|
|
|
|
|
أضيف في 06 فبراير 2019 الساعة 24 : 12
يحتل الحق في المشاركة السياسية للمرأة موقعا محوريا ضمن حقوق الإنسان الأساسية، فلقد أكدت عليه كل المواثيق الدولية والإعلانات والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، كما كرسته الدساتير الوطنية على نطاق واسع، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية.
وإن مشاركة المرأة في الحياة السياسية ضرورة ملحة يفرضها واقع التطور، وتحتمها الحاجة إلى الدعم والحفاظ على مصداقية النهج الديمقراطي الذي تسعى الدول إلى تحقيقه خاصة وان هذا التوجه أصبح حقيقة، وفي الوقت نفسه انشغالا عالميا يتصدر رزنامة نشاطات المجتمع الدولي خلال العشريتين الأخيرتين، كما غدا من غير الممكن تعزيز دولة القانون أو تحقيق أي تطور على صعيد إرساء قواعد الممارسة الديمقراطية في مجتمعاتنا بعيدا عن مشاركة نصف المجتمع، الذي تمثله المرأة من خلال مشاركتها في التنمية وكذا في مراكز اتخاذ القرار. خاصة أن كل الجهود التي بذلت للدفاع عن حقوق المرأة قد تكرست ضمن المواثيق الدولية والإقليمية وفي الدساتير والقوانين الوطنية في عدد من الدول و كان المغرب من بينها.
تعتبر المرأة في المغرب شريكا أساسيا في تحقيق أهداف التنمية ومساهما فاعلا في تطوير المجتمع، حيث تشكل النساء 52في المائة من ساكنة المغرب و76 في المائة منهن لا تتجاوز 44 سنة مما ينم عن توفر بنية شابة للنساء في المغرب. وللحفاظ على هذه الثروة البشرية وتنمية قدرات المرأة المغربية، وضع المغرب استراتيجيات وخططا لدعم النساء وتأهيلهن للقيام بأدوارهن كاملة في النسيج المجتمعي. ويحاول مواكبة كل الخطوات التي قام بها المجتمع الدولي للنهوض بأوضاع النساء. والتي توجت بانخراطه في أهداف الألفية الثالثة من أجل التنمية. وقد سجلت السنوات الأخيرة حضورا قويا للنساء كما ونوعا في كل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية وفي المؤسسات التشريعية، وكذلك على مستوى هيئات المجتمع المدني. كما عمل المغرب على ملائمة الترسانة القانونية ( دستور 2011، مدونة الأسرة، مدونة الشغل، قانون الحالة المدنية،… )، لصالح إرساء مبدأ المساواة وتماشيا مع مختلف المواثيق الدولية الصادرة في الموضوع.
إن إدماج المرأة في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة لا ترتبط فقط بفتح باب مشاركتها وولوجها إلى مؤسسات الدولة بقدر ما يرتبط بتمكينها الفعلي في اتخاذ القرارات ، وهو ما يصطدم بعدد من الاكراهات التي تعوق هذه المشاركة، فهي مرتبطة من جهة بالمجتمع ومن جهة أخرى بالهيئات السياسية داخل الدولة كالحكومة والبرلمان والأحزاب. نظرا أن المشاركة السياسية للمرأة تعد إحدى الثلاث نواحي الأساسية في مفهوم التمكين. فالتمكين السياسي للمرأة هو جعلها ممتلكة للقوة والإمكانيات والقدرة لتكون عنصرا فاعلا في التغيير. أي أن مفهوم التمكين السياسي يرتبط ارتباطا وثيقا بتحقيق ذات المرأة وحضورها على الأرض الواقع. بتعزيز قدراتها في المشاركة السياسية بصورة فعالة جدية وفعالة في كافات نشاطات المنظمات السياسية والمدنية كالنقابات والأحزاب والمجتمع المدني.أي إيصال المرأة إلى مواقع اتخاذ القرار في المجتمع والمؤسسات (الحكومة البرلمان ). إن موضوع التمثيل السياسي للمرأة بالمغرب، أهمية قصوى، تتجلى على مستويين، أهمية نظرية وأهمية واقعية. فيما يخص الأولى، نلاحظ أن مثل هذه المواضيع طرحت على بساط النقاش بين الباحثين و السياسيين، المهتمين بموضوع المرأة للوصول أساسا إلى إصلاح النظم والتشريعات الانتخابية، وبما يساهم في تطوير الديمقراطية، وبحق المرأة في ترشيحها وتمثيلها النيابي. أما الأهمية الواقعية فتتجلى في العمل على فك التناقض وازدواجية النظرة لادوار المرأة المغربية، خصوصا بعدما فرضت هذه الأخيرة تواجدها على مستوى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وإنتاجها العلمي، في حين بقي قاصرا في المجال السياسي وتدبير الشأن العام هذا من جهة، ومن جهة أخرى البحث عن حلول إستراتيجية وتدابير تفرض نفسها على المشرع، المجتمع المدني، الأحزاب السياسية.
