لحسن بوشمامة
عادت الجهات الفرنسية المعلومة التي اعتادت الإساءة للمغرب ولمؤسساته الوطنية، لتنفث سمومها وحقدها الدفين من جديد على صفحات بعض وسائل الإعلام الفرنسي المكتوب والإلكتروني وحتى المرئي منه، بتزوير الحقائق والمعطيات في تحامل مكشوف أفقدها المصداقية بكيلها بالمكيالين، وعرى عن افتراءاتها ومزاعمها التي تبين في كل مرة أن توظيفها يخدم أجندات مشبوهة، تروم التشويش على العلاقات المغربية الفرنسية المتميزة، والمبنية على الاحترام المتبادل والتعاون المثمر في ما يخدم مصالح البلدين.
هذه المرة لم تجد تلك الجهات ما تكتبه عن المغرب الذي أجج تطوره السريع ومساره الديموقراطي التنموي نيران الحسد في صدورها، فاختارت أن تنبش في ما اعتبرته “مأساة” عائلات المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة، ساعية في ذلك إلى ترويج مزاعم كاذبة حول كون هؤلاء المعتقلين هم معتقلون سياسيون، والحقيقة أن اعتقالهم كان بسبب الأفعال الإجرامية المنسوبة إليهم, والتي بث فيها القضاء المغربي بكل شفافية، وفي إطار جلسات المحاكمة التي توفرت فيها كل ضمانات المحاكمة العادلة.
والغريب أن التحامل المعلوم يزداد منسوبه في الفترات التي تسبق استعدادات المغاربة للإحتفال بأعيادهم الوطنية، وبحكم أن الشعب المغربي يستعد هذه السنة لتخليد الذكرى الـ 20 لتربع الملك محمد السادس على العرش، فقد أصيبت تلك الجهات بـ”السعار” وجندت صحفيي قنوات وجرائد ورقية وإلكترونية فرنسية من أجل إعداد “روبورتاجات” وتحقيقات صحفية في ما أسمته بـ”زوايا الظل” في المغرب.
ولكي لا تظل تلك الجهات الفرنسية قابعة في الظل، فقد كشف “برلمان.كوم” في مقالات سابقة أن أجهزة المخابرات الفرنسية هي من تقف وراءها، وتدفعها دفعا إلى حبك المناورات والدسائس التي تستهدف المملكة المغربية في سمعتها واستقرارها. وأكثر من ذلك فهناك أطراف داخل تلك الأجهزة لا تكتفي بتحريك كراكيزها الفرنسية لهذه الأهداف الخسيسة فحسب، بل تترصد كل مغربي عبّر عن رد فعلٍ تجاه أزمات شخصية، لتستقطبه من أجل توظيفه في عمليات استخباراتية مشبوهة، كما كان الشأن مع بعض الفنانين والصحفيين ومن ضمنهم محمد الراضي الليلي.
وها هو مصطفى أديب الضابط السابق في صفوف الجيش وبعد أن ابتلي بعقوق الوطن، يصرح بعظمة لسانه في تدوينة “فيسبوكية” أنه عمل مخبرا وعميلا لفائدة أجهزة المخابرات الفرنسية، والتي غالبا ما تم توظيفه من طرفها في التآمر على بلده.
فهل أعمى الحسد المخابرات الفرنسية الخائفة على سمعة أجهزتها بعد أن فشلت غير ما مرة في تجنيب الفرنسيين ويلات العمليات الإرهابية، واضطرت لطلب دعم نظيرتها المغربية للاستفادة من خبراتها واحترافيتها في هذا المجال؟ أم غاضها أنسنة المملكة المغربية لأجهزتها الأمنية التي أعطت درسا للعالم في تدخلاتها الأمنية السلمية عقب أحداث الحسيمة وجرادة، وقبلها مسيرات حركة 20 فبراير، حيث لم تتورط في التنكيل بالمتظاهرين كما فعلت الأجهزة الفرنسية بالمحتجين في إطار تظاهرات حركة أصحاب “السترات الصفر”. أم أن الأمر أبعد من ذلك ويرتبط بإملاءات لوبيات فرنسية هالها تحويل المملكة لاستراتيجيته الاقتصادية نحو إفريقيا في إطار شراكات تندرج في التعاون جنوب-جنوب؟.
هذه المؤامرات والدسائس لن تكون أقوى من سابقاتها التي تبددت بالحقائق والمعطيات الملموسة، كما تبدد أشعة الشمس كثافة ضباب الصباح، والأكيد أنها لن تصل إلى مستوى تسميم العلاقات المغربية الفرنسية، وستظل مجرد شطحات من جهات جربت اللعب بالنار مع المغرب وفشلت، غير أن غباءها سيجعلها تكرر محنة “سيزيف” وهي تحمل صخرة عداءها للمملكة إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.