في أبريل 1958 كانت الأحزاب الوطنية للمغرب وتونس والجزائر قد عقدت في طنجة مؤتمرا لبحث إمكانية وحدة المغرب العربي. وكان عبد الرحيم بوعبيد صاحب هذه المبادرة يأخذ بعين الاعتبار المواجهة مع تحديات الوحدة الأوروبية التي انطلقت بعدما وقعت على اتفاقية روما ست دول أوروبية هي ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، بلجيكا، هولندا والليكسمبورغ. فكيف وصل الأوروبيون انطلاقا من معاهدة روما إلى ما هو عليه اليوم الاتحاد الأوروبي؟
كيف أننا في المغرب العربي طوال هذه المدة ما زالت وحدتنا المغاربية محاصرة في النقطة الميتة؟
أثناء مؤتمر طنجة كان الاعتقاد السائد أن العرقلة الوحيدة لبناء المغرب العربي هي استمرار الوجود الاستعماري بالجزائر، وبعد سنوات استقلت الجزائر فتقوت الآمال بقرب قيام هذه الوحدة حيث لم نكن ندرك آنذاك الحقائق والتحديات التي تعوق مستقبلنا.
فلولا هذه الحقائق وهذه التحديات لكان يجمعنا اليوم اتحاد مغاربي قوامه تكثل ديموغرافي يتجاوز مائة مليون نسمة وامتداد جغرافي تطل شواطئه على حوالي عشرة آلاف كلمترات شمالا على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي في الجهة الغربية.
هذا الكيان المغاربي لو تحقق تدريجيا منذ البداية ، أي منذ استقلال الجزائر كان من الممكن أن يتوفر على عملة نقدية موحدة كما هو الحال بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي أصبح أسس منذ عشرين سنة يتوفر على منطقة نقدية عملتها هي الأورو.
ذات الوزن الكبير في الأسواق المالية العالمية.
ومن المحقق أن عملة نقدية مغاربية كانت ستكون أفيد بالنسبة للجزائر مقارنة مع الحالة المتدهورة التي تعاني منها اليوم عملة الأشقاء مما يؤثر سلبا على تدهور القدرة الشرائية للمواطنين في الجزائر.
لو أننا قطعنا أشواطا متقدمة في بناء المغرب العربي،أي مكانة كنا سنحتلها على المستوى الدولي ؟ وإلى أي حد كان من الممكن أن يلتحق كياننا الموحد لمجموعة الدول العشرين التي يعتبرونها مجموعة للدول الأغنى في العالم؟
لنأخذ العشرة الأوائل وهم أمريكا، الصين، الاتحاد الأوروبي، ألمانيا، فرنسا، اليابان، روسيا، بريطانيا العظمى، كندا وإيطاليا، بطبيعة الحال هذه المجموعة لا مجال للمقارنة معها. ولكن هناك المجموعة الثانية وهي جنوب إفريقيا، السعودية، تركيا، الهند، أندونيسيا، كورياالجنوبية، استراليا، البرازيل، الأرجنتين...هذه المجموعة الثانية كان من الممكن أن نقترب منها ككيان مغاربي موحد سياسيا واقتصاديا يحق له أن يصبح من الكيانات القوية في العالم
ترى هل يستحضر حكام الجزائر الخسارات التي نتكبدها جميعا في غياب وحدة مغاربية؟
عبد اللطيف جبرو