ما هو موقع المرأة في الحياة السياسية اليوم؟ وهل من أفق لتغيير هذا الموقع؟ ما هي الأسس التشريعية التي عملت على تمكين المرأة سياسيا بالمغرب؟ وما هو واقع التمثيلية السياسية للنساء؟
وسنحاول من خلال هذه الورقة الإجابة عن هذه التساؤلات من خلال المحورين التاليين:
أولا: مسار المشاركة السياسية للمرأة
1 واقع مشاركة المرأة في الحياة السياسية
2 معوقات المشاركة السياسية للمرأة
ثانيا: التمثيلية السياسية النسائية بالمغرب
1 التمثيلية النسائية بمجلس النواب
2 اقتراع 7 أكتوبر خطوة نوعية نحو تعزيز التمثيلية النسائية
أولا: مسار المشاركة السياسية للمرأة
يرتبط الاهتمام بقضية مشاركة المرأة في الحياة السياسية بالجهود التي أخذت تبذلها الشعوب من أجل التغيير والتقدم الاجتماعي، وبسبب إدراك الارتباط الوثيق بين قضية تحرر المرأة وبين قضية تحرر المجتمع، حيث عرف البناء الاجتماعي والثقافي للعلاقات بين الجنسين في الدول المغاربية ، تحولات هامة سواء كان ذلك في الفضاء العام أو الفضاء الخاص، ويمكن تفسير هذه التحولات بتضافر عدة عوامل مثل إصدار النصوص القانونية المؤكدة على المساواة بين المرأة والرجل وإقرار التعليم المجاني والإجباري للجنسين وخروج المرأة للعمل… ولقد شهدت السنوات الأخيرة خاصة في فترة ما قبل الحراك العربي اهتماما متزايدا بالدور الذي تضطلع به المرأة داخل المجتمعات العربية. ومن جهتها فقد انتبهت الدول المغاربية لأهمية إشراك المرأة في عملية التغيير والتنمية وبناء مجتمع ديمقراطي.
وعلى غرار باقي الدول، فإن قضية المرأة و مشاركتها في جميع مناحي الحياة، داخل المجتمع احتلت حيزا مهما من النقاش والجدل داخل المغرب. استطاعت من خلاله المرأة تحقيق قفزة نوعية على جميع المستويات، ومكاسب مهمة في مجالات سياسية واقتصادية وقانونية، وهو ما جعل البعض يطلق عليها اسم الثورة البيضاء، حيث لم يكن من الممكن عزل هذه القضية عن مسلسل الانتقال الديمقراطي الذي انخرط فيه المغرب منذ القرن الماضي. و لأن تقدم المرأة هو أحد مرتكزات تعزيز هذا الانتقال وبناء الدولة الحديثة.[1]
وقد سجلت العشرية الأخيرة، تقدما ملحوظا لدور المرأة، والذي جاء نتيجة لتضافر العديد من العوامل من أهمها تنامي حركات ديمقراطية وحقوقية تجسدت في نضالات الحركات النسائية، وحضورها بشكل مكثف في مختلف هيئات المجتمع المدني.
وسنحاول من خلال هذا المحور استعراض واقع مشاركة المرأة في الحياة السياسية ( 1 )، بالإضافة لمناقشة أهم معوقات المشاركة السياسة للمرأة.
1– واقع مشاركة المرأة في الحياة السياسية
وبالعودة إلى الدستور المغربي لسنة 2011، نجده ينص في تصديره على أن المغرب ” يرتكز على مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية.” كما ينص في فصله السادس على أنه “تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرة المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم ومن مشاركتهم في الحياة السياسية.”أما الفصل التاسع عشر فقد أكد على انه” يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور وفي المقتضيات الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت الملكة.[
وبما أن المغرب كان ولازال يقول بتبنيه للنظام الديمقراطي، فقد كان لا مناص من أن يتبنى مقاربة إشراك المرأة في كل مناحي الحياة. وعلى هذا الأساس، أكدت حكومة التناوب (19982002 ) و العاهل المغربي منذ تولي العرش سنة 1999 بالتزامه بالنهوض بمكانة النساء وتحسين أوضاعهن.
ومن هذا المنطلق، انخرط المغرب في عدد من الاتفاقيات الدولية، من أبرزها اتفاقية مؤتمر بكين، والاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو ) والتي تنص على” أن التنمية التامة والكاملة لبلد ما ورفاهية العامل، وقضية السلم، تتطلب جميعا أقصى مشاركة ممكنة من جانب المرأة على قدم المساواة مع الرجل في جميع الميادين.
أخذت قضية المشاركة السياسية للمرأة المغربية تطرح نفسها بإلحاح شديد من خلال المرحلة الإنمائية التي يشهدها المغرب في ظل العهد الجديد وفي ظل المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. إن مشاركة المرأة في الحياة السياسية تطرح اليوم في كل المجتمعات الإنسانية، حيث تختلط فيها الرؤية بين التقاليد والقيم المجتمعية مما ينتج عن هذا خلق حواجز متعددة تحول دون قيام المرأة بدور فعال في التنمية المستدامة.[4] لقد شقت المرأة المغربية مسارا تصاعديا في المشاركة السياسية بدأ بنائبتين برلمانيتين بمجلس النواب في ولايتي 1993 و1998، لينتقل عدد النائبات إلى 35 في انتخابات 2002 ، حيث خصصت لها القوانين الانتخابية 30 مقعدا ضمن اللائحة الوطنية، ونجحت 5 نائبات في الفوز في اللوائح المحلية، وبذلك شكلت 11 في المائة من مجموع أعضاء مجلس النواب.[5] مما جعل المرأة المغربية في طليعة النساء العربيات اللواتي اندمجن في الحياة السياسية لبلدانهن. وعلى صعيد تدبير الشأن المحلي، سجلت الانتخابات الجماعية لسنة 2009 تغيرا نوعيا على مستوى النتائج المحصل عليها حيث تمكنت النساء من الفوز ب 3406 مقعدا على الصعيد الوطني، أي بنسبة 12,3 في المائة نتيجة وجود لوائح إضافية مخصصة للنساء، في الوقت الذي لم تعرف فيه استحقاقات 2003 صعود سوى 127 امرأة من بينهن امرأتان تقلدتا مسؤولية رئاسة جماعة.
