حلت الأربعاء الذكرى الثامنة لحركة 20 فبراير. حركة شاءت لها الأقدار أن تكون فاتحة على عهد جديد كما أرادت لها العديد من القوى أن تكون حصان طروادة لتحقيق أغراضها السياسية، وتحولت إلى سوق للبيع والشراء، بل إن الحزب الذي أكل الغلة كاملة هو حزب العدالة والتنمية، لعب على كل حبال 20 فبراير، حيث أصدر بنكيران قرارا بعدم المشاركة في الحراك الشعبي بينما قاد العثماني والرميد وحامي الدين والشبيبة جزءا من الحزب للمشاركة، وهو من المواقف الأكثر التباسا ووصفهم الزعيم بالطبالة والغياطة. لكن لأن الحزب كان فاتحا أنيابه على السلطة فقد استطاع حصد الربيع قبل أن يصفر.
20 فبراير تاريخ مغربي كامل وخالص أراد البعض الاستقواء بواسطته على الوطن واستدعاء الخارج لكن الفشل كان مصيرهم. ليست لعنة ولا رحمة. هي لحظة تجلى فيها الصوت المغربي كان أحيانا محقا وفي أحيان كثيرة كان مغرضا ومتآمرا.
ما لا يريد البعض تدوينه في صفحات التاريخ المغربي هو أن 20 فبراير كانت فرصة لثورة الملك والشعب الثانية، بعد الثورة الأولى لجلالة المغفور له محمد الخامس والشعب المغربي ضد المحتل الفرنسي، وسيبقى تاريخ 9 مارس 2011 معلمة فارقة في التاريخ المغربي، باعتباره اليوم الذي كشف لنا عن المنهجية الملكية في التعاطي مع الشارع، حيث جسد السرعة في الاستجابة للمطالب المعقولة التي يرفعها الشعب المغربي.
لقد تمثل في هذا اليوم عنوان بارز لغتة الوحيدة أن مطالب الشعب لا يمكن التلاعب بها ولا يمكن تركها عرضة للتقاطبات السياسية. وبالتالي كان التدخل الملكي والذي أفشل كل المؤامرات التي كانتى تحاك بالداخل والخارج، حيث تأكد أن المغرب كان مستهدفا أكثر من غيره من طرف العديد من القوى الإقليمية، التي شاء الله أن تنفضح فيما بعد.
حركة 20 فبراير ضمت مناضلين مبدئيين وآخرين من أصحاب الأجندات. حركة عفوية ركب ظهرها كل من لم يجد سبيلا للتحكم في رقاب الشعب وفي الوطن. الكل ادعى وصلا بها وهي لم تقر لأحدهم وصلا. تمنعت عن أن تكون أداة للتدمير بفضل حنكة الملك ويقظة الشعب.
اليوم مرت ثماني سنوات على أول خروج للشباب، الذي رفع الصوت لكن أصوات الشيوخ طغت عليه وذهب في الزحمة. ولكن مع ذلك لا يمكن أن نقول إننا لم نستفد من هذا الحراك. بالعكس لقد شكل لحظة لطرح الأسئلة الكبرى. أسئلة يجيب عنها الواقع وهناك أسئلة أكثر إحراجا تتعلق بالديمقراطية، التي يريدها البعض ميكانيكية، لا بغرض مشاركة الشعب ولكن بغرض التمكين والتحكم في المؤسسات وتوظيفها في مشاريع سياسية قاتلة. ولا زلنا لحد اليوم نتلمس الأجوبة عن الأسئلة المشتعلة التي جاءت مع موجة 20 فبراير. هل كل الثوار والديمقراطيين ثوار وديمقراطيون أم أن أغلبهم هم مجرد أدوات في أجندات؟