|
|
|
|
|
أضيف في 01 فبراير 2019 الساعة 27 : 11
تاريخ الجامعات المغربية. القصد من الحديث عن إثنين وخمسين سنة الأخيرة من تاريخ البحث العلمي في الجامعة المغربية هو تقديم حصيلة البحث العلمي فيما يخص التاريخ والحضارة والتراث والفكر المغربي، منذ اعتلى جلالة الملك الحسن الثاني عرش المغرب، حتى اليوم، وما تميزت به هذه الحقبة من حدب ورعاية للجامعة المغربية، وللتعليم العالي من لدن جلالته، فكان من نتائج هذه السياسة المعتمدة على تكوين الإنسان المغربي، وتأهيله لخوض معركة التنمية، وإبراز الهوية المغربية، وقفت على رصده في هذا التقويم الموجز من عطاءات وإنجازات قيمة.والواقع أن نتائج هذه الحقبة القصيرة من تاريخ الجمعات المغربية الفتية تعتبر بمثابة طفرة كبيرة في مجال تنمية الثقافة الوطنية، وتنمية البحث العلمي في العلوم النظرية والتطبيقية، ولا سيما مجال العلوم الاجتماعية والحضارية.والملاحظ أن هذه الطفرة كانت تتوالى خلال العقود الثلاثة بوتائر سريعة، تتضاعف فيها النتائج والأرقام على راس كل عقد من العقود الثلاثة الأخيرة من هذا القرن، وهذا ما جعل المغرب يسترجع بسرعة نسبية مكانته المرموقة ضمن الأسرة العربية الكبرى، والأسرة الإسلامية، والأسرة الإفريقية، باعتباره أحد بلدان العالم الأصيلة في مجال الحضارة المتوسطية، وأحد الشركاء في بناء التراث الثقافي للمنطقة، والقيم على تراث الغرب الإسلامي خلال العهد الوسيط، غير منازع.ولا يمكن تقدير هذه النتائج حق قدرها إلا بمعرفة ما سبقها، وما كان مهيأ لها من الوسائل والسباب.فإذا رجعنا إلى إحصاء 1960 الذي يشير إلى الفعاليات الثقافية الموجودة بالمغرب في أرقام إحصائية، نجد أن عدد الباحثين المغاربة المنتمين إلى قطاع الدراسة والبحث، يكاد يكون منعدما، وأن الفعاليات المنتجة للنظريات والعاملة في مجال التطبيق لا تكاد تذكر، ومعنى ذلك أن المغرب قد دخل مرحلة الاستقلال سنة 1956 وهو عديم الإمكانيات والفعاليات، نتيجة السياسة الاستعمارية التي كانت تعتمد يومئذ على تهميش المغاربة، وإبعادهم عن التكوين العالي، وبالتالي عن تأطير أي عمل علمي أو بحث أو يكوين.واجهت الدولة المغربية غداة الاستقلال هذا الفراغ أمام حتمية الاعتماد على العنصر الوطني لتأطير المغرب المستقل بأطر وطنية إلا ما كان من الفعاليات السياسية التي خاضت النضال التحريري.وعندما بدأت الستينيات من هذا القرن، وتميزت باعتلال الحسن الثاني عرش المغرب سنة 1961، كان المغرب ما يزال يعيش في جو الحماس الذي هيمن على السنوات الموالية لسنة 1956، وكان الأفق السياسي والاجتماعي يبدو مليئا بالتوجهات الوطنية التي كانت تطمح إلى أن تصب كلها في ورش واحد، هو إعادة بناء المغرب المستقل على أسس جديدة، كما كانت التوجهات إلى الدولة والمجتمع والمؤسسات الوطنية في كل مجال تهفو إلى ترسيخ أسس الملكية الدستورية، وتعبئة الطاقات الوطنية في عمل مشترك ينطلق من التخطيط للمقدرات، ومن التصميم لمشاريع العمل الإنمائي، في مسيرة واحدة لا تفرق بين مطالب المغرب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحضارية، لأن هذه المطالب كلها ليست سوى عناوين لواجهات متعددة من بناء واحد ذي أبعاد مختلفة.لذلك، كن مجال التربية والتعليم وتكوين الأطر، وتهيئة الإنسان المغربي لخوض معركة بناء المغرب الجديد أحظى المجالات بالأولوية وبالرعاية والتخطيط من لدن الدولة والقوى الوطنية كلها.