المختار لغزيوي
بوتيف مدى الحياة !
ليست هناك دولة في العالم بأسره لم تنبهر بالإنجاز الجزائري الجديد: إنجاز ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من طرف جبهة التحرير الوطني مجددا لرئاسة الجزائر ولخوض الرئاسيات المقبلة !!
بعض الطرفاء تخيلوا بوتفليقة في "طرول" جميل سرى على الأنترنيت مؤخرا وهو مرشح ضمن المواهب التي تتقدم لبرنامج "إم بي سي" الشهير "آرابس غات طالنتس »، وعندما تسأل نجوى كرم بوتفليقة عن موهبته التي يريد أن ينافس بها يرد عليها "مانموتش".
آخرون ضمنهم التلفزيون الفرنسي وبالتحديد قناة TMCطالبوا الرئيس جاك شيراك والرئيس فاليري جيسكار ديستان أن يمدا يد العون للرئيس الشاب ماكرون الذي أنهكته أسابيع السترات الصفراء، وذلك بأن يتقدما في الرئاسيات المقبلة لحكم فرنسا مجددا، وأن يستفيدا من تجربة بوتفليقة في الموضوع، وأن يعتبرا أن الشباب في القلب، وأن السياسي مثل الفنان لا يعتزل أبدا بل يموت وهو يمارس موهبته على ركح المسرح أو على كرسي الحكم..
المشهد هناك في الجزائر لم يعد يتحمل جدية على الإطلاق، بل أصبح هزلا في هزل. والطريقة الوحيدة لتناوله هي الضحك بحزن لأجله ولأجل الشعب، لأن الكل يعرف أن الرئيس ليس مريضا فقط، بل هو عاجز عن ممارسة أبسط شؤون حياته بمفرده، وأن حياته في المدة الأخيرة مرتبطة فقط بالإبقاء عليه قادرا على تنفس اصطناعي مرعب، لكن على مايبدو هذا هو القرار النهائي هناك للحاكمين الفعليين في الجارة: ترك الرجل رهينة لديهم، والإبقاء على صورته تحكم باسمه ومن خلالها يفعلون مايريدون.
ما الذي يمكن أن نقوله أكثر من هذا؟
لا شيء فعلا، فلامبرر يعطينا حق التدخل في شؤون بلد أجنبي مع العلم أن الجزائر لم تكن ولن تكون أجنبية عنا، وشعبها لم يكن ولن يكون أبدا شعبا يشبه بقية الشعوب الأخرى بالنسبة للمغاربة.
هم نحن، ونحن هم، وإذ نتكلم فنحن نفعل ذلك من عمق إحساسنا بمرارة الأهل هناك وهم يرون هذا المصير المؤلم والمحزن مستمرا إلى حين…
فرج الله عن الشعب الجزائري وكفى، دونما إطالة في الكلام.
نحن والسعودية (2) !!
في حكاية المغرب والسعودية وماتعرفه العلاقات بين البلدين هاته الأيام من أحاديث صحفية عن "جفاء" مفترض بين المملكتين اخترنا لعدد الويكاند أن نعنون بعنوان يوضح حيرتنا نحن أيضا هو "المغرب/السعودية: ماذا يقع؟".
لم ننجر لمحاولات رمي المزيد من الزيت على النار، ولم نر أي فائدة في الانخراط وراء هاته الجوقة أو تلك في الترويج لحرب ديبلوماسية دخلها بلدنا دون أن نعرف عنها شيئا، وطبعا لم نبتهج كثيرا لابتهاج قناة "الجزيرة" لكل مايحدث ومسارعتها لإقامة حفل عزاء كبير شبعت فيه لطما وهي تكاد تقول لنا "أخيرا فطن المغاربة لطبيعة السعودية ياقوم".
كل هذا في الأعراف الديبلوماسية الحقيقية لا معنى له، و"التحفيل" الإعلامي الذي عشناه في الأيام الأخيرة عبر الأنترنيت بخصوص هذا الموضوع ومحاولات إذكاء هاته الفتنة هو تصرف صبياني أكثر منه شيئ آخر..
العلاقات بين الدول هي أمر معقد للغاية. لذلك خلق له مجال بأكمله يسمى الديبلوماسية، ولذلك يمارس هذا المجال أناس محترفون له مهمتهم الأولى والأخيرة في الحياة أن يتواصلوا فيما بينهم عبر القنوات الخاصة جدا التي يمتلكونها
المشكلة الحقيقية هي أن الرأي العام عندما لا يتوصل بالمعلومة الحقيقية، ويكتفي بقراءة مايتداوله أهل الأنترنيت فيما بينهم، وهذا الذي يتداوله أهل الأنترنيت فيه قرابة التسعة وتسعون في المائة من الخطأ والكذب والافتراء الممزوج بسوء النية، وفيه واحد في المائة يحتاج كثيرا من التمحيص والتدقيق (المشكلة) هي أن هذا الرأي العام يصبح مجندا في هذا التجاه أو ذاك دون التوفر حتى على هاته المعلومة الحقيقية اللعينة..
يكتفي بالتنبؤ والتنجيم، ويكتفي بمحاولة افتراض أن هذا الذي يقع، ويكتفي في مرحلة ثالثة بالتمني أن تذهب الأمور في هذا الاتجاه أو ذاك حسب تفضيله والميول.
لهذا بدا تدخل وزير الخارجية السبت وهو يؤكد أن أخبار سحب السفراء غير مضبوطة ولا أساس لها من الصحة، كما لو كان رد الفعل الأسلم منذ اندلاع هاته الأزمة في الصحف والمواقع..
يبقى فقط التذكير أن ماأقدمت عليه قناة "العربية" أمر غير مقبول إطلاقا، ولا معنى له، وهو يسيء للجميع ولا يسيء للوحدة الترابية للمغرب فقط.
ردود الأفعال الصادرة عن العقلاء تكون عاقلة ولايجب إطلاقا أن تدخل نفسها وشعوبها في متاهة المساس بما هو أقدس لدى شعوب أخرى: أي الأرض والعرض وماشابه هاته الأمور.
في انتظار ذلك، لازلنا ننتظر توضيحات أكثر لكي نعرف على أي بر سنرسو في ختام الختام...