ومع أن المغرب، كان جريئا في مصادقته على العديد من التوصيات و الاتفاقيات العالمية، إلا انه لم يتم تفعيل كل البنود على ارض الواقع، لكن مسلسل الإصلاحات استمر بشكل تصاعدي، وأصبح النهوض بالمرأة انشغلا حكوميا.[7] حيث ظل حضور المرأة في مراكز القرار محدودا ولم يفض تطور وضعيتها السياسية والاقتصادية إلى تحسين تمثيلها السياسي، بسبب اكراهات الحقل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، واسمرار النظر إلى المرأة على أنها كائن غير سياسي. ومن هذا المنظور، يكتسب مفهوم المشاركة أهمية قصوى في بناء المجتمعات وإكسابها القدرة على التطور، وذلك باعتباره محركا أساسيا لتقدم المجتمع وقوة دفع تتيح له النهوض بواقعه والارتقاء به نحو الأفضل، ويصبح التشريع ذا أهمية تذكر عندما يتعلق الأمر بالمرأة ومكانها داخل الأسرة والمجتمع. وذلك لوجود رابط عضوي بين كيانها وهذين الفضاء ين وبين التطور الحاصل في المجتمع على المستوى الاجتماعي،الثقافي و السياسي بشكل عام ومدى مشاركتها وحضورها.[8] وانطلاقا من ذلك، أصبح مفهوم حق المرأة في المشاركة من تواثب الإعلانات والاتفاقيات العالمية والوطنية، باعتباره خيارا استراتيجيا ذو أبعاد وحمولات بناءة وهادفة.[9] إلا أنه من الناحية العملية، فلم يحصل تراجع عن المكتسبات التي تحققت لقد بادرت الحكومة إلى تبني خطة للمساواة في أفق المناصفة ( إكرام 20122016 )، والتي ارتكزت على ثمان محاور من بينها تحسين التمثيلية النسائية في مراكز القرار، لكن آثارها لم تظهر رغم مرور 4 سنوات من اعتمادها. ويبقى ولوج النساء إلى المناصب الحكومية والإدارية العليا متواضعا رغم الصلاحيات الجديدة لرئيس الحكومة التي يقرها الدستور. وأفادت وزيرة المرأة والتضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية بتاريخ 5 يوليوز 2013 أن نسبة النساء المعينات في هذه المناصب لم يتجاوز 12 في المائة ( 27 منصب من بين 245 )، من بين ترشيحات نسائية بينها فقط 10 لنيل هذه المناصب.
مجمل القول، أن الدستور الجديد والقوانين والتدابير المتخذة في السنوات الأخيرة قد ساهمت في ارتفاع حجم ووثيرة المشاركة السياسية للنساء، لكنه ارتفاع غير كاف للوصول إلى المناصفة بسبب استمرار العديد من العقبات.
2–معوقات المشاركة السياسية للمرأة
الواقع أن هذه المعوقات تختلف تمظهراتها بين الدول المتقدمة ونظيراتها السائرة في طريق النمو، وإن كانت هناك قواسم مشتركة تحضر فيها تحضر فيهما معا، كإشكالية تسلط النزعة الذكورية على ادرة الدولة ومؤسساتها وسوق العمل والاقتصاد، واحتكار المناصب العليا من قبل الرجال، حيث يحضر هذا العائق حتى بالنسبة للدول المتقدمة.[] أما السائرة في طريق النمو فنجد جملة من العوائق الذاتية والموضوعية التي تحول دون تحقيق مشاركة سياسية نسوية قوية من أبرزها:
عدم وعي المرأة بأهمية مشاركتها في العمل السياسي.
تقسيم الأدوار التقليدية بين الرجل والمرأة في الأمور الاجتماعية والأسرية، حيث تتحمل المرأة دوما تربية الأطفال ورعاية الأسرة.
الفجوة الكبيرة بين إقرار نصوص الدستور والقوانين المنظمة لحق المساواة بين الرجل والمرأة وبين إعمال تطبيقها على ارض الواقع.
تفشي ظاهرة الفقر في كثير من دول العالم وحصول المرأة على حصة الأسد في الفقر العالمي، وخاصة في القارة الإفريقية والآسيوية، ومن ثم ظاهرة الاتجار بالنساء في تلك الدول واستعباد المرأة.