وقد تضمن ظهير 21 يوليوز 1959 في شأن إحداث «جامعة الرباط»للأهداف الوطنية للتعليم العالي،التي كان يتطلع عليها المشرع المغربي، ومن ضمنها تلقين التعليم العالي في جميع أنحاء المملكة، والقيام بالبحث العلمي في جميع أشكاله لقد كان التعليم العالي في المغرب غداة الاستقلال شبه منعدم إذا ما استثنينا «جامعة القرويين»بفاس، التي كانت تلقن تعليما متكامل الحلقات في الابتدائي والثانوي والعالي، في تخصصات العلوم الإسلامية واللغة العربية. أما تكوين الأطر المتخصصة في مجالات العلوم العصرية كالهندسة والطب والصيدلة والعلوم الطبيعية والعلوم الإدارية والقانونية والاقتصادية والإنسانية فلم يكن أمام الطالب المغربي سوى الاتجاه إلى الخارج، أي إلى الجماعات الفرنسية والإسبانية وغيرها، لاستكمال دراساته في تك التخصصات من لدن الفئة القليلة التي يتيح لها يسارها أن تتلقى تعليمها العالي بالخارج. وقد أنشئت«جامعة محمد الخامس»بالرباط في فجر الاستقلال سنة1975 لتشمل «كلية الآداب» في البداية و«كلية الحقوق» و «كلية العلوم»، ثم توالى تأسيس المعاهد العليا التابعة لها على الترتيب وهي: • المدرسة المحمدية للمهندسين سنة 1959. • المعهد الجامعي للبحث العلمي سنة 1960. • معهد الدراسات والأبحاث للتعريب سنة 1960. • كلية الطب والصيدلة سنة 1962. • المعهد التربوي الوطني سنة 1971. • كلية طب الأسنان سنة 1981. • كلية التربية سنة 1982. • معهد الدراسات الإفريقية 1986. ثم أنشئت «جامعة الحسن الثاني» بالدار البيضاء، و «جامعة سيدي محمد بن عبد الله» بفاس سنة 1975، ثم أنشئت «جامعة محمد الأول» بوجدة، و «جامعة القاضي عياض» بمراكش سنة 1978، ثم أنشئت «جامعات أخرى» سنة 1990، كانت كلياتها بالمدن التي أنشئت فيها تابعة لإحدى الجامعات المذكورة. وهذه الجامعات الجديدة المنشأة هي «جامعة مولاي إسماعيل» بمكناس، و «جامعة عبد المالك السعدي» بتطوان، و «جامعة ابن طفيل» بالقنيطرة، و «جامعة ابن زهر» بأكادير، و «جامعة شعيب الدكالي» بالجديدة. ولهذه الجامعات كلها وهي «إحدى عشر جامعة» موزعة في أرجاء المغرب، شرقية وغربية شمالية وجنوبية، كليات ومعاهد تابعة لها، أهمها «كليات الآداب والعلوم الإنسانية» و«كليات العلوم» و«كليات الحقوق والعلوم القانونية والاقتصادية». وهناك معاهد عليا تابعة لوزارات مختلفة ترعاها وتستفيد من أطرافها مثل: • معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة. • المدرسة الوطنية للصناعة المعدنية • مدرسة علوم الإعلام. • المدرسة الوطنية للعلوم الإدارية. • المعهد الوطني للبريد والمواصلات. • المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي. • المعهد العالي للصحافة. • المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات. • المعهد العالي للدراسات البحرية. • المعهد العالي للسياحة. • المدرسة الملكية للبحرية. • المدرسة الملكية للجو. • الأكاديمية الملكية العسكرية. • دار الحديث الحسنية. • المعهد الوطني للدراسات القضائية. • المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية. • المعهد الوطني للتهيئة والتعمير. • مدرسة استكمال الأطر. • المعهد العالي للصحافة. • المدرسة الوطنية للأشغال العمومية. • المدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين. والقصد من إيراد لائحة بهذه المدارس والمعاهد العالية بالإضافة