مسكين بول باسكون... فسيكون المدرج الذي يحمل اسمه بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، مرغما على استقبال محاضرة تحت عنوان: " الإيمان والتوبة"، يؤطرها شيخ وقارئ للقرآن الكريم...
هكذا سينقلب الدرس السوسيولوجي، والبحث الزراعي، من تحليل الظواهر الاجتماعية إلى التنقيب في الظواهر القلبية، لأن الإيمان في القلب، ولا يطلع عليه إلا الله سبحانه وتعالي.
لذلك لا غرابة أن يصيب فلاحتنا البوار، مادام الذين يفترض فيهم أن يكونوا مهندسي زراعة الأرض، يهتمون أكثر بزراعة الإيمان، رغم أنه جاء في القرآن الكريم: " فمن شاء فيؤمن و من شاء فليكفر"، وهي الأية التي استشهد بها كبيرهم ( عبدالإله بنكيران) في التأكيد على أن الدين يدافع عن الحريات الفردية، في سياق تبرير فضيحة آمينة ماء العينين، التي نزعت عنها الحجاب في "المولان روج".
طبعا، في الوقت الذي يفترض في طلبة بمعهد لتكوين المهندسين الزراعيين والطبوغرافيين و الأطباء البياطرة، أن ينفتح على العلماء في المجال لتحقيق الأمن الغذائي، إذا بهم يصرون على تحويل مؤسسة علمية لملحقة لنشر الدعوة، و سبر أغوار مسالك الإيمان.
لقد لخص الرسول (ص) مفهوم الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بارزا للناس، فأتاه رجل فقال يا رسول الله ما الإيمان؟ قال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتابه، ولقائه، ورسله، وتؤمن بالبعث الآخر"، قال: يا رسول الله ما الإسلام؟ قال: "الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان". قال: يا رسول الله ما الإحسان؟ قال: "أن تعبد الله كأنك تراه فإنك إن لا تراه فإنه يراك".
و في خضم كل هذا يبدو أن السيد أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات والتنمية القروية، الذي يطمح حزبه إلى تصدر الانتخابات في 2021 قد سلّم مفاتيح المعاهد التابعة لوزارته لحزب العدالة والتنمية، الذي حولها إلى بؤرة للاستقطاب، ونشر الدعوة، في فضاءات غير مخصصة لها أصلا، كما يبدو أن فريقه الإعلامي، ومستشاريه، لا يتابعون ما يجري في البلاد، من تمطط للفعل الدعوي داخل مؤسسات يحدد القانون المهام الموكولة لها... لكن لا حياة لمن تنادي.