– وتفشي ظاهرة الأمية وانخفاض المستوى التعليمي للنساء في العديد من المناطق من دول العالم الثالث بشكل يعرقل مساعي الارتقاء بنسب التمثيل السياسي للمرأة.[12]
إن الحديث عن المشاركة السياسية للنساء لا يعتب ترفا أو محاولة للإعادة إنتاج ما تم تداوله فيما سبق من أفكار بخصوص هذا الموضوع، لكن الخوض في هذه القضية وفي هذه اللحظة بالذات يعتبر في غاية الأهمية على اعتبار أن المرأة المغربية ورغم نضالاتها الطويلة لم تستطع أن تصل إلى مناصب المسؤولية بشكل يتناسب مع قوتها العددية داخل المجتمع. كما أن المتتبع للشأن السياسي يلاحظ بجلا ء مجموعة من التناقضات التي تعرفها مسألة مشاركة المرأة في الحياة السياسية . ومن هذه التناقضات هو أن المرأة رغم قوتها بالأرقام إذ تشكل نصف المجتمع المغربي، فإن بلادنا تظل عاجزة في تسطير سياسة عمومية واضحة المعالم لصالح المرأة المغربية . سياسة تهدف النهوض بأوضاعها والدفع بها إلى الإسهام في عجلة التنمية وتحريك الاقتصاد.[]
يعتبر غياب المرأة عن المشاركة السياسية ظاهرة عالمية تتلخص عموما في بعد المرأة عن المجال السياسي في الدولة. حيث تتناقض أهميتها ووزنها في المجتمع المدني مع عزلتها عن المجتمع السياسي في المغرب كما في بقية الدول العربية، فالسياسة كانت وما تزال نشاطا مقصورا إلى حد كبير على الرجال، بالرغم من اكتساب المراة حق التصويت الذي يعتبر مكسبا لا يستهان به، فإن هذا الحق لم يمنح للمرأة المغربية أية ضمانة للانخراط فعليا وبشكل متوازن في الحياة السياسية.[] وترى بعض الانتقادات الموجهة للنظام الانتخابي المغربي أن تحديد نظام للحصص يتطلب وجود آليات ديمقراطية تساعد على اتخاذ تدابير تشريعية في ميادين المرأة بصفة خاصة. ويرى البعض أن هذا الطرح لا يكون دائما صائبا إذ ان وجود المرأة داخل البرلمان لا يعد ضمانا للإثراء العمل البرلماني لان الاهتمامات البرلمانية يكن أن تركز على قضايا وطنية او قضايا أخرى لا علاقة لها بقضايا المرأة. وتؤكد الأصوات المعارضة للاكتفاء بإعادة للحقوق السياسية للنساء، من خلال المطالبة بوضع دستور يقر مساواة فعلية وحقيقية بين المرأة والرجل في كافة المجالات ويعتمد في صياغته على ما هو منصوص عليه في المواثيق الدولية، وتربط العديد من الأصوات بين إلية الحصص كوسيلة لزيادة فرص المرأة وبين إقرار المزيد من الديمقراطية، فحين يرى البعض الآخر أنها جميعا خطوات في سبيل تحرير المرأة وتحقيق الديمقراطية.[]
كما أن القانون الانتخابي الذي تم اعتماده قبل انتخابات نوفمبر قد وضع حصة لتمثيل المرأة في البرلمان بنسبة 15 في المائة بحيث لم يتجاوز عدد النساء المنتخبات هذه النسبة. بالإضافة إلى أنه خلال الانتخابات التشريعية في نوفمبر 2011 لم يكن هناك سوى 57 امرأة على رأس القوائم. كما أن المرأة لم تصل إلى استوزرا كامل، ما يعني أنها لا تشارك في الهيئة التنفيذية في مناصب قيادية. كما يؤثر المناخ الانتخابي سلبا على مشاركة النساء والرجال على حد سواء، حيث تسيطر آليات استخدام العنف والفساد على المناخ السياسي ما أدى إلى إحجام النساء عن المشاركة وضعف وهشاشة الدعم الحزبي.[
ثانيا: التمثيلية السياسية النسائية بالمغرب
المغرب الذي يعد، ملتقى الحضارات، عرف اهتماما متزايدا بقضايا المرأة والدراسات النسائية، ولا أدل على ذلك من ارتفاع عدد البحوث و تعدد الجمعيات النسائية. ولقد سعت هذه الدراسات إلى إبراز خصوصيات وضع المرأة، ورصد مكامن ضعفها ومعاناتها، وتدارس إمكانية تنمية محيطها وسبل مشاركتها في مجالات الحياة. من خلال الاعتراف لها وعلى قدم المساواة مع الرجل بكافة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية.[] قال الملك محمد السادس بمناسبة عيد الشباب لسنة 2007 ” وبعون الله فقد تمكنا من توفير إطار عصري وفعال، محفز على المشاركة المواطنة، من معالمه البارزة، مدونة انتخابية حديثة تفسح مجال المشاركة المتكافئة لكل الأحزاب في الاقتراع، قانون جديد لتأهيل الأحزاب وتمويل شفاف لعملها، حياد إداري ايجابي صارم، مراقبة قضائية مستقلة ، حضور فاعل للمجتمع المدني ولوسائل الإعلام، في التوعية والمتابعة، فضلا عن التمثيل النسائي، الذي نريده أكثر إنصافا للمرأة.[] نلمس من خلال هذا الخطاب سعي المغرب، لأن تكون الانتخابات التشريعية بمثابة القنطرة للعبور من مرحلة الانتقال الديمقراطي إلى مرحلة تثبيت الديمقراطية وكذلك تعزيز الحضور النسائي على طاولة الأحزاب والمؤسسات السياسية، بدون تمييز أو تقزيم للأداء النساء وفعاليتهن. ونقص تمثيلية النساء في المجالس السياسية واقع ملموس، وهناك ادتان اقترحتا لتلافي هذا النقص، نظام الحصص (الكوطا )، ونظام التكافؤ، ويجب التمييز هنا بين نوعين من (الكوطا )،تلك الموجهة نحو تسهيل ولوج النساء إلى المكاتب الانتخابية ومراكز المسؤولية السياسية والتي وضعتها التشريعات الوطنية، ومن جهة تلك التي وضعتها الأحزاب السياسية.[]