إلى المؤسسات الجامعية التابعة لوزارة التربية الوطنية إعطاء صورة مجملة عن النسيج الهيكلي للمؤسسات العلمية بالمغرب ذات الاختصاص في تكوين الأطر العليا للبلاد، وتكوين الباحثين، وتعميم التكوين العلمي في ربوع المملكة، والسهر على سير البحث العلمي، وضمان استمراره. والأمر الذي يعنينا بعد هذا التمهيد هو التساؤل عن البحث العلمي في الجامعات المغربية، ومدى ما ينطوي عليه من فعالية وتنظيم واكتشاف وتنظير وتطبيق ميداني، والتساؤل عما حققه هذا البحث على مدى الثلاثين سنة الماضية من نتائج. ولا شك في أن القيام بإحصاء علمي وتحليل للمعطيات المشار إليها على مدى الثلاثين عاما في مختلف المؤسسات الجامعية، ومختبراتها وتعقب النتائج الأخرى المحصل عليها من لدن الباحثين المغاربة، في الجامعات الأجنبية، يعتب عملا ميدانيا شاقا، يتطلب فرقا من البحث المنظم الذي قد يستغرق زمنا طويلا. ولكن نريد في هذه الإلمامة المحدودة الاقتصار على بعض مظاهر البحث العلمي في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، وإبراز خصوصيتها في مجالين: المجال الأول: مجال الإنسان المغربي الباحث من حيث اكتسابه القدرات العلمية الضرورية، وتميزه في الميدان العلمي تميزا أخذ يلفت الأنظار، ويجعل من إنتاجه موضع الاهتمام المتزايد، في الأوساط العلمية الوطنية والدولية على حد سواء. المجال الثاني: مجال الموضوع العلمي الوطني، الذي جعل من كل الظواهر الاجتماعية والتاريخية والحضارية ميدان بحث واكتشاف، وتحقيق وتصحيح، وإبراز الهوية الاجتماعية والتاريخية والثقافية للمغرب، الأمر الذي يجعل الشخصية القومية بكل مقوماتها، والظواهر الاجتماعية الوطنية تنكشف عن ثوابتها ومتغيراتها وتفاعلاتها، ومنطق سيرورتها وتطورها، وهو أهم ما ينطوي عليه البحث العلمي من نتائج، لأنه يصبح بمثابة معطيات أولية تتحدد في ضوئها طبيعة المستقبل الذي تتجه إليه، وعناصر الدينامية الكامنة في الماضي والحاضر. ومن المعلوم، أن العمل داخل المؤسسات الجامعية في جميع تخصصاتها يقوم على توجيهين أساسين ومتكاملين، وهما:
التكوين. البحث العلمي. أما التكوين: فينصب على إعداد الطلبة إعدادا علميا أكادميا، يتوج بنيل الشهادات العلمية التي تمنحها المؤسسة الجامعية: «كالإجازات» و «دبلوم الدراسات العليا» و الدكتوراه«. ويقوم هذا التكوين كما هو معلوم على الدروس النظرية، والدروس التطبيقية، وإنجاز الأبحاث والتجارب التي تمكن أولئك الطلبة من اكتساب المعرفة، والقدرات الضرورية، لممارسة مسؤولية التطبيق بعد التخرج في القطاعات المختلفة كما هو الشأن في الطب والهندسة والقضاء والمحاماة وغيرها من المهن الحرة أو الرسمية، داخل الهيكلة العامة للإدارة العمومية، أو المقاولات، والقطاع الخاص، وإدارة الأعمال. وأما البحث العلمي: فهو الذي ينصب علة تمكين الطلبة الباحثين من تنمية البحث العلمي في الدراسات العليا في التخصصات التي تكونوا فيها، كما يعني ما يقوم به الأساتذة الباحثون من دراسات وأبحاث نظرية وميدانية في مجال الاكتشاف للظواهر الطبيعية والاجتماعية وتحليلها، واستنباط قوانينها، والتفتح على كل ما يتم إنجازه في تخصصاتهم: من أبحاث ودراسات في الداخل والخارج، في مختلف المعاهد والمختبرات التابعة للجماعات في العالم. ويصعب التفريق أحيانا في الممارسة الميدانية بين التكوين الجامعي وبين البحث العلمي، لأن كل من الممارستين تستخدم الأخرى