أثناء ترأسها للجلسة العامة لمجلس النواب ظهرت النائبة البيجيدية، على غير عادتها، بنصف “فولار” أي بنصف غطاء رأس مع الدفع بجزء من شعرها الى ما فوق جبهتها، كما تكرمت السيدة النائبة واغدقت بالمزيد من المساحيق والطلاء على وجهها وبأحمر الشفاه على فمها، وكل هذا لترد على “برلمان.كوم” الذي نشر صورها متبرجة في باريس، ومد يده الى القناع الذي ظلت تغطي به حقيقتها ليكشفه للناس.
والغريب ان الجلسة التي ترأستها فاتنة الصحافة لم تحظ بكثير من حضور السادة النواب، بالرغم من ان الجو كان صحوا وعليلا، والدقائق تحولت فيه الى سنين.
نعم فقد حولت السيدة أمينة ماء العينين عشر دقائق الى عشر سنين، حين سمحت للنواب بالتوقف للصلاة، وكأنها بذلك اعلنت حالة استثناء بعثرة لسان، ولم لا؟ فالركود والجمود الذي تعرفه التجارة هذه الأيام يجعل الدقائق في عهد حكومة العدالة والتنمية سنين بالفعل، ورغم أن البلاد لم تعرف، منذ عشرات السنين، إضرابات للتجار كما عرفتها هذه الأيام، فقد فضلت كل الأطياف المكونة للحكومة التملص من المسؤولية وتبادل الاتهامات، بالرغم من أن قانون المالية الذي أثقل كاهل المواطنين بالضرائب، هو من صنع يد الحكومة.
وبالعودة إلى حقيقة “نصف الفولار” الذي غطت به النائبة البيجيدية رأسها، فإن الذي أفتاها في الرأي، كان أقرب إلى الغباء منه الى الذكاء، أي أنه نصف ذكي، كي نتفادى نعته بأنه نصف غبي، لأنه بهذه النصيحة انما يقدم السم في كأس عسل يهديه إلى حزب العدالة والتنمية، وقد كان الأجدر أن ينصحها بارتداء اللباس الصحراوي الأصيل، الذي لا يكشف كل الرأس، وحين يتساقط او تلهو به الريح فهو يزيد المرأة جمالا وإغراء، وبذلك سيكون للسيدة النائبة أن تضرب العصافير كلها بحجرة ناعمة، ومنها الوفاء لأصالة انتمائها للأقاليم الجنوبية، كما سيكون لها ان ترد، بقوة اللباس، على منتقديها من داخل حزبها، وعلى موقعنا الذي لم يتزحزح عن كون هذه السيدة اعتمدت الحجاب الديني للتأثير على عقول الناخبين، في حين ارتدت اللباس الحداثي لإرضاء صحبة المصاحبين.
ولا شك أن من أسدى نصف النصيحة للعزيزة ماء العينين، هو نفسه من نصح رفيقها، في الحل والترحال، المدعو جواد بنعيسي، ليخبر قراء الجريدة التي غيطت له، في حوار لا يسمن ولا يغني من جوع، انه يعتزم تأليف كتاب ليحكي فيه قصة علاقته مع ماء العينين…واااو!! يا له من دهاء، ويالها من عبقرية!!.
تصوروا معي كيف تتحول تدوينة صغيرة، يحكي فيها بنعيسي عن مدى إعجاب والدته بصديقته ماء العينين، إلى كتاب للعلم والمعرفة، يضم بين دفتيه عشرات الصفحات والمعطيات والمعلومات المفيدة؟ وكيف سيتسع صدر القارئ المغربي، ليقتطع من معيشه بضعة دراهم، كي يشتري بها هذا الكتاب العجيب، فقط، ليقرأ عن سر علاقة سريالية، جمعت بين نائبة “بيجيدية”مقبلة على الطلاق، وشخص يساري أفقره الفراق، وأنهكه العناق، و كثرة الأعناق. فهنيئا للمكتبات والخزانات الوطنية، لأنها ستستقبل قريبا كتابا يحوي من المعارف ما لم تحوه كتب الفكر العربي والإسلامي كلها، وليذهب الى الجحيم كل ما كتبه ابن رشد وابن طفيل وابن سينا، أمام الوافد الجديد “ابن عيسي”، وأمام مجلده الذي سيقلب موازين الفكر والمعرفة، ويطوي صفحات كل النظريات التي تخبط فيها محمد عبده، وجمال الدين الافغاني ورفاعة رافع الطهطاوي، وقاسم أمين، وأحمد أمين، وعباس محمود العقاد، وطه حسين، وسيد قطب، ومحمد الغزالي، وسلامة موسى، وغيرهم كثير..
وقيمة المرء ما قد كان يحسنه
والجاهلون لأهل العلم أعداء
ولعل العارف بخبايا وأسرار الفتن والملذات، سيحكي لنا في الجزء الأول من كتابه القادم، تفاصيل اللقاء الأول الذي جمعه بالسيدة النائبة المحترمة، ولم لا؟ فقد سبقه شوقي فحكى القصة كاملة في بيت واحد:
نظرة فابتسامه فسلام
فكلام فموعد فلقاء
أما الجزء الثاني، فسيحكي لنا عن خبايا وأسرار الصورة الاولى في شارع “دوكليشي”،أمام ملهى “الطاحونة الحمراء”، حيث يحلو الكفاف والعفاف، و”الغناء”على الناس، كما هي في بيت شوقي من نفس القصيدة:
وعلينا من العفاف رقيب
تعبت في مراسه الاهواء
وفي الجزء الثالث، سيكشف لنا بنعيسي حقيقة العلاقة وهل”هل بينه وبينها أشياء”، وهي كما رواها شوقي:
إن رأتني تميل عني
كأن لم تك بيني وبينها أشياء
أما في الجزء الرابع، فسيستحضر المعالم الفكرية، والفتاوي الفقهية، في قضايا خلو الرجل بالمرأة، وحكم المقبلة على الطلاق، وشهور العدة وما تبقى من الصداق، ليصل بنا الى الخلاصة التي وصل اليها أحمد شوقي في نفس القصيدة:
فاتقوا الله في قلوب العذارى
فالعذارى قلوبهم هواء
احك ياشهريار، احك لشهرزاد.. واحك ياجواد، احك للعباد..فأنت ستقلب كل الموازين والأفكار..وستخلط اليمين باليسار.. وستجعل كل الأمواج ناعمة تحت التيار..
لا فض فوك يا جواد، ولا شل سيفك ياعنترة القبيلة، فسيفك هو من أسقط القناع، وكشف الخداع، وعرى الرعاع.. سيفك هو من خلع الحجاب، وكشف النقاب، وأبعد العتاب.. وسيفك ياجواد أعتى من قلم بوعشرين، وساقك لا تحتاج الى تدليك كما هي ساق يتيم، واشياءك لا تحتاج الى مساعدة للقذف او التقذيف، كما لا يحتاج افعالك الى تصريف، ولا قواربك الى تجديف..
وأخيرا، وسيرا على كتاب توفيق الحكيم “يوميات نائب في الأرياف” نقترح لكتاب جواد بنعيسي عنوان “يوميات نائمين على الأطياف”، أو “يوميات فارسة فوق جواد”
أما نظرية “نصف فولار” وسبل تطبيقها السياسي والاجتماعي داخل حزب العدالة والتنمية، فهو موضوع مقال آخر، إن شاء الله.
أبو أمين