إن طبيعة الموضوع تستوقفنا لتحليل واقع التمثيلية النسائية بمجلس النواب ( والتي لها علاقة بالتغيرات السياسية والاجتماعية والقانونية. والوقوف أكثر على اقتراع 7 أكتوبر كخطوة نوعية نحو تعزيز التمثيلية النسائية
1– التمثلية النسائية بمجلس النواب
فمنذ الانتخابات الأولى في المغرب لسنة 1963، ومع وجود ترشيحات هزيلة لم تتمكن معها أية مرشحة من الفوز إلى غاية 1993، التي عرفت أول فوز لمرشحتين ( بديعة الصقلي ولطيفة بناني سميرس )، ولم يطرأ أي تغيير على عدد المرشحات الفائزات في انتخابات 1997، و كان التحول الكبير مع الانتخابات 2002 والتي عرفت فوز 35 امرأة.[] جاءت هذه النقلة نتيجة اعتماد نظام الاقتراع باللائحة النسبي واعتماد نظام الحصص أو ما يعرف بالكوطا، وهي تقنية تستخدم للفئات الأقل مشاركة والأقل حظا داخل المجتمع كالمرأة والشباب، حيث تم تخصيص 10 في المائة من مقاعد مجلس النواب للنساء، الشيء الذي ضمن 30 مقعدا للنساء في انتخابات 2002، والتي عرفت فوز 35 امراة أي أربع نساء فقط في القوائم المحلية للمرشحين. أما في الانتخابات التشريعية المبكرة لسنة 2011، فقد تم تخصيص 60 مقعدا بدل 30 التي كانت معتمدة في الاستحقاقات السابقة.[]
وعلى غرار المواثيق والاتفاقيات والإعلانات والمبادئ التي تشكل في مجملها ما يسمى بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، والتي وضعت مركز التمثيل السياسي للمرأة على المستوى الدولي ضمن أحكامها، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء السيداو، والبرتوكول الاختياري الملحق بها وغيرها من الاتفاقيات. فإن المرأة المغربية تستمد مشروعية ممارسة حقوقها السياسية كذلك انطلاقا من الأنظمة القانونية لبلدها.[
وفي هذا الإطار نجد ان دستور 2011 ينص في ديباجته على أن المغرب يرتكز على مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية. كما ينص في الفصل السابع على أن الأحزاب السياسية تعمل على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي وتعزيز انخراطهم في الجهات السياسية وتدبير الشأن العام. أما الفصل التاسع عشر، فقد أكد على أنه يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. هذا على عكس الدساتير السابقة التي تطرقت لتمكين المرأة سياسيا في فصل واحد الذي توارث في معظم الدساتير السابقة وهو الفصل الثامن.[]
مبدئيا نجد أن مدونة الانتخابات تكفل بأحكامها الحقوق السياسية للمرأة وذلك على قدر المساواة مع الرجل، كما أن الحق في الترشح لم تقيده المدونة بأي شروط ما عدا أن يكون المترشح متمتعا بالحقوق التي تمكنه من التصويت. حيث تم إدخال إجراء جديد إبان المبادرة التي اتخذتها الحكومة لمراجعة مدونة الانتخابات والهادفة إلى دعم قدرات النساء التمثيلية عبر إحداث صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء بمناسبة الانتخابات التشريعية وصدر قانون تنظيمي يبين شروط وكيفيات تطبيق المادة 288 مكرر من مدونة الانتخابات. كما نجد المادة 22 من قانون الأحزاب التي تنص على أنه يجب على الحزب أن ينص في نظامه الأساسي ايضا على نسبة النساء والشباب الواجب إشراكهم في الأجهزة المسيرة للحزب. غير أن ما يعاب على هذا القانون رغم تنصيصه على ضرورة أن ينص الحزب في نظامه الأساسي على نسبة النساء في الأجهزة القيادية، فإنه لم يحدد معدل هذه النسبة وترك أمر تقديرها للأحزاب، جاعلا مسألة تمثيل المرأة داخل الحزب مرهونا بإرادة المسيرين وبالتالي صعوبة وصول المرأة إلى ما تطمح اليه في ظل أحزاب تغيب فيها الديمقراطية الداخلية والتدبير الحكيم لشؤونها واعتماد مبدأ الكفاءة لتقلد المناصب داخلها.[]