أو تكملها كما هو الشأن في العلوم الطبيعية والتطبيقية، والعلوم الطبية، والرياضيات، وعلوم الحياة، لأن البحث فيه هو التكوين نفسه، بالنظر إلى المكونين، وهو البحث العلمي بالنظر لما يلقن ويلاحظ ويستنبط ويحلل من ظواهر وأبحاث ميدانية تتصل مباشرة بالظواهر الحية والعينية، وتوجه الأستاذ والطالب معا في اتجاه واحد هو تطبيق المناهج العلمية في الاستقراء ولتحليل والاستنباط والتطبيق. وإذا نظرنا في مجمل الأعمال التي قامت بها المؤسسات الجامعية والمدارس العليا المتخصصة في المغرب، خلال الثلاثين عاما المنصرمة، وجدنا هذه الأعمال قد حققت نتيجتين هامتين: الأولى: أنها مكنت للتعليم العالي الجامعي ببلادنا من تحقيق الاستقلال، وذلك بالنظر إلى ما كونته الجامعة من أطر عليا للتدريس والبحث، بحيث تحقق الاكتفاء الذاتي في إعطاء التعليم العالي في مختلف شعبه وتخصصاته على يد الأساتذة الباحثين المغاربة، وهو ما سمي بمغربة الجامعة من مد المؤسسات لعمومية والمقاولات والقطاع الخاص بالأطر العالية للتسيير والإدارة. الثانية: إنتاج حصيلة من الأبحاث العلمية في شتى فروع العلوم الطبيعية والإنسانية والتطبيقية تتمثل أساسا في إنتاج الكتب المخصصة، والأبحاث التي تنشرها المجالات والدوريات التي تصدرها المؤسسات الجامعية والمعاهد، وتتمثل في إقامة الندوات الدولية واللقاءات العلمية التي لا تنقطع في بلادنا على مدى السنة في رحاب الجماعات والمؤسسات التابعة لها، كما تتمثل في الرسائل والأطروحات المعدودة بالمئات في كل فروع البحث العلمي. وإذا عمدنا إلى تحليل هذا النتاج من حيث موضوعاته ومناهجه ونتائجه في مجال المعرفة الإنسانية، وتنمية الثقافة واكتشاف حقائق الإنسان وحقائق الطبيعة وحقائق التاريخ، وجدنا أنفسنا أمام عطاء علمي قيم تبرز فيه الشخصية المغربية في بعدين على الأقل، وهما:
o البعد المعرفي. o البعد الإنساني. أما البعد المعرفي: ونقتصر هنا عن العلوم الاجتماعية والإنسانية، فنجد البحث العلمي الذي نهض به الأساتذة المغاربة الباحثون ينصب أساسا على الظواهر الاجتماعية والتاريخية والثقافية في إطارها المعرفي وعواملها التاريخية الوطنية، فالأبحاث المنجزة تتناول في معظمها المحاور التالية: 1 تاريخ الأدب المغربي قديمه وحديثه، وتحليل ظواهر هذا الأدب في فنونه واتجاهاته ومضامينه وصلته بالبيئة، والعصر الذي ظهر فيه، وبالحياة الوجدانية والعقلية للشعب المغربي، وفي مقدمة ذلك بالتصرف، وبالجهاد، وبالحركات السياسية، وبالتقلبات والأطوار الاجتماعية. 2إبراز أعلام المغرب في الأدب والفكر والعلوم العقلية والنقلية، الذين كان لهم التأثير في مجتمعهم، والتجاوب مع الحركة العقلية والثقافية لعصرهم من: مؤرخين، وفقهاء، ومحدثين وكتاب، وشعراء، ورحالة جغرافيين، مصلحين، من قدماء ومحدثين. 3 بحث الأدب الشعبي المغربي في فنونه ولهجاته، والأدب الأمازيغي منه خاصة، وأعلام هذا الأدب وما يعكسه من حياة وجدانية صحيحة، وثقافة شعبية، وتعبير عقدي عن مزاج المغاربة وأذواقهم، وملامح هويتهم الدينية والعقلية. 4 تحقيق التراث المغربي، شعره ونثره، ولا سيما منه الدواوين الكبرى، والمجموعات، وكتب الشروح، والرحلات، والرسائل المقررة في العلوم العقلية والنقلية، والمناقب، والفهارس العلمية وتاريخ الزوايا، والقبائل، والطوائف، والرجال. 