عاد [بنكيران] إلى أكاذيبه، وإلى كافة [les harangues] التي عُرِف بها، وقد بدا في أعين المواطنين أبرز ، والكذب في الإسلام الحقيقي هو أفظَع من الزّنا، ومن الخمر، ومن الميْسر، وقسْ على ذلك؛ وآخر كذْبة فضحها الله عزّ وجلّ هي تقاعُدُ [بنكيران]، مصحوب بسيارة فاخرة، ونحن نسأل: هل يجوز في الإسلام الحقيقي، أن ينعم بتقاعد مريح، يناهز (09) ملايين شهريًا، مصحوب بـ(خنزيرة) سوداء فاخرة، تشتغل ببنزين الدولة؛ هذا البنزين الذي ألهب أيدي، وجيوب المواطنين بالزيادات، فيما المحروقات رخيصة في [إسبانيا]، وهي ليست بلدًا بتروليًا، ممّا يجعل المغاربةَ يدخلون إلى [سبتة] المحتلة لملْء خزّانات سيّاراتهم ببنزين رخيص، بدل أغلى بنزين في العالم على الإطلاق وهو البنزين الذي يباع في المغرب، ويتحكّم فيه جشعُ التجار في أمّة صار فيها الشعبُ (تلّيسًا أعطى ظهْره للتّغراز)، وأوّل من مارس (التّغراز) هو [بنكيران] الذي ضرب أقواتَ المواطنين، وتقاعُدَ المتقاعدين العجزة، وخصم الثلثَ من تعويضاتهم، وها هو اليوم، ينعم بتقاعد وبـِ(بَغْلَةٍ) فاخرة يرْكبها، وتقتاتُ من (شعير وكَلَإ) الدولة بالمجّان، ونحن نسأل: [مقابل ماذا نال (بنكيران) كلَّ هذه الامتيازات، والشاعر يقول: ولا تطلبِ الجزاءَ إلاّ بقدر ما صنعْت؟ فماذا صنع للأمّة هذا (البنكيران) الذي ابتُليَتْ به الأمّة، فملأها حَزَنًا، وضَنكًا، وشقاءً؟].. وهكذا، فالأول نال تقاعدًا وسيّارةً، والثاني اشترى (ڤيلاّ) في أمة المغاربة الأبرار..
ويتحدث عن الإسلام، والإسلام يَعتبر تقاعدَ (بنكيران) سرقةً، وقد جاء ذلك على لسان مَن وصفه رسول الله بصدق اللهجة، وهو (أبو ذرّ الغفاري) الذي قال: (ما زاد عن الحاجة، فهو سرقة)؛ فوافقه الرّأيَ (الـمُهاتْما غانْدي) الزعيم الهندي الشهير.. وبما أنهم يتحدّثون نفاقًا بالإسلام الزائف الذي ابتدعوه، وبه أباحوا الكذبَ، والفسقَ، والعُرْيَ، والسرقات الـمُضْمَرة، فنحن سنتحدّث بالإسلام البسيط والواضح، والذي لا لُبْسَ فيه، دَعْني من الصّلوات الخمس التي يتبجّحون بها لإخفاء سوْءاتهم؛ فالصلاة تدْخل في إطار الإسلام (العَمودي)، ولكنْ أين هو الإسلام (الأفُقي)، وهو (95) بندًا، وأستاذُ الفيزياء يعرف أن (95) أكبر من 05)، وهي الأهمّ من الصلاة وبقية الشعائر الفردية الخالصة.. ففي (95) هناك عدلٌ، وحقوق، ورفْعٌ لمظالم، وهي كلّها تهدف لإسعاد المسلم، وفرحِه بإسلامه العادل؛ هذه أمورٌ لا يقْربونها أبدًا، لأنها تسفّههم، وتدينُهم، وتفضحهم؛ فالإسلام جاء بالعدل، والقُوت، والحاجات الوقتية، وكانت الصلاة من أواخر ما أتى به الإسلامُ، بعْد كرامة العيش، وطُمَأْنينة النفس.. فالذين كانوا يصلّون مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، كان من بينهم أهلُ النار من كذّابين، ومنافقين، وقسْ على ذلك..
