نشرت الأوبزرفر موضوعا لسايمون تيسدال بعنوان "هل يتسبب الفقر والغلاء والاحتجاجات في ربيع عربي جديد؟". واعتبر تيسدال أن ما يحدث في السودان يشبه كثيرا ما يجري في دول عربية اخرى خلال الأسابيع الماضية مثل المغرب والأردن ولبنان وليبيا وهو ما يؤشر على غليان سياسي، مضيفا أنه ومرة اخرى فإن فشل الحكومات في الاستجابة المبكرة لمطالب الشعوب وتطلعاتها يؤدي إلى الوصول سريعا إلى مرحلة حرجة.
المقالات والدراسات في الغرب لا تصدر عفو الخاطر ولا عن تأملات حرة، وإنما هي جزء من الجغرافية السياسية، وتكون في الغالب الأعم تمهيدا لقرارات سياسية تصدر هنا وهناك في الغرب، الذي ظل يدير دفة ما سمي الربيع العربي.
كنا واضحين منذ البداية. هناك مطالب مشروعة للشعوب والاحتجاجات مشروعة، وكان جلالة الملك محمد السادس أول المستمعين لمطالب الشارع التي استجاب لها وزاد عليها في خطاب التاسع من مارس، الذي كان من الممكن أن يكون سابقا للخروج أصلا لأنه كان ينتظر استكمال الدراسة حول الجهوية المتقدمة. لكن في الوقت ذاته كنا ضد هذا الربيع لما توفر لدينا من معلومات حول طبيعته باعتباره هو خدمة لأجندات مرسومة.
اليوم يتحدث الباحث البريطاني عن ربيع عربي جديد. ونحن نتساءل بدورنا هل ربيع عربي جديد أم أجندات متجددة؟
رعاة الربيع العربي استطاعوا التأثير على المجتمعات وتمكنوا من إحداث تحولات وتغيرات في التماسك الاجتماعي، لكن فشلوا في تحقيق الأهداف الاستراتيجية المرسومة. وبالتالي يحاولون إعادة تدوير العديد من القضايا للعب ما تبقى من أوراقهم، وإن كان الأمريكي اليوم يشعر باليأس التام معبرا عن ذلك بتفويض حركة طالبان الإرهابية تدبير الملف الأفغاني.
لن يقنعنا الباحث بأن هناك ربيعا عربيا في الأفق، ولكن هناك أجندات متجددة يتم التخطيط لها أو هي في طور التنفيذ بأشكال مختلفة.
لا يمكن أن تنطلي حيلة الربيع العربي على الفاطن والمتعقل، ونحن الذين لم نؤمن بهذا الربيع من بداياته الأولى كيف لنا أن نصدق هذا الكلام بعد أن اتضح أن الحراك المذكور تم التخطيط له في معاهد متخصصة تابعة لأجهزة مخابرات دولية، وهي معاهد مشبوهة تم الإفصاح عنها، موجودة في هنغاريا ودول أخرى. ولن نقتنع بعد أن اتضح أن الفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي، الذي كان عرابا للثورات، هو مجرد باحث عن الامتيازات، ولما خرجت السترات الصفراء قال: أكره هذا اليوم الذي خرجت فيه السترات الصفراء وودت لو لم أكن لفرنسا وأعيش بها. إذن هي ثورات ملعوبة كان الغرض منها تدمير البلدان العربية، وقد كان لهم ما أرادوا من حيث القضاء على بنيات ومؤسسات، لكن بما أن الهدف الاستراتيجي لم يتحقق يتم اليوم تدوير المفاهيم والتنظيمات والكيانات بما فيها القاعدة وداعش للعب أدوار أخرى في أجندات متجددة.