يعتبر مجلس النواب أعلى هيئة تقريرية للتشريعات والقوانين التي تؤطر المجتمع وكذلك الجهاز الاسمي لمراقبة العمل الحكومي وتطبيق السياسات العمومية و يعد المكتب المسير لهذا المجلس واللجان الدائمة ولجان تقصي الحقائق والفرق النيابية أهم الآليات التي تقوم بهذه الأدوار. حيث يتشكل هذا المجلس من 395 نائب ونائبة تمثل فيه المرأة نسبة تقارب 17 في المائة أي 67 نائبة برلمانية، وقد لعبت الكوطا عبر انتخاب 60 امرأة ضمن اللائحة الوطنية دورا مهما في بلوغ هذه النسب، في المقابل نجد 7 فقط تمكنت من الظفر بمقاعد عبر الترشح في الدوائر الانتخابية المحلية.[25] ويتألف المكتب المسير لمجلس النواب من 14 عضوا بما فيهم الرئيس، ونسبة تمثيلية النساء فيه لا تتعدى 14,30 في المائة أي امرأتين فقط، وهي نسبة تبقى جد ضئيلة بالمقارنة مع نسبة تمثيلية الرجال. بالإضافة إلى أن المهام المنوطة بها تبقى بعيدة عن مركز القرار بنائبة رابعة للرئيس وأمينة رابعة للمكتب. كما يتفرع عن مجلس النواب 8 لجان، تترأس امرأة واحدة إحدى هذه اللجانلجنة التعليم والثقافة والاتصال وذلك راجع أصلا إلى ضعف التمثيلية العددية في مجلس النواب.[
أسفرت نتائج انتخاب 7 أكتوبر على تجديد مجلس النواب بنسبة تقارب 64 في المائة من مجموع الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس المذكور، مقابل إعادة انتخاب 36 في المائة من الأعضاء المنتهية ولايتهم. وحسب مصدر من وزارة الداخلية، فقد حقق حزب الأصالة والمعاصرة نسبة تجديد مرتفعة، فمن أصل 102 عضو 73 منهم يلجون الغرفة لاول مرة أي بنسبة تقارب 72 في المائة، مقابل 62 في المائة بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية ب 78 عضوا جديدا من أصل 125 و63 في المائة بالنسبة إلى حزب الاستقلال ب 25 عضوا جديدا من أصل 46 عضوا. أما بالنسبة لحزب التجمع الوطني للأحرار، فإن عدد الأعضاء الجدد يبلغ 20 من أصل 37، في حين يبلغ عدد الأعضاء الجدد المنتمين إلى حزب الحركة الشعبية 17عضوا جديدا من أصل 27.[] وفي نفس الإطار قالت الحركة من المناصفة أن التمثيلية النسائية في مجلس النواب، لن تتجاوز 20 في المائة، معتبرة أنها رغم ذلك لا ترقى إلى طموحات النساء في المغرب وتابعت الحركة في بيانها، الذي جاء بعد رصد الانتخابات التشريعية تزامنا مع اليوم الوطني للمرأة المغربية 10 أكتوبر، أن المغرب لازال يراوح مكانه، وترى أن ارتفاع نسبة التمثيلية النسائية ليست تقدما في ظل دستور يدعو إلى المناصفة وتفعيل المساواة.[وقد صرحت السيدة خديجة الرباح عضو الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، في تصريح للمجلة 24 أن المغرب لازال بعيدا عن المناصفة، وأضافت أن نسبة 20 في المائة تضع المغرب في المراتب الأخيرة على المستوى الإقليمي، والرتبة 105 على المستوى الدولي فيما يخص التمثيلية النسائية.[ وأوضحت المتحدثة أنه تم تسجيل تقدم وحيد فيما يخص فتح الجزء الثاني من الدائرة الوطنية “اللائحة الوطنية” للشباب والشابات لكن الأحزاب لم تستغل هذه الإمكانية لصالح النساء الشابات بشكل كبير، ولم ترشح عددا كبيرا من النساء كوكيلات في الدوائر المحلية. وتطالب الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة تحقيق المناصفة أثناء تشكيل الحكومة، والتوافق حول برنامج حكومي يستجيب لقضايا النوع الاجتماعي.]
وكانت الحركة قد نظمت قافلة نحو مناطق المغرب قبل انتخابات 7 أكتوبر، وخلصت إلى أن أهم المعيقات التي تحول دون الرفع من التمثيلية السياسية للنساء، هي المعيقات الثقافية التي لازالت تحدد مصير المشاركة السياسية النسائية.
2– اقتراع 7 أكتوبر خطوة نوعية نحو تعزيز التمثيلية النسائية
لا شك أن المغرب قطع خطوات مهمة في مجال التمكين السياسي للنساء محققا بذلك نقلة نوعية في مجال التمثيلية النسائية فمع دستور 2011، تم التأسيس لمنطلقات دستورية متقدمة، بمقتضى الفصل 19 والفصل 30 والفصل 146. لقد أسست هذه الفصول لخيار استراتيجي وطني عنوانه تعزيز التمثيلية النسائية في الحياة السياسية. ففي مجلس النواب ثم الانتقال من 10 في المائة سنة 2002 إلى 17 في المائة سنة 2011، بمقتضى القانون التنظيمي لمجلس النواب الذي أحدث دائرة انتخابية وطنية تتكون من 90 عضوا، خصصت 60 منها للنساء. أما القانون التنظيمي لمجلس المستشارين فقد جاء فيه أنه لا تتضمن كل لائحة من لوائح الترشيح اسمين متتابعين لمترشحين من نفس الجنس.