هنا يحْضُرني اسمُ صحابي عظيم، كان يسرّ إليه رسولُ الله عليه الصلاة والسلام أسرارًا خفيةً لأنه كان يحرص عليها وكان مقرّبًا من النبي الكريم، وهو [حُدَيْفة بنُ اليمان] رضي الله عنه، والذي لُقِّبَ بـ: [عدوّ النفاق؛ صديق الوضوح].. كان لا يصلّي صلاةَ الجنازة على المنافقين، وكان يعْرفهم، لأنّ النبيَ الكريم أخبره بهم؛ وذات يوم، سأله أحدُهم قائلاً: [بالله عليكَ يا حُدَيفة، أأنا منهم؟]، فنظر في عينه (حديْفة) وانصرف دون أن يجيبَه.. رأى رسولُ الله صلّى الله عليه وسلم (مروانَ) وأباه (الحكم) يمرّان أمامَه، فقال عليه الصلاةُ والسلام: [الوزَغُ بنُ الوزَغ]، وصدق النبيُ الكريم.. هذا (الوزغُ وأبوه الوزغ) ترأّسا حكومةَ سيّدنا [عثمان] رضي الله عنه، فعاثَا في الأمّة فسادًا، حيث وزّعا بيْن أزلامِهم، وأتباعهم أرضَ (فدَك) التي تركها النبيُ الكريم صدقةً للفقراء، يَعْتاشون منها، وكانت مساحتها تفوق مساحة إقليم (شفشاون) في بلادنا.. ثم منَحا واليَ (مصر) وهو منهم، خُمُسَ أرض شمال إفريقيا، وهو ما أثار غضب المصريين، وطالبوا الخليفةَ بعزْل الوالي، وهو ما تطوّر إلى فتنة انتهتْ بقتل [عثمان] رضي الله عنه، وهي قصّةٌ سبَقَ وأن قصصْناها في هذه الصفحة على قرّائنا الأفاضل إنْ كانوا ما زالوا يذْكرون.. ثم خَصَما من تعويضات زوجات النبي الكريم، ومنعوا كتّابَ الوحي مِن تقاعُدِهم.
كان النبي الكريم يُمازِح [عبد الله بنَ مسعود] رضي الله عنه، ويناديه [ابنُ أمّ عَبْدُه]، قائلاً [ما أتاكم به (ابنُ أمّ عبْده) فخذوه، فهو صادِق].. [ابن أمّ عبده] هذا، رفعه على كتفه [مروان بنُ الحكم] في المسجد، وضرب به الأرضَ، فدُقّتْ ضلوعُه، وظل يشتكي من الآلام حتى مات بسببها؛ وتعويضاتُ تقاعُدِه حُرِم منها، هو وكاتبُ الوحي الآخر [أُبَي بنُ كَعْب]، وهو ما فعله [بنكيرانُ] بتعويضات المتقاعدين العجزة، ومسَّ خلفُه أقوات المواطنين بإصلاحاتِه، ورُفِعتْ دعوى قضائية ضدّ المعطّلين ليتنازلوا عن حقوقهم.. في كتابه [مجْمع الزّوائد] للهيثمي؛ رقم الحديث (10904)؛ قال (عبد الله بن مسعود): [ما كنتُ أرى أنّ أحدًا من أصحاب رسول الله يريد الدّنيا، حتى نزلتْ فينا يوم (أُحُد) "منكم من يريد الدّنيا، ومنكم مَن يريد الآخرةَ"].. إذن [بنكيران] هو دُنْيويٌ رخيصٌ، فاحذروه، وانفضُّوا من حولِه؛ فالمؤمن لا يُلْدَغ من جُحْرٍ مرّتيْن، وصدق النبيُّ الكريم.