اقتطعت المفاوضات حول تشكيل الحكومة من بنكيران خمسة وزارات، اعتبرها البعض سيادية واعتبرها آخرون غير حزبية متوافق عليها، ويتعلق الأمر بالأمانة العامة للحكومة والوزارة المنتدبة في الدفاع والفلاحة والأوقاف والشؤون الإسلامية والوزارة المنتدبة في الداخلية، وتجدر الإشارة إلى أن وزارات السيادة تسمية غير موفقة لأن الوزارات كلها سيادية وتعمل في إطار الدستور.خمس وزارات ألهبت الألسنة وفتحت الأفواه وتكلم عنها الكثيرون لكن بمبرر واحد هو أن الحكومة سياسية ولا مجال فيها لوزراء غير متحزبين، وهذا تهتك في التفكير وفي قراءة الدستور وتأويله، إذ لا مانع دستوري من ذلك حيث ينص الفصل السابع والأربعون من الدستور على أن " الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها"، ولا وجود لا في الدستور ولا في غيره من القوانين ما يحتم أن يكون الوزير متحزبا، فالمهم أن يكون من اقتراح رئيس الحكومة وهو ما تم فعلا ولا يمكن أن ينفي بنكيران ذلك.لكن هناك نقط أخرى تبرر وجود وزراء غير حزبيين اليوم وغدا وقد يكونون بشكل أقل بعد أن تكون الأحزاب قد انخرطت في ممارسة الشأن العام وكونت رجال دولة، أول تلك الأسباب أنه لا يمكن إفراغ الحكومة من وزراء عبارة عن أطر ورجالات دولة لفائدة وزراء أغلبهم قدم من العمل السياسي وأغلبهم تفرغ من مسؤولياته الإدارية لفائدة العمل البرلماني أو الجماعي، فوجود وزراء غير متحزبين هو لأجل التجربة الوزارية ولأجل الاستمرار وضمان سير المؤسسات.فجل الوزراء في حكومة بنكيران هم وافدون على مؤسسات الدولة وبالتالي هم في حاجة إلى الوقت للتدرب على التسيير والتدبير وفي حاجة إلى استخلاص الدروس من الممارسة العملية.ثاني تلك الأسباب أن هناك وزارات لا يمكن تسليمها كليا أو جزئيا للأحزاب السياسية، مثلما هو شأن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، التي تدير الشأن الديني وهو موضوع شديد الحساسية خصوصا وأن الحزب الأول يدعي أنه حزب سياسي ذو مرجعية إسلامية في محاولة لإخفاء انتمائه للإسلام السياسي، وبالتالي يفرض المنطق والواقع عدم تسليم هذه الوزارة لأي حزب من الأحزاب، وفي حال وقوعها سيكون هناك مشكل شعبي لأن التدين يهم العامة ولا يهم الخاصة من أبناء الإسلام السياسي.وثالث تلك الأسباب هناك أوراشا مفتوحة ينبغي مواصلتها ولا يمكن أن تتوقف نتيجة لميولات هذا الحزب أو ذاك.ورابعها تفرضها ضمانات الاستقرار والاستمرار حتى لا تتأثر مؤسسات الدولة بالتقلبات الحزبية وهذا تقليد جاري به العمل في كل بلاد الدنيا، وللمتهتكين فكريا نسرد نموذج الملكية البرلمانية في بريطانيا التي تعين فيها الملكة السكرتير العام لمجلس الوزراء واللورد رئيس الخزينة واللورد شيخ التشريعات والقوانين وهو منصب فوق وزارة العدل.