5 – الترجمة في مختلف اللغات للآثار والكتب المتصلة بالمغرب، تاريخا وحضارة وأعلاما، مع تعليق عليها، للإطلاع على تصور الآخر للشخصية المغربية في جماع أبعادها. 6 – البحث في الأدب المغربي الحديث بصفة خاصة، لما في هذا الأدب من صلة قوية بالنضال السياسي، والتطور الفكري، والتعبير عن واقع الحياة العقلية والوجدانية للمغرب منذ دخل الطور الحديث من تاريخه، وانفتح عن المؤثرات الخارجية، وتجاوب مع الثقافات الأخرى، ولنفعل بالحضارة الغربية في منهاجها وثقافتها وأنظمتها، فالأدب المغربي الحديث والمعاصر يعكس هذه الأبعاد، والبحث في شأنه تقديم معرفة أشمل عن تجاوبنا مع حياة العصر الذي نحياه، وعن تجاوبنا مع الأحداث الأخرى التي طبعت تاريخنا الحديث: كالاستعمار ومقاومة الاستعمار، والجهاد الوطني، وبناء الوحدة الوطنية، واسترداد الاستقلال. 7 – البحث في التاريخ المغربي بجميع مكوناته ومستوياته وأبعاده، كتاريخ الأحداث الاجتماعية والطبيعية: كالزلازل والأوبئة، وحركات الجهاد، وتنقلات القبائل، وتاريخ الدول، والقبائل، والزوايا، والعلاقات الدبلوماسية، وتاريخ النقد، والعملة، والاقتصاد، والجيش، وتاريخ الحركات الثقافية، والنظم الاجتماعية والدينية، كالقضاء، والحسبة، والمدارس، والجوامع، وتاريخ المدن: مثل (فاس، والبريجة، وتطوان، والرباط، ومراكش، وتارودانت، ومكناس...الخ ). 8 – البحث في المجتمع المغربي وظواهره العامة، ومقاربة متغيراته الذاتية، والغوص في شرائحه، وطبقاته، وعاداته، وطقوس دينية، وحياة اقتصادية، وعلاقات اجتماعية، والوقوف عند شرائح معينة كالعمال، والطلبة، والمثقفين، والفلاحين، وقضايا معينة كالمرأة والأسرة، وور السلطة، والعلاقة بين المدن والبوادي، وسلطات المخزن، والزاوية، والطرق الصوفية، والأحزاب، والنقابات، والشباب ومشكلاته، وإشكاليات التنمية، وحقوق الإنسان، وإنجاز بحوث ميدانية إحصائية من شأنها أن تفرز نتائج معينة، وتحدد معطيات تجلو حقيقة مجتمعنا وطبيعته سيرورته، ونوعية مشكلاته، ودينامية حركاته. 9 – البحث في البيئة والمجال الطبيعيين، أو الجغرافيا المغربية وعلاقاتها بالإنسان وبالحياة العامة، وتأثير المناخ والتضاريس في هذه الحياة في المجال الاقتصادي والتجاري، والقطاعات المنتجة من فلاحة وصناعة، والتحولات والتغيرات السوسيولوجية، وحركات التعدين، والمكننة الزراعية، والتصدير، وتربية المواشي، والتشغيل، والتعدين، والصيد، والصناعة التحويلية، والتصدير، وظواهر التعمير، ودينامية المجلات الحضرية، وإشكاليات التنمية، والتقدم، والتخلف، وتنظيم المجال، والتهيئة، والترشيد للوسائل، والإمكانات. 10 البحث في مجالات النظام الحقوقي في المغرب، وأنظمة المؤسسات، ولا سيما فيما يتعلق بالقانون الخاص الذي تخضع له الحياة الاجتماعية بالمغرب، كقوانين الشغل، والتشريع الجبائي، والضمان الاجتماعي، وكل ما يتصل بالتشريع المغربي من موضوعات وإشكاليات وما يتدخل فيه من مجالات وأنشطة وعلاقات. هذه المحاور الكبرى للبحث العلمي (1 ) في مجال الشخصية المغربية وأبعادها في الماضي والحاضر، ومكوناتها الطبيعية والإنسانية والعرقية، واللغوية، والأدبية، والعقلية، ودينامية تطورها، ونظمها التشريعية، وسيرورتها التاريخية، وعلاقاتها بغيرها من الدول والشعوب، تفتحا وانغلاقا، عطاء وأخذا، ومساهمتها في الحضارة الإنسانية مجالات كشف عنها البحث العلمي الذي قام الأساتذة الباحثون في مختلف الجماعات المغربية، ولا سيما الجماعات الكبرى الأولى التي أسست