اختارت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية التضامن مع عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق ورئيس الحكومة المعزول، فيما أسمته الحملة التي يتعرض لها، بينما واقع الحال يقول إن بنكيران هو من يشن حملة ضد أشخاص ومؤسسات وجهات، في محاولة يائسة للعودة إلى الحياة السياسية بعد أن دفنه إخوته، الذين رفضوا الولاية الثالثة، وهذا الاختيار ليس بريئا لأنه كان عليها إما أن تسكت أو تأمره بالسكوت خدمة لمصالح الحزب أولا، ناهيك عن كونه تحمل مسؤولية رئاسة الحكومة لمدة خمس سنوات.
فلماذا تخصصت الأمانة العامة للحزب الإسلامي في التضامن، فمرة مع بنكيران ومرة مع حامي الدين ومرة مع ماء العينين ومرة مع "مجاهدي الفيسبوك"، مع العلم أن قضية بنكيران تتعلق بمجموعة من الصحف والمواقع الرقمية تنتقد تدبيره للشأن العام كما تنتقد حصوله على تقاعد سمين بعد أن خرب صناديق التقاعد، ورفع من حجم الاقتطاعات وخفض حجم المعاش.
الأمانة العامة تعرف أن قضية حامي الدين هي قضية قضاء مستقل، وهو الآن متابع بموجب اتهام موجه إليه من قبل قاضي التحقيق يتعلق بالمشاركة في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وإذا كان لديه ما يقوله فليدلي به أمام المحكمة وليس أمام الإعلام، والحزب باعتباره يترأس الحكومة كان عليه أن يدافع عن استقلال القضاء لا اتهامه بالانحياز وفق ما قال مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، وقضية ماء العينين، ليست قضية حريات شخصية لا يؤمن بها الحزب أصلا، ولكن قضية تناقضات، والرميد نفسه قال لها إن الناخبين صوتوا عليها لأنها محجبة.
هل يدافع بنكيران عن نفسه أم يلعب أدوارا خبيثة؟ نعتقد أن عبد الإله بنكيران يقوم بدور مهم في نشر الديماغوجية، حيث تحولنا من السؤال الكبير إلى السؤال الصغير. انتقلنا من سؤال محاسبته على خمس سنوات من تدبير الشأن العام إلى سؤال صغير حول معاشه الاستثنائي. الحديث اليوم عن مبلغ هذا التقاعد، وهل هو تسعة أم سبعة ملايين سنتيم وهل تقدم هو بطلب التقاعد أم لا، ونسينا الحديث عن فرض أخبث "إصلاح لأنظمة التقاعد" كله على حساب الموظف البسيط المغلوب على أمره.
بنكيران حاول التنصل من كل مسؤولية عن التقاعد الاستثنائي، وألصق ذلك بجلالة الملك، مع العلم أن قائد البلاد استجاب فقط لمطلب رفعه بنكيران، الذي أكثر من الشكاوى والتشكي حتى ظن الجميع أنه معدم، لكن بنكيران أراد أن يتنصل من المسؤولية حيث اتهم من انتقده بأنه عليه أن يحترم فقط صاحب القرار، أي جلالة الملك، لكن أول من أساء للمؤسسات هو رئيس الحكومة المعزول لقلة أدبه والذي كان يحكي كل ما دار في المجالس دون أمانة على الحديث. فإذا كان هذا هو بنكيران فلماذا تمنح الأمانة العامة لنفسها الحق في الدفاع عن رجل ظلم المؤسسات والناخبين والموظفين؟