في أعقاب موقعة الطاحونة الحمراء، برز إلى السطح انشقاق على مستوى قماشة الراس المعروفة بالحجاب، حيث اصبح الجناح "الحداثي" في الحزب يعبر عن تحرره بطريقة "القماشة النصفية" التي تغطي طرفا من الراس وتترك طرفه الأمامي حاسرا، ويمكن ادراج هذه الظاهرة في سياق احتراب بين جناح الأورثوذكسيات المتشددات في الحزب والجناح الجديد الذي تقوده ماء العينين والذي بدأت تتبلور مظاهره اكثر عندما ظهرت النائبة بمساحيق مضاعفة وبودرة فاقعة على الوجنتين في رسالة واضحة الى تلك الأخوات اللواتي لا يكففن عن غمزها ولمزها في ثنايا تدويناتهن.
وهي بهذا المظهر المبهرج - الذي يكرس مزيدا من التناقض واللامعنى واختلال المنطق في ثنائية الحجاب واللاحجاب في جسد واحد - ترضي الجانب الايديولوجي الرجولي الوقور للمرأة الاخوانجية فيها بقدر ما ترضي الجانب الأنثوي المحب للزينة والحياة والموضة في الأنثى عموما.
ويبدو أن اقتحام النائبة الموقرة آمنة ماء العينين لمبنى البرلمان وجلوسها تحت القبة لتدير الجلسة كان فيه قدرا لا يستهان به من الجسارة والإصرار على مواجهة العموم بعد سكوت العاصفة، ولا ريب انها أمضت الليلة السابقة للجلسة وهي تستعد نفسيا ووجدانيا لملاقاة عيون أقرانها وزملاءها في البرلمان التي لا شك كانت تحمل لها كثيرا من الرسائل الخفية و ذات المعنى.
لكنها رغم ذلك وقعت في زلة لسان عندما رفعت الجلسة لعِقدٍ من الزمان، والحق ان عالم النفس فرويد لا يُؤْمِن كثيرا بزلات اللسان، لانه يراها تعبيرا باطنيا لما يعتمل في نفس الانسان ودواخله التي يحاول كتمها وتأبى الا ان تعرب عن نفسها في شكل زلة لسان. والذي يمكننا قراءته من الحادثة الطريفة هو ان السيدة النائبة كانت فعلا تتمنى لو تدوم فترة الاستراحة لزمن طويل، طويل جدا، يصل إلى عشر سنوات، فلا تعود الى مقعدها في البرلمان الا وقد طوى واقعة المولان روج النسيان.
طه لمخير