منذ عهد الاستقلال. «كجامعة محمد الخامس» بالرباط، و«جامعة سيدي محمد بن عبد الله» بفاس، و «جامعة الحسن الثاني» بالدار البيضاء، وعززته فرق الباحثين، ومجموعات الدراسات والبحوث في الجامعات المستحدثة في عقد الثمانينات، فأبرزت الشخصية المغربية في مجال تحديد الهوية القومية بأبعادها التاريخية والحضارية، وأبعادها الاجتماعية والثقافية الراهنة، وفي مجال تحديد الهوية القومية بأبعادها التاريخية والحضارية، وأبعادها الاجتماعية والثقافية الراهنة،وفي مجال إبراز قدرات الإنسان المغربي الباحث على العطاء العلمي المنهجي، الإسهام في تنمية المعرفة الإنسانية بكفاية ومنهجية لا تقلان عن أعلى الكفايات والمنهجيات المحركة للبحث العلمي في القطاعات المنتجة في الجماعات الأجنبية. وإذا كانت المقارنة ممكنة بين الإنتاج العلمي في المغرب، والإنتاج العلمي بالبلاد الأخرى، التي توضع في نفس الدرجة مع المغرب، فإن المغرب، يحتل المقام الأول بسبب اتساع نسيج مؤسساته الجامعية، وتوظيفها في سبيل البحث العلمي الميداني والتطبيقي، وإن ما يواجه من معوقات تمنعه من اللحاق بالجامعات المنتجة للبحث العلمي في البلاد المتقدمة في الغرب، يرجع بالأساس إلى الإمكانات المادية التي يتطلبها البحث العلمي بغير حدود ولا تقنين، هو الأمر الذي لا يقوى عليه بلد مثل بلدنا الذي يواجه عدة متطلبات، ويخضع لترتيب اختباراته حسب ظروفه المادية. وينبغي أن يعلم القارئ أننا لا نريد بهذا المقال مزايدة ولا دعاية، فالواقع أن انعدام الدراسة الميدانية لإحصاء وتصنيف النتاج العلمي النظري والميداني في المغرب هو الذي يحجب عن عقولنا المجهود الكبير الذي ينهض به نحو العشرة آلاف جامعي وباحث في مختلف الجامعات والمدارس والمعاهد العليا المغربي. وقد قام«المركز الوطني للتنسيق والتخطيط العلمي والتقني» بالرباط بنشر قائمة للنشرات العلمية، والدوريات العلمية والتقنية، التي تنشرها مختلف المعاهد العليا بالمغرب، فوجدان عددها (المئة والستين )مجلة ونشرة علمية في العلوم الزراعية، وعلوم السيسيوطبية، والعلوم الهندسية، وعلوم الأرض، وعلوم الحياة، وعلوم الفيزياء، والإعلاميات، والعلوم ذات الميادين المتداخلة. وتقوم«الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر»بإصدار (مجلة الكتاب المغربي ) التي تعرف بالإنتاج المعرفي والعلمي بالمغرب الذي يصدر في صورة مجلات ودوريات وكتب، وقد صدر منها حتى الآن خمسة أعداد أو مجلدات حيث نستخلص منها المعطيات التالية: • في الموضوعات العامة 14 دورية. • في الفلسفة وعلم النفس 2. • في الدين 8. • في العلوم الاجتماعية 50. • في الرياضيات والعلوم الطبيعية4. • في العلوم التطبيقية12. • في الفنون 4. • وفي اللغة والآداب 12. • في التاريخ والجغرافيا 4. أما دليل الدوريات المغربية الذي صدر عن الخزانة العامة للكتب والوثائق بالرباط سنة 1983، نجد الدليل يحصي نحو 233 دورية منها باللغة العربية 140، ومنها بالفرنسية 93. أما عن إصدار الكتب والأبحاث المقررة فتعد الكتب الصادرة عن دور النشر من لدن الأساتذة الجامعيين خلال العقدين الأخيرين 1971/1991، بالمئات في التاريخ، والجغرافية، والعلوم القانونية، والإدارية، والآداب، والفنون، والفقه، وتحقيق التراث، والترجمة، وعلوم الدين، والفلسفة، والعلوم الإنسانية، بصفة عامة. وأما الأبحاث المسجلة لإعداد الدكتوراه ودبلوم الدراسات العليا في