بلغ عدد النساء المنتخبات في مجلس النواب برسم اقتراع 7 أكتوبر 2016، ما مجموعه 81 منتخبة منهن 10 مرشحات انتخبن برسم الدوائر الانتخابية المحلية، و60 برسم الجزء الأول من اللائحة الوطنية المخصصة للنساء، و11 شابة برسم الجزء الثاني من اللائحة الوطنية المخصصة للشباب. مقابل 67 نائبة لسنة 2011 منهن 60 برسم الدائرة الانتخابية الوطنية و7 برسم الدوائر الانتخابية المحلية. حيث تصدر حزب الاصالة والمعاصرة باقي الاحزاب ب 26 نائبة منهن 5 وكيلات لوائح ترشيح على مستوى الدوائر المحلية و14 نائبة انتخبن برسم الجزء الاول من اللائحة الوطنية المخصص للنساء اضافة إلى 7 شابات تمكن من الفوز برسم الجزء الثاني من اللائحة الوطنية المخصص للشباب. ويحتل حزب العدالة والتنمية المرتبة الثانية بمجموع 24 نائبة منهن 4 نائبات انتخبن على مستوى الدوائر المحلية و18 نائبة برسم الجزء الأول من اللائحة الوطنية المخصصة للنساء ونائبتين برسم الجزء الثاني من اللائحة الوطنية المخصصة للشباب.[] أما حزب الاستقلال والتجمع الوطني للأحرار فيحتلان المرتبة الثالثة ب 7 نائبات لكل منهما.
أما بالنسبة لحزبي الحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فإن عدد النائبات المنتخبات بالنسبة لكل منهما، يتحدد في 5 تم انتخابهن برسم الجزء الأول من اللائحة الوطنية المخصص للنساء، باستثناء نائبة واحدة من حزب الاتحاد الاشتراكي فازت برسم الجزء الثاني من اللائحة الوطنية المخصص للشباب. أما حزب التقدم والاشتراكية، فإن تمثيليته النسوية بمجلس النواب تقتصر على 4 نائبات. في حين اكتفى الاتحاد الدستوري بثلاث نائبات انتخبن برسم الجزء الأول من اللائحة الوطنية المخصص للنساء.
أكدت منظمة ” جندر كونسورنز انترناشيونال” أن اقتراع 7 أكتوبر، شكل تكريسا لمسار التحول الديمقراطي في المغرب. وأشادت رئيسة الملاحظين التابعة للمنظمة السيدة ” شابرا بانو” في تصريح للصحافة بمشاركة النساء المغربيات في هذه الانتخابات، مؤكدة أن النساء المشاركات، إلى جانب الرجال، كناخبات ومرشحات و إداريات اثبتن إرادتهن في دفع المشاركة، والتطور الديمقراطي في المملكة المغربية.[] وبخصوص حضور النساء كمندوبات في مكاتب الاقتراع عن الأحزاب السياسية المشاركة، وأكدت أن حضورهن كان أقل من الرجال، مسجلة في المقابل حضورا للنساء في المناطق الحضرية مقارنة بالمناطق الأخرى. وأوصت المنظمة باتخاذ إجراءات عملية لتحسين المشاركة في الانتخابات المقبلة، لا سيما وسط النساء الشابات مؤكدة أن هذه المسؤولية تقع على الحكومة والأحزاب السياسية ووسائل الإعلام والمنظمات النسائية وجمعيات المجتمع المدني.[]
إن انفراد الأولية لهذه الحصيلة تفيد أن هناك تحولا مهما يعكس إرادة سياسية جماعية من لدن مختلف الفاعلين لتعزيز وتقوية التمثيلية النسائية في المشهد السياسي المغربي. لقد نال رفع أعداد النساء في المناصب العامة اهتماما متزايدا خلال العقد الأخير فهو مؤشر للهدف الثالث من الأهداف الإنمائية للألفية، ” تعزيز المساواة بين الجنسين و تمكين المرأة”. كما أن نسبة النساء في المجالس النيابية يجب ألا تقل عن 30 في المائة كأحد أهداف برنامج عمل مؤتمر بيجين. ومن الملاحظ أن نسب النساء في المجالس النيابية تزايدت بمعدل سريع خلال العقد الماضي، حيث وصلت إلى 11,6 في المائة سنة 1995، مقابل 18,4 في المائة في ماي 2008. ووصلت إلى ما يقارب 21 في المائة سنة 2013. ويرجع هذا الارتفاع في النسب لدى غالبية الدول إلى اعتماد آلية التمييز الايجابي، أو ما يعرف بنظام الكوطا.[
و إذا كانت الأحزاب السياسية تتحمل مسؤولية كبيرة في إنجاح آليات التمييز الايجابي من خلال طبيعة اختياراتها ومعايير التزكية فإنه لا ينبغي اعتبار الكوطا، المدخل الوحيد لرفع التمثيلية النسائية بل لابد من التفكير في آليات ومبادرات متنوعة.
