يبدو أن أمينة ماء العينين قد رفع عنها القلم وهي تترأس مجلس النواب، وتطلب في سرها الله "يدوز هاذ، البريكول على خير". هو "بريكول" ما في ذلك شك، وحزب البيجيدي منذ سبع سنوات "قاضي الغرض" في الحكومة والبرلمان ومجالس الجماعات والعمالات والجهات، ويعرف من أين تؤكل الكتف.
ظهور ماء العينين بالدوزان ديال الخدمة بمجلس النواب قطع الشك باليقين بأن هذا الحزب بينه وبين الإسلام إلا الخير والإحسان. لقد "ثعلبوا" الدين وحولوه إلى بطاقة بنكية ممغنطة، ويوظفون الآيات القرآنية لتسمين أرصدتهم المالية ولمراكمة التعويضات والمناصب.
ماء العينين التي ظهرت في باريس بتلك الصور "المريعة" كامرأة متحررة من أي لبوس ديني وخارج سياق الكوابح الأصولية التي تفرض عليها ارتداء زيّ هو في الحقيقة ما رفع من مستواها الاجتماعي وجعلها تترقى في سلّم نساء المجتمع الراقيات. لكن "ألبوم" صور باريس الذي سقط "سهوا" من حقيبة يدها وعثر عليه "أصحاب الحسنات" ممن في قلوبهم غلّ ونعرة حقد وحسد وغيرة من نجاح امرأة "طموحة" استطاعت أن تقفز فوق الحواجز مثل فرس جامحة!!
لكنّها صور كشفت انفصاما خطيرا و"شيزوفرينيا" متقدمة وحادّة في شخصية ماء العينين التي تظهر بشخصيتين في جسد واحد ومكانين مختلفين. ماء العينين التي تظهر في المغرب "راهبة" من "راهبات" العدالة والتنمية، سليطة اللسان، حادة الطباع، ثرثارة، متزمّتة، نظرتها إلى الحياة منغلقة ومؤطرة بالخطوط الحمراء. شخصية ماء العينين التي ظهرت في فرنسا، أو بالأحرى بالمولان روج بباريس، تقدم لنا مثالا لسيدة متحررة، ومتمردة على كل القيود الوضعية، متصالحة مع جسمها، قد ترتدي سروال "الجينز" الضيق و"تيشورت" شبابيا، وحذاء رياضيا، و"ميني جيب"... قد لا تغطي شعرها، وتلبس نظارة شمسية، وتعانق تمثال السيدة مريم العذراء في قلب كنيسة دون أي إسقاطات مذهبية أو أفكار رجعية أو كوابح دينية. وقد تمشي بكل كبرياء وأنفة وخيلاء بحي "بيغال" السّاخن، ولا يحرجها التقاط صورة أمام "كاباريه" المولان روج.
هذه هي ماء العينين التي تتصارع بداخلها شخصيتان، فأيّهما شخصيتها الحقيقية؟
هذا هو الجواب الذي كان ينتظره المغاربة من خلال ظهورها بمجلس النواب اليوم، لكنّ ماء العينين فضّلت أن يظل هذا الجواب مؤجلا… إلى متى؟ وحدها من تملك سلطة "التخلّص" من إحدى هاتين الشخصيتين للتصالح مع ذهنها الشّارد، خاصة مع تناسل الفضائح وتسريبات الصور.
وخير دليل على شرودها وانتكاسة ذهنها هو زلة لسانها في ختام رئاستها لمجلس النواب، حيث قررت رفع الجلسة لعشر سنوات لأداء الصلاة!! هكذا ما قالته بالحرف، وزلّة اللسان كما يقول "الشيخ" الجليل سيغموند فرويد تفضح المشاعر والرغبات المكبوتة في العقل الباطني. فابحثوا عما هو مدفون في "العقل الباطني" لأمينة ماء العينين التي كانت جالسة في مكان لحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، وكأنها جالسة على الجمر، إلى درجة أنها ترغب في رفع جلسة البرلمان لعشر سنوات!!
ولا شكّ أن هذه علامات غير مطمئنة وتنذر بدخول أمينة ماء العينين إلى منطقة مظلمة في ذاتها، وتعيش شتاتا نفسيا قاهرا، خصوصا بعد ظهور صورتها مع تمثال السيدة مريم العذراء. كان على أمينة أن تواجه كل هذه الزوابع النفسية والفضائح بالاعتراف بأنها أجرمت في حق المغاربة بتمثيل شخصية "المتطرفة الدينية"، وهذا ما عكسته الصور التي تقول العكس، وتقول إنها شخصية مقبلة على الحياة في باريس، ودودة، تحب أن تتلذذ بالدنيا، تلبس الملابس القصيرة. لكن هذه الشخصية التي تحب الانفتاح على الحياة بكل متعة وحرية، ليست هي الشخصية التي تعيش، بوجه متجهّم، وحاجبين عابسين يكرهان الحياة، ولسان يخيط أفواهنا بمخيط المنع والتحريم!!
فمن نصدّق ورب الكعبة؟!