كليات الآداب بجميع الجامعات المغربية، فتعد بالمئات في اللغة، والآداب، والفنون، والدراسات الإسلامية، والتاريخ، والجغرافيا، والفلسفة، والاجتماع. ويرجع الباحث في ذلك إلى السجلات التي تهيئها المؤسسات الجامعية سنويا في هذه الأبحاث. وقد سبق «للجنة المغربية للتأليف والنشر» أن أصدرت سنة 1987 «فهرسا» بالأطروحات والرسائل التي نوقشت بمختلف المعاهد والكليات إلى غاية سنة 1982، وهو عمل مهم، ومحبذا لو توالى إصدار ما يعطي الفترة اللاحقة التي تضاعف فيها العدد المذكور. وحسبما أن نشير إلى أن «كلية الآداب بجامعة محمد الخامس» بالرباط وضعت سجلا يضم أسماء الباحثين الذين ناقشوا أبحاثهم وأطروحاتهم، وأن هؤلاء الباحثين المحصلين على المؤهلات الجامعية العليا في أبحاثهم موزعين حسب التقسيم التالي:
o في الآداب واللغات 500 o في التاريخ والجغرافية والاجتماع 350. o في الدراسات الإسلامية والفلسفة 150. وأن العدد المسجل والعامل حاليا على إعداد بحوثه لمناقشتها في هذه التخصصات وفروعها يضاعف أو يزيد على ذلك بنفس المؤسسة، فضلا عما يوجد في المؤسسات الجامعية الأخرى من مسجلين وباحثين مشرفين على هذه الدراسات. ونعود إلى تلخيص المعطيات السالفة، فنلاحظ أن أهم ما حققه البحث العلمي الذي يجري «بكليات الآداب والعلوم الإنسانية» على الخصوص هو إبراز الشخصية المغربية، تاريخا وفكرا وتراثا، إلى حد لا يمكن التقليل من شأنه، كما لا يمكن المبالغة فيه. فهذا البحث الذي يتجلى في مئات الدراسات والأبحاث المنشورة على الأقل يكشف عن أصول الشخصية المغرب وحضورها في التاريخ القديم والوسيط والحديث، كما يبرز مساهمتها الثقافية، وبهذا حقق هذا البحث العلمي تعميقا للشعور القومي بصورة تحفزنا للاستمرار في البحث من ناحية، والتنقيب وإعادة البناء، كما تحفزنا من ناحية أخرى على التفتح على العالم، والمساهمة في حضارته، مع الحفاظ على أصالتنا وشخصيتنا. وكان من نتائج البحث العلمي في أدب المغرب وتراثه أن كشف عن الصلات لقومية بيننا وبين الحركات الثقافية والحضارات العابرة من الشرق ومن الغرب، وكان من نتائج هذا البحث أيضا أن غير الصورة عن شخصيتنا لدى الآخرين، فقد كان المغاربة في عرف المشارقة، وإلى عهد قريب مجرد مستهلكين للإنتاج الثقافي المشرقي، فتغيرت هذه الصورة، إذ أصبح المغرب منتجا للثقافة وللبحث العلمي بصورة واضحة، يفسرها التزايد المستمر في الإقبال على قراءة الإنتاج المغربي في العلوم الإنسانية، وتزايد الاهتمام بما صدر في المغرب من دراسات وأبحاث. ومما ينبغي التأكيد عليه تميز الباحثين المغاربة في دراساتهم وأبحاثهم في اللغات والآداب والتاريخ والفلسفة نتيجة اصطناعهم للمناهج الحديثة في البحث العلمي بصورة متميزة، ونحن عندما نعلن ذلك لا نخدع أنفسنا ولا نغتر بما حققناه، لأننا نعلم أن الأشواط التي ينبغي أن نقطعها ما تزال طويلة ممتدة. ولكن الذي يعنينا في هذه الخلاصة أن الباحثين المغاربة استثمروا كل الوسائل والإمكانات التي وضعتها الدولة رهن إشارة البحث العلمي الجامعي، وأن هذه الإمكانات والوسائل استأثرت دائما بالأسبقية والأولوية خلال إثنان وخمسون سنة الأخيرة من لدن الدولة، التي تعتبر الإنسان المغربي بفكره وطاقاته المادية والعقلية وأهم ثروة يعتمد عليها المغرب في نهضته، وبناء شخصيته.
سكينة عشوبة طالبة وباحثة
|
|
2218 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|