] نحتاج اليوم، إلى بناء ثقافة مجتمعية داعمة للمشاركة النسائية، ولتحقيق ذلك لابد من انخراط الجميع لكي لا يكون إشراك النساء مجرد تغيير في الأرقام بل لابد أن يعكس تحولا مجتمعيا ووعيا متجذرا بأهمية المشاركة النسائية وإضافتها النوعية في مسار تخليق وتحقيق العدالة الاجتماعية.
لعلّ تبني المغرب خيار الديمقراطية التشاركية كأحد الثوابت الدستورية، شكل تحولاً هيكلياً في مسار ممارسة المرأة للسلطة، وذلك ليس فقط على مستوى الهياكل الحزبية والمسار الانتخابي التمثيلي، بل مكنها أيضا من سلطة من نوع آخر، عبر “دسترة” أدوار جديدة للمجتمع المدني، وهي سلطة مراقبة وتقييم السياسات العمومية.
وقد أضحى الفاعل المدني مخولا له قانونا المشاركة في صنع السياسات العمومية وصياغة القرار العمومي وتقييمه، بشكل يتيح له رصد مدى احترام صناع القرار لمبدأ النوع الاجتماعي والمساواة وتكافؤ الفرص.د
وهذا التحول الهيكلي استمرار لمسلسل الإصلاح الذي بموجبه يتاح لفئة عريضة من النساء المشاركة في الحياة العامة، وهي أيضا نتيجة صيرورة مستمرة من النضال بموجبها استطاعت المرأة أن تنتزع قدراً كبيراً من الثقة، في مجتمع ذكوري تقوم فيه التنشئة الإجتماعية على السلطة الأبوية التي ظلت تتدثر بلباس الأعراف والتقاليد ويغذيها قصور القوانين وشحها.
بعيدا عن الترسانة القانونية التي تعتبر متقدمة جدا، تبقى محاولة بناء مصالحة مجتمعية بين المرأة وممارسة السلطة على مستوى التمفصلات الدقيقة للمجتمع التحدي الأكبر أمام الهيئات الحقوقية النسوية والدولة، على اعتبار أن الترسانة القانونية اليوم تنحو نحو الاعتراف الكامل للمرأة بحقها في مشاركة الرجل في بناء مستقبل المغرب.
تبني المغرب طرح دعم الاستقلالية الاقتصادية وروح المبادرة الحرة لدى النساء كأحد الأعمدة الأساس ضمن خطته الرامية لتحقيق المساواة بين المرأة و الرجل، وتعتبر مدخلا أساسيا لتحقيق هذا الهدف، وهو ما يمكن قراءته من منظار أنطونيو “غرامشي” وفكرته حول كون الاقتصاد أساس تشكيل الطبقات الإجتماعية.
ويمكننا أن نعي من ال خلال ذلك أهمية التمكين الاقتصادي للمرأة كمدخل لتحقيق ذاتها اجتماعيا ومواجهة المنطق الذكوري بسياسة الأمر الواقع كحل مباشر وفعال لترسيخ ثقافة المساواة في ممارسة السلطة في المعيش اليومي لأفراد المجتمع، وبالتالي التأثير الميكرواجتماعي في المخيال الشعبي.
إن التمظهرات الاجتماعية التي ظلت تقوض مقدرات المرأة هي وبلا شك مفاعيل قرون و قرون من الاستبداد الذكوري الذي بنى كينونته على إقصاء المرأة من الفضاء العام و حاول جاهدا أن يلبس استبداده و أنانيته لباس القدسي الديني تارة، ولباس التقاليد و الأعراف تارة أخرى.
لكن سرعان ما تهاوى هذا الطرح أمام الرجة الفكرية الحقوقية التي عرفها المغرب خلال العقد الأخير من القرن الماضي، والتي شكلت ذاك المهماز الحضاري الذي وخز الأمة وبعث الأمل في مثقفيها ومفكريها الذين قادوا مسار النضال لأجل تحقيق مغرب المساواة في الحقوق كما الواجبات، في السياسة كما الثقافة، في العلم كما الفن، لأجل مواطنة كاملة.
خــاتمــــة:
تمة خيط بدأ ينتظم في المغرب جامعا عناصر ثلاث، المرأة ،التنمية ، والتمكين. كاشفا عن دينامية آخذة في التشكيل من شأنها أن تشهد، على جدية مجهوداتها وعن جدارة المرأة في الفوز برهان المساواة والمناصفة.
وعليه يمكن القول، أن الحضور النسائي في المشهد السياسي المغربي حقيقة لا خلاف فيها، لتفعيل هذا الحضور لابد من دعم الإرادة السياسية العليا وجهود الحركة النسائية وموقف الأحزاب السياسية والإيمان بقدرات النساء وتفعيل أسس الديمقراطية والمواطنة الحقة، فتح أوراش، وبلورت الأرضية الصلبة المتوافقة ع الأصوات النسائية.
هذه الحصيلة الايجابية تستدعي من المجتمع كله، أفرادا وجماعات، سياسيين ومثقفين وجمعيات المجتمع المدني، أن يحافظ على هذه المنجزات ويحصن المكتسبات حتى يستكمل المغرب بناء دولة الحق ويوطد دعائم الديمقراطية.
سكينة عشوبة طلبة وباحثة
|
|
2226 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|