تشكل عودة الجهاديين من سوريا والعراق وباقي بؤر التوتر مشكلا لكل دول العالم، وليس المغرب بمعزل هذه الآفة، إذ تمكن عدد من السلفيين الجهاديين المغاربة من الوصول إلى أغلب بؤر التوتر في العالم، واليوم مع نهاية تنظيم داعش بالعراق وقرب نهايته بسوريا، أصبحت عودة الإرهابيين تؤرق كافة الدول وخصوصا الأجهزة الأمنية المكلفة بمحاربة الإرهاب، في وقت تزداد نداءات بعض الجمعيات الحقوقية ومتعهدي الاحتجاجات من أجل إطلاق سراح الموجودين بالسجون والتعامل بإيجابية مع العائدين.
الأدهى والأمر أن تسمع من يطالب بتدخل الدولة من أجل استعادة الجهاديين العالقين في تركيا وسوريا، بل هناك من طالب بالتدخل لفائدة الإرهابيين، وكان سعد الدين العثماني، وزير الشؤون الخارجية الأسبق، أن تدخل لدى وزير الشؤون الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري لفائدة جهاديين مغاربة متهمين بتفجيرات خطيرة ومنها تفجير مراقد بسامراء، فتلقى الجواب الصفعة كون هؤلاء متهمين والآن هم محكومين والقضاء هو المخول النظر في أمرهم وليس وزارة الخارجية.
الإرهابيون ارتكبوا جرائم فوق أراضي دول أخرى وهي وحدها الكفيلة بمحاكمتهم وبالتالي لا ينبغي لأحد أن يطالب برفع الحرج عن هذه الدول، فهي المسؤولة عن التعامل معهم، وكيف نتدخل نحن في جرائم مرتكبة خارج الحدود، لكن لا ننسى أن القانون المعدل المتعلق بمكافحة الإرهاب يعاقب العائدين من بؤر التوتر كما يعاقب المشيدين بالجرائم الإرهابية حتى لو كانت خارج البلاد.
اليوم دول العالم تبحث لها عن مخرج من هذا المأزق. روسيا اختارت استعادة أطفال الجهاديات المسجونات لأن القانون العراقي يمنع السجينات من احتضان أطفالهن بعد سن الثالثة وتم تفاهم في الموضوع. فرنسا لديها مشكل في قضية الفرنسيين المجودين حاليا بسوريا والمعتقلين أيضا في العراق.
يدور نقاش قوي في هذا المجال. ارتفعت أصوات الفرنسيين بعدم استعادتهم وتركهم هناك يواجهون الموت أو السجن، لن عودتهم تشكل خطرا على الفرنسيين. والد أحد ضحايا الإرهابي محمد مراح، الذي قتل في مواجهة مع الشرطة، ناشد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في رسالة مفتوحة عبر الإعلام الفرنسي بمنع عودة الجهاديين من بؤر التوتر.
هذه الدول كانت تلوم المغرب لأنه سن قوانين صارمة لمحاربة الظاهرة الجهادية والإرهاب والتطرف، ومنذ 16 ماي 2003 والمغرب يتلقى التقريع، كما انبرت العديد من المنظمات الحقوقية لاتهام المغرب بانتهاك حقوق الإنسان من خلال سن هذه القوانين، عادت اليوم لتتبنى قوانين متشددة في هذا المضمار.
الجهاديون العائدون أكثر خطرا ممن تم استقطابهم هنا، لأنهم تدربوا على السلاح في عين المكان، واكتسبوا خبرات خطيرة في القتال، بل منهم من تدرب على صناعة السلاح أيضا وخصوصا تركيب المتفجرات والقذائف، ولهذا لا مجال لمناقشة موضوع هؤلاء، فمن يوجد هناك ينبغي أن يترك لمصيره إما يقتل في مواجهات مع أمن وجيش تلك الدول أو يعتقل ويحاكم هناك وإذا عاد يحاكم هنا.