للأمانة لم نعد نعرف أين يجب أن ندير رأسنا : أجهة أنفلونزا الخنازير التي تقض مضجع الناس اليوم؟ أم جهة إبن كيران الذي استطاب حياة "اللايفات"، واختار خرجة صحافية من نوع خاص السبت الماضي لمزيد من الحديث عن تقاعده الاستثنائي ولمزيد من الشرح والتوضيح حول ممتلكاته الشخصية وحول عديد النوافل الأخرى، طالما أنه يعتبر المعاش فرضا وبقية أشياء الحياة مجرد كماليات لشغل الفراغ ليس إلا…؟
أنفلونزا الخنازير مرض سيء للغاية، وهو يستحق الاهتمام به طالما أنه يمس صحة الناس العامة، ويشكل هاجسا مؤرقا للجميع خصوصا في بلد ببنية صحية "على قد الحال"، لكن أنفلونزا أحاديث ابن كيران هي الأخرى تستحق بعض الانتباه، وإن كان انتباها من النوع الضاحك والخفيف، لأن الواضح اليوم هو أن الرجل تألم كثيرا مما نشر عنه، ولم يكن يتوقع أن تأتيه "ضربة" مثل هاته تعطي للرأي العام عنه صورة غير تلك التي سعى على امتداد سنوات لكي يدخلها إلى الأذهان..
طيب، بالنسبة للخنازير وأنفلونزاها، لا مجال إطلاقا لأي لهو أو مزاح. الأمر يتعلق بوباء يعم العالم بأسره، وتورد الدول كلها بخصوصه أرقاما يومية للضحايا، وتتحدث للرأي العام بكل صراحة عن واقع المرض الذي يمس الناس، والذي يلزم لأجل مقاومته أن يعرف الناس حقيقة كل مايخصه، دون زيادة أو نقصان.
وجب أيضا الانتباه لما تحفل به مواقع التواصل الاجتماعي من أخبار مختلقة ومن أكاذيب ومن أرقام تهويلية المراد منها واضح للغاية، وهو بث الهلع في الناس لأسباب تتأرجح بين الرغبة الغريزية البليدة في رفع عدد الزوار، وبين النشر الجاهل للأخبار دون التأكد منها ودون تقدير خطورتها طالما أنها - ولا بأس بالتكرار هنا - تهم الناس وتهم أهم مايملكه هؤلاء الناس أي صحتهم…
وسائل إعلامنا، مكتوبة ومسموعة ومسموعة ملزمة هي الأخرى في حالات مثل هاته بأن تتحمل مسؤولياتها - إن كان لها حس المسؤولية هذا - بأن تسعى وراء الخبر اليقين النابع من الجهات الرسمية، وبالتحديد من وزارة الصحة في هذا الموضوع، لكي توصلها إلى الجمهور العريض، ولكي تقاوم مد الكذب الزاحف على الناس والنابع من استسهال نشر المعلومة، صادقة كانت أم كاذبة، الذي تسبب فيه الأنترنيت وعوالم الأنترنيت…
طيب نعود الآن إلى خرجات ابن كيران الطريفة، خصوصا وأنها انتقلت من الشامبوان إلى جافيل، حيث اكتشفنا أن "جافيل لاكروا" عانت معاناة كبرى مع رئيس حكومتنا السابق الذي كان يبيع جافيل بدرهمين فقط،دوالذي يتقن صناعة الشامبوان وإن كان لا يضعه على رأسه، بل يكتفي بالصابون، ويتحدى الصحافيين الحاضرين معه في ندوته الخاصة من نوعها حول مدى نقاء الشعر.
عندما ترى ابن كيران يتحدث لا يمكنك إلا أن تحس بالتعاطف معه ، ولا يمكنك إلا أن تعتبر أن الحكاية لاتستحق كل هذا الضجيج طالما أوصلته إلى هذا الحديث عن الشامبوان وجافيل، وخير تلخيص لها أو خير ختم يضمها بين ثناياه هو عبارة المغاربة الشهيرة "اللي غلب يعف".
رئيس الحكومة السابق، وأمين عام العدالة والتنمية السابق في حالة لا تسر عدوا ولا حبيبا، وحتى سبابه للعديدين ووصفهم بالكاذبين ولعنات الله التي أنزلها على عدد كبير ممن اعتبرهم كذبوا بحقه، ووصف كاتب هاته السطور بالمسموم، لا تستحق كثير التركيز لأنها علامات ضيق أفق أحس به الرجل خصوصا بعد أن لمح في الفيسبوك معالم نفور عام منه، وفهم أن الشعب العادي الذي ألف أن يقول للجميع إنه يسانده أصبح يطرح الأسئلة تلو الأسئلة حول مدى تطابق الشعار مع الفعل لدى الرجل بعد مرور كل هاته السنوات..
لذلك لا بأس ولا داعي حتى للتركيز مجددا مع الكلام. والأفضل منه العودة إلى الخنازير وأنفلونزاهم ، فهي ألطف على كل حال من سماع رئيس حكومة بلادك السابق وهو يصفك بالمسموم.
لنسأل أنفسنا ختاما: أي علاقة تربط أنفلونزا الخنازير بكلمة ابن كيران الجديدة؟
هناك علاقة واحدة ووحيدة يستطيع تأكيدها أي طبيب ناشئ وطأت قدماه بالكاد كلية الطب : من علامات هاته الأنفلونزا اللعينة، الشعور بالتعب والإعياء الذي تجسده عبارة « وافريد، وافريد »، تضخم الأنا والمن على الناس « هاشنو درت ليكم، هاشكون أنا، واش نسيتو شكون أنا؟ »، الوسواس القهري أي تخيل المؤامرات في الذهن والتيقن بأن أشباحا وتماسيح وعفاريت تسيطر على « بيت النعاس » حيث يرقد المريض ومعها الاستيهامات الكثيرة، نهايك عن العارض الأوضح للمرض وهو الدخول والخروج "فالهضرة" الناتج عن الحمى، قلاعية كانت أم عائدة إلى الخنازير وأنفلونزاهم شافى الله وعافى الجميع من كل الأمراض، وهو ماينتج في النهاية هذا الكم من السباب والشتم تجاه الجميع، وخلط كل الأوراق وعدم الإحساس بشيء إلى حين زوال المرض بعد الانتهاء من ازدراد الدواء والإكثار من الراحة وملازمة الفراش
ما الممكن قوله تلخيصا وختما وانتهاء؟؟ لا شيء إلا البسملة والحمدلة ثم الحوقلة أي لا حول ولا قوة إلا بمن خلق الخنازير، وبقية الحيوانات، وخلق معها الإنسان وجعله قادرا على الإساءة لنفسه بهاته الطريقة المخجلة والمثيرة للشفقة بكل أنواعها…
المختار لغزيوي