لنسلم مع خديجة الرياضي أن الذين نسفوا ندوة واقع حرية الصحافة بالمغرب هم بلطجية.
وأنهم مسخرون.
ولنسلم معها أيضا أن البرلمانية حنان رحاب هي مبعوثة المخزن إلى باريس. وقد أرسلوها لتكون كبيرة الناسفين. وزعيمتهم في المهجر. ولتنسق في ما بينهم. ولتؤطرهم. ولتعطي إشارة الشروع في النسف.
لنسلم بكل هذا.
ولنتبن بالحرف رواية الرفيقة خديجة الرياضي عما حدث وبكامل حذافيرها.
ولنؤمن بها. ولا نشك فيها. ولنصدقها. ولا نستمع إلى كا ما يقوله الطرف الآخر الناسف.
ولنكذبه. ولنتهمه. ولنقد حملة ضده. ولنكشفه.
لكن أن تقول خديجة الرياضي ومن معها إن ما حدث في ندوة باريس. لم يكن يقع حتى في سنوات الرصاص. وفي عهد الملك الراحل الحسن الثاني.
فهذا غير مقبول منها. ويجانب الصواب.
خاصة وهي تحكي لنا أن الناسفين أطلقوا رائحة كريهة في القاعة.
وبعد أن ضغطوا على زر الكهرباء وعتموا القاعة(والعهدة عليها). فقد اتفقوا كبلطجية على شكل نضالي جديد وغير مسبوق. وهو أن يضرطوا في وقت واحد.
ضرطة جماعية مدوية تفرغ القاعة من الجمهور ومن المناضلين ومن الحقوقيين ومن أنصار البوليساريو.
ضرطة عملاقة وناسفة.
ولو كانت الرفيقة خديجة الرياضي منصفة وغير منحازة للاحظت الفرق. ولاعترفت بأن هذه الطريقة جديدة. ولا عنف فيها. ولا شطط في استعمال السلطة. ولا اعتداء. ولا اختطاف. وتحترم المعايير الدولية. وشرعة حقوق الإنسان.
ولا يمكن مقارنتها بما كان يحدث في سنوات الرصاص وفي العهد السابق.
لكنها ورفاقها يبالغون دائما.
ويبدو لهم المغرب أسود. ولا يتقدم. ولا يتغير. بل أسوأ من الماضي.
وربما هي مجرد فسوة كاتمة للصوت. ولذلك فاجأتهم من حيث لا يدرون.
أما في ذلك الماضي الذي ترينه أفضل من اليوم. فلم يكن البلطجية مسالمين إلى هذه الدرجة.
و كانت الحلول جذرية.
ولم يكونوا ليقبلوا بينهم رأيا تحريفيا وإصلاحيا واستسلاميا ومهادنا مع المعارضة. ويكتفي بإطلاق الرائحة الكريهة التي تزكم أنوف الحقوقيين. وتفرق شمل الندوات.
وليس من الإنصاف في شيء أن يتغير المخزن الذي تتهمنيه. ويغير من ممارساته. وأساليبه. ويكتفي البلطجية بنشر تلك الرائحة بينما لا تتغيرين أنت قيد أنملة.
وتعقدين مقارنات في غير محلها.
وقد كان المعارض أو الحقوقي في السابق لا يستطيع الذهاب إلى باريس. وحين يذهب فإنه لا يعود. وحين يعود فإنه يعتقل.
كما أن المناضلين كانت لهم قضايا حقيقية يدافعون عنها.
وكانت السجون مملوءة عن آخرها بالمعتقلين السياسيين.
وكانت وفرة.
على عكس النضال اليوم.
الذي بالكاد يعثر فيه المناضل الحقوقي على قضية يدافع عنها. ومن مشاكل الندرة. أنك لم تجدي غير بوعشرين لتناقشي به موضوع واقع الصحافة في المغرب.
وهو مثال عليه خلاف.
والدفاع عنه بشراسة تشم منه رائحة كريهة. أفظع بكثير من تلك التي حكيت عنها في القاعة الباريسية.
والتي تقولين إنها استعملت لنسف الندوة.
وقد أتفق معك في كل شيء.
وقد أصدق روايتك. وأتبناها. إلا أني أختلف معك كثيرا في المقارنة. وآراها ظالمة.
ولا تجوز.
فالمغرب صار أفضل.
والدليل أن من تتهمينهم بنسف ندوتك اكتفوا بإطلاق الرائحة الكريهة.
وربما هي مجرد ضرطة غير متحكم فيها من بلطجي.
وقد تكون نيرانا صديقة خارجة من مناضل حقوقي. أو منفي.
وأي شخص ذهب إلى باريس. يعرف ما تفعله علب الفاصوليا. وصلصة الطماطم. والنقانق. والجامبون السيء الذي يباع في الأسواق الممتازة. والنبيذ.
وقد سبق لي أن زرت عاصمة فرنسا.. وعانيت من نفس المشكل. و نسفت السياح الآسيويين في برج إيفل.
وفجرت غرفة صديقي الذي كنت أقيم عنده.
واعتبرني هو الآخر بلطجيا. ومبعوثا من النظام المخزني الرجعي لنسف ندوته.
ثم إنك تعلمين أكثر من الجميع ماذا كانوا يطلقون في سنوات الرصاص.
لكنك تبالغين
ولا تنصفين ناسفي اليوم المتشبعين بثقافة حقوق الإنسان
وتسيئين إليهم.
ولا تعترفين بالتقدم الحاصل في ممارساتهم وأساليبهم
مع أننا لم نأخذ وجهة نظرهم
ولم نستمع إلى روايتهم حول الرائحة.
حميد زيد – كود