قال سعد الدين العثماني "إن حزبه مبني على المرجعية الإسلامية، حيث لا يمكن أن نُعوج هذه المرجعية كي توافق أهواء أناس..باش يعجبهم الحال لأن المرجعية الإسلامية ليس نحن من وضعها بل هي محددة من عند الله".*
هذه العبارة استخرجها العثماني من الأعماق البعيدة لنفسه. من عرف الرجل وهو وزير للخارجية أو رئيس للحكومة لن يفهم مغزى هذا الحديث. ما هي خلفيات الرجل الذي يتكلم اليوم لغة السياسة؟ من أين جاء؟
العثماني مؤسس للجماعة الإسلامية رفقة عبد الإله بنكيران. وكانا يتقاسمان الشغل. الأول يلتقط ما يوحى إليه والثاني يقوم بالتأصيل الفقهي. يعترف هو نفسه أنه كان يحمل "سلة" من الكتب في الفقه والأصول ويطوف المغرب ليقنع "الإخوان" بالتوجه الجديد. هي إذن "الجماعة الإسلامية". الاسم منقول حرفيا من الجماعة التي أسسها أبو الأعلى المودودي بباكستان.
يعتقد الكثير من الباحثين خطأ أن الإسلاميين قاموا بمراجعات. لا يمكن لمن لا يملك فكرة أن يراجعها. هم نقلة لما كتبه غيرهم. عكفوا على قراءة المودودي وسيد قطب وسعيد حوى وفي مرحلة أخرى، أكثر تدقيقا، قراءة كتابات زين العابدين سرور، التي دخلت المغرب مثلما يدخل "القرقوبي" تحت اسم مستعار هو عبد الله الغريب. كتاباته كانت وما زالت محددة لمستويات الاعتقاد لدى أبناء الجماعة الإسلامية، الذين حملوا أسماء وعناوين مختلفة فيما بعد: الإصلاح والتجديد والتوحيد والإصلاح وصولا إلى هذه الأداة الوظيفية التي اسمها العدالة والتنمية.
ما معنى أن تكون مرجعيتك من عند الله؟ وما معنى أن تكون مرجعية حزب سياسي هي المرجعية الإسلامية التي هي من عند الله؟ ما موقع البرنامج من القداسة؟ وأي هامش هنا للخطأ والصواب؟ وهل المرجعية الإسلامية تستلهم قداستها من خلالها تبنيها للمقدس كأساس؟
المرجعية الإسلامية هي تفاعل العقل البشري مع الوحي في لحظة معينة. من أين يستمد العقل البشري معصوميته؟
المشكل أن العثماني هو يتحدث في مجال السياسة، وهو الذي رفض معصومية النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تدبير الإمامة. لقد تبنى الرواية الساذجة حول تبئير النخل. محاولة يائسة لإظهار النبي كأنه لا يعرف ما يعرف أبسط الناس، وهي محاولة للنيل من نبوته بعد الانتقاص من كمالاته إذ لا يعقل أن يكون النبي بمستوى من لا يدري شيئا في أمور بسيطة. إذا كان العثماني ينفي عصمة النبي في تدبير الإمامة فكيف يسبغها على حزب سياسي يتبارى في مجال يكثر فيه الخطأ؟
العقل البشري معرض للخطأ مع حسن النية وقصد الصواب. فكيف ممن جرب الناس فيهم سوء الطوية ومكر السياسة؟
بين المقدس والمدنس مسافة شاسعة لن تطويها مزاعم تبني المرجعية الإسلامية.
من كلمة سعد الدين العثماني، الأمين العام للعدالة والتنمية يوم السبت التاسع من فبراير 2019 أمام اللجنة المركزية لشبيبة حزبه.