويج العالمي، إلى جانب اخرين ونذكر منهم عويطة التاريخي ونوال المتوكل الأسطورية، وغيرهم كثير ممن أنجبهم المغرب.
اليوم يأتي من ينبش في تربة متهالكة ويحاول زرع بعض الشكوك التي لا يمكن أن ترقى إلى مستوى الحقيقة. والحقيقة الماثلة أن هذا الإدعاء هو من قبيل العدمية وضرب تاريخ رياضي وطني عرض حائط أغراض لا نفهمها ولا نعرف بواعثها.
التشكيك في عطاء مرحلة هو ضرب للقادم من إنجازات، وأظن هناك من يعشق الظلام ليضيء شمعته الباهتة، ويحاول أن يقول للعالم انه مخالف في الرأي وأنه يريد الحقيقة.
لكن هذا الشخص أو هؤلاء الأشخاص، لا يعرفون كم حسدنا اخرون لأن عويطة كان بطلا حقيقيا، أو لأن نوال المتوكل تألقت، او لأن الكروج حاز الألقاب المستحقة، أو لأن منتخب كرة القدم في 86 تمكن من التوقيع على مرور اول فريق إفريقي وعربي إلى الدور الثاني من كأس العالم.
هؤلاء لا يعرفون كم من الجهد تتطلبه مثل هذه الإنجازات، كم من العزيمة والرغبة و الإرادة الصادقة والنية الخالصة من اجل أن يقف بطل في "بوديوم" التويج ويرتفع العلم المغربي ويصدح النشيد الوطني.
هناك دائما من يحاول تبخيس عطاء المغاربة، وهم مع كامل الأسف مغاربة، حتى في مجال التمثيل أو الإعلام أو الشعر و الرواية أو الغناء، هناك دائما من يقول بأن في الامر إن، وليس هناك لا إن و لا حتى، فقط بشاعة نفسية يتم إسقاطها على عطاء إبداعي أو رياضي من أجل إرضاء ظلمة منتشرة في داخله.
مطربة مغربية تتألق، فيقول قائل "جابتها" بصورتها وليس وبصوتها، ممثل مغربي يشارك في فيلم عالمي فيقول قائل اخر، لولا أنه صور في المغرب ما كان ليشارك. ملاكم مغربي يخوض النزال تلو الاخر ويفوز، يعجز المنتقد عن الوصول إلى ثغرة في نزاله فيلجأ إلى حياته الخاصة وينشر ما شاء من إشاعات..
كل ذلك ضرب من العدمية والسوداوية المخيفة، التي لا تترك نجما يلمع إلا وحاولت "غرابيل" الشؤم أن تحجب نوره.
ممثل مغربي يفوز في دولة اوروبية، بجائزة احسن ممثل، في مهرجان دولي... الاكيد أن هذا الممثل بعد فوزه، إما سيعيش نشوة الفوز من خلال تهافت الأعمال عليه، او ربما سيعيش إنتكاسة "مالو آش دار زعما".
ذلك هو ملخص حكاياتنا مع نجومنا، وحدهم من يحتكون بنا لا نوليهم الكثير من العناية لأنهم "غير فلان"، كما لو كانوا قد ارتكبوا جريمة بتتويجهم وفوزهم.
وكما لو كنا أعداء انفسنا، لا نحب اللامع فينا بل نحارب من أجل ان نبقى سواسية في الحضيض، تلك هي مشكلتنا في كل المجالات رياضية و ثقافية وفنية وخلافها، نحب أن نبقى جميعا في حضيض البدايات و المحاولات فقط لا مناص منها إلا بالاختباء من جحيم الشهرة التي حسب البعض يعمي بريقها البصائر..
عبد العزيز المنيعي