الاكيد أن حامي الدين سيواجه الحقيقة وحده، دون سند من قيادات مصباحية هرولت في الجلسة الاولى كما فعل كبيرهم الذي علمهم الهرولة بنكيران.
ثاني جلسات محاكمة عبد العالي حامي الدين، التي تنعقد الثلاثاء، عرفت متغيرات ومستجدات كبيرة، اهمها غياب الاخ الأكبر عبد الإله بنكيران، وأغلب الظن أن خرج كثيرا خلال الفترة الماضية وعليه أن يبقى في الداخل قليلا. إضافة إلى غيابات بالجملة في صفوف قيادات حزب العدالة و التنمية، فضلوا الرجوع إلى الخلف وحماية جباههم من شمس الحقيقة الحارقة.
قبعة "لن نسلمكم اخانا"، مزقتها رياح التجادبات و التطاحنات الداخلية، والتصريحات المضادة و النيران الصديقة التي اطلقها بعضهم على بعض، ولا يحتاجون إلى فضيحة سياسية اخرى مثل خرق القانون و محاولة التأثير عليه ليزيدوا الطين بلة تحت أقدامهم الغارقة.
الجلسة الثانية لمحاكمة حامي الدين المتابع بتهمة المساعدة على القتل العمد، في حق الطالب اليساري بنعيسى أيت الجيد، جلسة حقيقية بمعنى الكلمة، لأن محاولة التأثير والإنزال الكثيف التي قادتها قيادات البيجيدي خلال الجلسة الاولى، ابانت عن فشلها في حماية، شخص وضعته قوانين البلاد في قفص الإتهام، والقانون وحده كفيل ببراءته أو إدانته، ونحن على رأي القانون و الشرع، وليس على رأي الراغبين في بناء محاكمهم الخاصة.
اظن الجلسة الأولى كان خلالها حامي الدين يتأمل حجم المساندة، نسي الماضي وما إقترفت يداه، نسي كل شيء في جوقة "العرس النضالي" الذي أقامه إخوانه له.
لكن اليوم اكيد جدا أنه هواء فاس البارد انعش ذاكرته، وجرده من هالة يريد أن يحيط بها نفسه، خاصة انه أصبح دكتورا، وعلى الكل أن يبجل تلك الشهادة التي نالها لأنه لم يحاكم مند مدة.
قلنا أن ذاكرته اليوم ستنتعش، وسيرى حجم الخراب الذي خلفه وهو يتأمل عائلة القتيل أيت الجيد، مطالبة بحق إبنها الذي مات دون أن يكمل حلمه وينال الدكتوراه بدوره. تلك الذاكرة التي ستعود إلى "الطروطوار" الذي إنهال على رأس بنعيسى وأنهى حياته في لحظة واحدة. الذاكرة ستتذكر الجامعة والحماس والإيمان الأعمى والإنقياد الجارف وراء الحقد و الضغينة على كل من اختلف معه في الرأي.
صحيح اليوم غير أمس، نضجت أشياء كثيرة من ضمنها حامي الدين، فقد أخد منه الزمن مثقال عقل وزاده الكثير من العبر، لكن من بين ما نضج انين أيت الجيد وصوت والدته وهي تبكيه عندما وصلها خبر مقتله، نضجت الأفكار والحياة ونضجت لحظة أخد الحق لمن مات وترك خلفه قانونا يقتص له..
عبد العزيز المنيعي